1- في الفكر العربي الإسلامي :
• عند ابن عربي () : كان " ابن عربي " أول من أدخل مصطلح " الإنسان الكامل " في " الفكر الصوفي " ، و العربي الإسلامي عامةً ، ولكن الكمال الذي يوصف به الإنسان هنا لا يعني ما يتبادر للذهن من مدلولات أخلاقية ، و إنما في مدلولات إنطولوجية وجودية و غنوصية معرفية و نظرية " الإنسان الكامل " في الحقيقة نظرية في الكلمة ( Logos ) يمكن التميز فيها بين ثلاثة جوانب رئيسية(1) :
1- فعلى الصعيد الأنطولوجي الميتافيزيقي : يميز " ابن عربي " بين 03 أنواع من الموجودات في كتابه " الفتوحات المكية " و" إنشاء الدوائر" :
- ما يتصف بالوجود لذاته ، و ما يشكل أصل موجودات كلها ، و هو " الوجود المطلق " أو الإله
- ما يوجد بوجود المطلق، فلا وجود له بدونه و ذلك هو " الوجود المقيد " أو العالم المادي.
- ما يوجد بين الموجودين المذكورين و هو " الحقيقة الكلية " أو " حقيقة الحقائق " وهذه الكلمة بدورها ترادف " الإنسان الكامل" « الإنسان الكلي " أو " الكلمة الجامعة، أو الحقيقة الكلية «، و هي لا توصف بالوجود و لا بالعدم و لا بالحدوث و لا بالقدم.
2- و الإنسان الكامل على الصعيد الكوسمولوجي ( الكوني ) : هو العالم بما فيه الإنسان ، و العالم يتطور ليبلغ أوج كماله في الجنس البشري ، و الإنسان يجمع في ذاته كل ما في العالم من الأشياء و العناصر الأربعة حتى المعادن و النباتات و الحيوانات ، و بذلك يكون الإنسان (عالماً صغيراً) و العالم ( إنساناً كبيراً ) كما قال " ابن عربي " في كتابه (الفتوحات المكية ) .
3- في منحاها العرفاني النبواتي : تمثل الكلمة أو الإنسان الكامل (الحقيقة المحمدية ) التي يعني بها حكماء الصوفية مبدأ كل و حي و كشف و أصل كل معرفة باطنية . و كل شيء في الكون هو عند الشيخ الأكبر و أتباعه ، ( كلمة) من كلمات الله ، بحيث يكون العالم كله بمثابة " قرآن كبير " و هذا التصور للعالم " كقرآن كبير " يتيح " لابن عربي" مد جسر من الكلمة الكلية إلى النبي محمد (ص) فما هو في الحقيقة إلا القرآن نفسه. " فمن أراد أن يرى رسول الله (ص) ممن لم يدركه من أمته فلينظر إلى القرآن ، فإذا نظر فيه فلا فرق بين النظر إليه و بين النظر إلى رسول الله (ص) " كما قال " ابن عربي " في كتابه (الفتوحات المكية ).
وهذا ما يعكس إن الولاية عند " ابن عربي " و أغلب الصوفية هي غنوص (عرفان ) ، معرفة باطنية ، و ليس تقوى و ورعا .
• أما عند الشيخ عبد الكريم الجيلي() :
فإنه يشرح فكرة " الإنسان الكامل " من منطلق فلسفي موضحاً العلاقة بين الحق و الخلق بين الوحدة الحقيقة و الكثرة الخلقية أو ما يسميه بمنطق آخر و " وحدة الذات " ، و التي أكمل تجليلها بالطبع في الإنسان عموماً و خصوصاً هو النبي محمد رسول الله (ص) و خلفاؤه و هو في نظره أكمل تجلي أو مرآة أو مظهر من مظاهر الذات الإلهية بكاملها من حيث أفعالها و أسمائها وصفاتها (2) .
كما نجد أن الشيخ " عبد الكريم الجيلي " قد يشترك مع الشيخ الأكبر في جانب من الجوانب مدلولات الكامل و على الصعيد الأنطولوجي الميتافيزيقي ، فهو يرى أن الحقائق الوجودية الحقيقية و الخلقية موجودة في كل إنسان بالقوة ، و في الإنسان الكامل بالفعل لأن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي حمل أمانة هذه الحقائق فكان خليفة الله في أرضه و خاتماً على مملكته و في هذا المعنى يرد قوله تعالى { إني جاعل في الأرضي خليفة } (3) ، و قوله صلى الله عليه و سلم : " إن الله خلق آدم على صورته " ، و هذا كله نجد إن منطلقه هو شرح لاسم الله بدلالة إن كل شيء له علاقة بالإنسان هو في الأصل الله ، و هو منسوباً إليه بطريقة المجاز فعلمه مثلاً علم الله فعلمه لله بطريقة طريق الملك و التحقيق قال تعالى : { و الله خلقكم و ما تعلمون } (4) ، بل وحتى الخلق الإنساني منسوباً أيضاً له مجازاً لأن الله هو الذي يخلقه ، و هو لله تعالى بطريق ودلالة ذلك قوله تعالى { إنما تعبدون من دون الله أوثاناً و تخلقون إفكا } (5) ، و منه الخلق لله بطريقة الملك و النسبة ، لأن الله تعالى هو حقيقتهم الباطنية أي من حيث الإمداد مصداقاً لقوله تعالى { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } ( 6 ) .
كما يضيف الشيخ عبد " الكريم الجيلي " إن لله مجلي صورهم الظاهرة - أي الخلق - أي من حيث الإمساك ، مصداقاً لقوله تعالى { إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا }(7) ، فهو المرآة " الذات " و ما ظهر فيها من صورة " الصفات " فما ثم موجود غيره من حيث كونه واجب الوجود ، و هذا هو معنى وحدة الوجود الحق (8) ، و لأن الحق تعالى أوجب على نفسه أن لا ترى تجليات أسمائه و لا صفاته إلاّ في الإنسان الكامل ، و هذا معنى قوله تعالى { إن عرضنا الأمانة على السموات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقنا منها و حملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً } (9) .
و انطلاقاً من الحديث الشريف الذي يورده عاصم إبراهيم الكيالي الحسني الشاذلي الدرقاوي القائل : " كنت نبيا و آدم منجدل في طينته "و قول رسول الله ( ص) في جوابه على سؤال جابر رضي الله عنه : " أول من خلق الله نور نبيك من نوره " ، و هنا يتجلى لنا ذلك البعد الديني في خاصيته التاريخية التي تبين لنا إن الحقيقة المحمدية تجلت بكاملها في الإنسان الكامل " آدم " ثم في الأنبياء و الرسل و آخرهم النبي محمد - صلى الله عليه و سلم - ثم تجلت في خلفائه أو وراثه و هكذا لا يخلوا الزمان من واحد منهم إلى يوم القيامة .
و تبقى " الحقيقة المحمدية " نور بطون الذات في الذات به يتواصل الخلق إلى معرفة الحق ، فالشيخ " عبد الكريم الجيلي " يشير إلى أن الوصول إلى الله على الكمال هو الوصول إلى حقيقة الإنسان الكامل أي - الحقيقة المحمدية - و ورثها الكمل لأنه هو الدال على الله على الكمال(10) ؛ مصدقاً لقول الله تعالى { و إنك لتهدي إلى صراط المستقيم } (11) .
• و عند الشيخ العامري :
يعتبر " العامري " الإنسان أحد موجودات العالم الطبيعي و يظهر هذا من خلال تعريف له بأنه : " حيوان ناطق ميت " ، أما " أرسطو " فقد عرفه بأنه : " حيوان ناطق " و لفظ ميت أورده بعض شراحه مثل " تامسطيوس " ، و " أمونيوس " في شرحه لكتابه " العبارة " ، مما يشير إلى أن " العامري " في تعرفه على الفلسفة اليونانية قد اطلع عليها مباشرةً ، أو من خلال الشروح الوسيطية(12) .
كما نجد أن " العامري " تأثر بفلسفة " أفلاطون " حيث أنه يذكر تعريفه السابق للإنسان عن " أفلاطون " في كتابه " السعادة و الإسعاد " و هو ما قال به كثيرون من بعده " الكندي و ابن مسكوية " فيقول هذا الأخير : " إن تمام جوهر الإنسان انه حي ناطق مائت " ، في ( رسالة الحيلة لدفع الأحزان ضمن رسائل فلسفية ، تح : عبد الرحمان بدوي ، دار الأندلس ، بيروت 1980 ، ص 28 ) .
و تكرر نفس التعريف عند " فرقة إخوان الصفا " و " ابن سينا ؛ و " العامري " نجده يقسم العالم إلى العالمين ما فوق فلك القمر و عالم ما تحت فلك القمر ، و ينتظم في هذه العالمين موجودات يضعها في خمس مراتب منها يضع الإنسان في مراتب موجودات العالم السفلى ( في كتابه في المعالم الإلهية، ضمن رسائل العامري ، ص 364 ) و هو كتاب في علم الكلام .
و ما دام مقصودنا الإنسان في فكر " العامري " نجده ينضم إلى الموقف القائل جوهر الإنسان على الحقيقة هو نفس ناطقة ، ويمكن إرجاع هذا الاتجاه إلى مصدر مؤثرين أحدهما ديني و الآخر فلسفي ، و كما هو وارد في كتابه ( الأمد على الأبد ، ص 89 ) .
إن الإنسان على الحقيقة هو النفس الإنسانية ، و عن علاقة النفس بالجسد يرى أن الطبيعية الإنسية ، أي الجسد الإنساني مشاركة للحيوانات كلها في الجسمية ، و في القوى الطبيعية و في قوى النفس الجسمية ، تم تنفصل عنها النفس النطقية ، فهي لا توصف بالإنسانية إلا لهذه .
" فالعامري " في مصدره هذا يرى أن النفس الناطقة هي التي تميز الإنسان عن جملة الحيوانات، و من هنا كان حريصا على ذكره هذه الصفة في تعريفه : " إن الجوهر الإنسي ... حقيقته أنه حيوان ناطق " ، كما هو وارد في( رسالة القول في الإبصار و المبصر ، ضمن الرسائل الفلسفية ، ص 421 ) " للعامري " .
و في نقطة أخرى يذهب " العامري " إلى القول بأن : " الإنسان الحقيقي " - الذي هو على حد فهمنا له بمثابة " الإنسان الكامل " - هو الذي يكتمل جوهره بالعلم و العمل كغرض للمعرفة فيقول : " العقل المختص بالجوهر الإنسي هو أن يعرف الحق و يعمل بما يوافق الحق " ، ( العامري ، الإعلام ، ص 73 و أيضاً التقدير لأوجه التقدير ، ص306 ) ، فالمعرفة ليست نظرية بل هي نظرية و عملية فهي علم و عمل هذا و إن كان " العامري " يرى ضرورة أن يسبق العلم العمل لأن العلم هو الذي يحدد شروط و أسس العمل السلمية (13) .
و من هنا نربط العلاقة بـ" الشيخ الأكبر " الذي مارس التصوف عملاً ، محاولاً بذلك تجسيد المعرفة كما تصورها و رآها سبيلاً إلى تحقيق الكمال ، و منه يكون الكمال عند " ابن عربي " إلى جانب كونه ثمرة من ثمار المعرفة فكراً و ممارسة ذا مظهر وجودي و آخر قيمي و أخلاقي و بهذا يتضح كمال الإنسان عند " الشيخ الأكبر " من خلال تعرضه إلى الإنسان و مكانته في العالم و علمه و معارفه و قيمه الأخلاقية و الجمالية (14) .
• عند كارل ماركس :
يعتبـر " كارل ماركس " أن الطبيعة تشكل نقطة انطلاق التطور الإنساني ، فالإنسان هو جزء من الطبيعة ، و هو لذلك بحاجة إليها كشرط طبيعي لوجوده ، Marx , Manuscrits de, 1844. ) .Cit. p , 61) OP ، و هذا معناه إن جوهر الإنسان مخالف على ما هو عليه عند الصوفية و فلاسفة الإسلام أنه جوهـر مادي محض ، أما إذا تعلق الأمر بالكمال ، فهو عند " ماركس " ضرورة تكامل بين طبيعتين ليس بالجوهرين المختلفين الإنسان و الطبيعة بل هما كل متكامل ، و عندما يتعلق الأمر بالعمل ، فهو عند " ماركس " ضرورة طبيعية للوجود البشري ، حيث إن صيرورة الإنسان هي في الوقت ذاته صيرورة طبيعته البيولوجية و جوهره الاجتماعي ؛ فالعمل أوجد الإنسان نفسه و طور قواه أيضاً ، إذ أنه بفضل العمل وحده ارتقت اليد الإنسانية ، إلى مستوى رفيع من الكمال (15).
و الإنسان ليس مجرد بل هو كائن اجتماعي أيضاً ، لكن " ماركس " نجده يفسر هذا أيضاً من منطلق طبيعي – مادي - فالنزوع إلى تكوين كيان اجتماعي لدى المجتمع البشري إنما نشأ أثناء الانتقال من مرحلة جمع المواد الجاهزة إلى مرحلة إنتاج شيء جديد ( الإنتاج المادي ) (16) ، و في هذا تتجلى أسمى صور " الكمال الطبيعي " ( المادي ) بين ( الإنسان ، العمل ، المجتمع و الطبيعة ) و في التفاعل هذه الرباعية المادية للإنسان يتجلى لنا ذلك الإنسان الكامل في فكر " كارل ماركس " و الماركسية عموماً . (Manuscrits , OP- cit , p 92) .
و من شرحنا لهذه الأبعاد الرباعية لفكرة " الإنسان الكامل " عند " ابن عربي " ، " شيخ عبد الكريم الجيلي " ، " العامري " و " كارل ماركس " من الناحية النظرية التي ربط كلاً حسب خصوصيته بالجانب العملي يجدر بنا أن نتساءل عن :
- ما هو الدور الذي لعبته الصوفية أو الطرق الصوفية في المجتمع أو في ظل تغييراته الراهنة ؟ سواء من الناحية ( الاجتماعية، السياسية، الأخلاقية و الدينية... ) ؟.
I. تجليات الدور البعدي عن فكرة الإنسان الكامل :
يهمنا هنا أن نقف عن الاتهامات التي يوجهها النقاد عادةً إلى المتصوفة و التي يذهبون فيها إلى أن التصوف ليس إلى حالة للهروب من مسؤوليات الحياة و واجباتهم الأخلاقية تجاه إخوانهم من البشر، و أن مثلوا بالتصوف الهندي " بوذا " ، فهذا تعصب من النقاد الغربيين ضد صوفية الشرق"، و المثل الأوضح يضربه " ولترستيس " " بغاندي" الذي هو النموذج الأول للعقلية الهندية ، و ما كـان لـه من نشاط روحـي و سياسي و اجتماعي في طول البلاد و عرضها (17).
و كما نجد أن الصوفية كتجربة تدعو إلى مبدأ الحب الذي هو مبدأ من مبادئ الأخلاق ، و نحن هنا لا نزعم أن التصوف مصدر الأخلاق ؛ و إلاّ كيف نفسر غريزة حب الحيوان لمولوده بل على نحو تلمس الطريق على نحو اختفاء الفردية في الذات الكلية الذي هو جزء من ماهية التصوف ، الذي يعكس منطق العمل عند الصوفية ، و هذا ما أراد أن يشير إليه "و لترستيس" نفسه مما قاله يبن أن دور التصوف في الحياة خيري عملي (18).
و لقد حدد الأستاذ " محمد داود " الدور الذي لعبته الصوفية (19) انطلاقا من شروط العمل عندهم وهما شرطان حتى يقبل العمل، أولا : أن يقصد به وجه الله عز و جل ، ثانيا : و أن يكون موافقاً لما شرعه في كتابه أو يبينه رسوله في سننه ، و يدل على ذلك قوله تعالى : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربه أحد } (20) ، و تؤكد هذه الآية الكريمة السنة الشريفة بهذا الأثر المشهور الذي يوضح موقف أمير المؤمنين " عمر ابن الخطاب رضي الله عنه - عن العمل حيث قال : " لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق و يقول اللهمّ أرزقني ، فقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا و لا فضة " و في هذا كله تجسيد الصوفية لعدة أدوار :
1- الجمع بين التنمية الروحية و المادية :
و هذا من منطلق عمل الوالي أو شيخ الطريقة وعمل الإنسان لتحقيق عبودية الإنسان، لقوله تعالى: { و ما خلقت الجنس و الإنس إلا ليعبدون } (21).
2- تحقيق التنمية الشاملة:
و هذا ما عملت جل الطرق الصوفية على تحقيقه لاسيما في القارة الإفريقية (22) من خلال التنمية الروحية للفرد و للمريدين ، و من ناحية أخرى مساهمة في حركة الجهاد الإسلامي مثل مشاركة بعضهم في معارك الصليبيين نذكر ( أحمد البدوي – إبراهيم الدسوقي – ابن الحسن الشاذلي رضي الله عنهم ) ، و في حروب التتار أشترك أئمة الصوفية مع ( الظاهر بيبرس ) في دحضهم و في معارك القسطنطينية و في شمال الهند في مواجهة الاستعمار الإنجليزي في كشمير (23) ، و في الجزائر أبان فترة الاستعمار (24) .
3- دور الصوفية في نشر الدعوة الإسلامية :
لاسيما في غرب أفريقيا ، و يغزي استمرار اعتناق الزنوج في غرب إفريقيا للإسلام إلى اتصالهم الدائم بإتباع الطريقتين القادرية و التيجانية التين وصلتنا من شمال إفريقيا ( محمد علي أبو ريان ، الولاية الروحية في التنمية ، ( ص 318 – 319 ) .
4- دورها في نشر العلم :
و هذا من خلال الزوايا في عصورها التاريخية مثل استخدامنا للكتاتيب إلى مطلع القرن 20م في تحفيظهم أطفال مسلمين القرآن و تعلمهم تفاصل العبادات.
5- دورها في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية :
من خلال نبذ الخلافات بين المسلمين و التبشير بالحب الشامل بين أفراد كل الجماعات الإسلاميـة... و محاولة حل مشكلات المسلم المعاصر الاقتصادية و الاجتماعية و السكانية و الصراع بين الطبقات و تثبيت حقوق الإنسان (25).
خاتمة :
من خلال طرحنا لفكرة الإنسان الكامل عند الصوفية خصوصاً ، و عند الغرب على وجه الإضافة ، نجد في الفكر الصوفي العربي الإسلامي بعداً إنسانياً يتجه إلى التوحيد بين الأديان و إلى القول بوحدة وجود أحياناً على نحو ما فعل " ابن عربي " الذي قال : " عقد الخلائق في الإله عقائداً ، و أنا اعتقدت جميع ما اعتقدوه " ؛ و هو القائل :
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي إذا لم يكن ديـنه إلـى دين دان
فأصبح قلبي قـابلاً كل صورة فمرعى لغزلان وديـراً لرهبـان
و بيتاً لأوثان ، و كعبة طـائف و ألواح توراة ، و مصحف قرآن
أدين بديـن أنـى توجهــت ركـائبه فالحب دينـي و إيماني
هوامش وإحالات:
1- سعدييف أرثور و توفيق سلوم ، الفلسفة العربية الإسلامية ، دار الفارابي ، ط 2 ، الجزائر ، 2001 ،
( ) - عبد الكريم الجيلي : ( 767هـ/1365 م – 811 هـ / 1408م )أحد أحفاد عبد القادر الجيلالي المشهور له كتاب سماه " الإنسان الكامل " و هو واحد من صوفية القرن 8هـ .
2- عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي ، الإنسان الكامل ، تق و ضب و تص ، و تع : عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني الدرقاوي ، ط 2 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 2005 ، ص 03 .
3- سورة البقرة ، الآية 30 .
4- سورة الصافات ، الآية 96 .
5- سورة العنكبوت ، الآية 17 .
6- سورة البقرة ، الآية 20 .
7- سورة الفاطر ، الآية 41
8- الإنسان الكامل ، الشيخ عبد الكريم الجيلي ، ص 18 .
9- سورة الأحزاب ، الآية 72 .
10- الإنسان الكامل ، الشيخ عبد الكريم الجيلي ، ص 20 .
11- سورة الشورى ، الآية 52 .
12- منى أحمد أبو زيد ، الإنسان في الفلسفة الإسلامية ، دراسة مقارنة في الفكر العامري ، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ، بيروت ، ط 1 ، 1994 ، ص 18 .
13- المرجع نفسه ، ص 116 و ما بعدها .
14- أنظر ، خميستي ساعد ، نظرية المعرفة عند ابن عربي ، دار الفجر للنشر و التوزيع ، القاهرة ، ط1 ، 2001 ، ص ( 385-365 ) .
15- عباس فيصل ،الفلسفة و الإنسان ، دار الفكر العربي ، بيروت ، دط ، 1996 ، ص(29–36).
16- المرجع نفسه ، ص 35 .
17- ولترستيس ، التصوف و الفلسفة ، تر و تق : عبد الفتاح امام ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، دط ، 1997 .
18- المرجع نفسه ، ص 404 و ما بعدها .
19- داود محمد ، منهج التربوي العلمي عند الصوفية ، مكتبة ومطبعة الإشاعة الفنية ، ط1 ، 2002، ص 63 و ما بعدها.
20- سورة الكهف ، الآية 110 .
21- سورة الذاريات ، الآية 56 .
22- راجع عبد الرزاق إبراهيم عبد الله ، الطرق الصوفية في القارة الإفريقية ، دار الثقافة ، القاهرة ، ط1 ، 2004.
23- المنهج التربوي و العلمي عند الصوفية ، محمد داود ، ص 69 .
24- المرجع السابق ، ص 71 ، و ما بعدها .
25- راجع ، حميدة عميراوي ، رسالة الطريقة القادرية في الجزائر ، دار الهدى ، الجزائر ، دط ، 2003.
التعليقات (0)