الإلهام عند الصوفية، و إشكالية التأسيس المعرفي.
أبو حامد الغزالي أنموذجا-
من إعداد: أ.د قويدري الأخضر و د. مولاي ناجم.
قسم الفلسفة جامعة الأغواط - الجزائر
- تمهيد:
جاء الإنسان إلى هذا الكون وهو مزوّد بملَكات روحية وقدرات عقلية، من شأنها أن تساعده على مقاربة الحقائق. فليس غريبا إذن أن تختلف مناهجه في الوصول إليها بحسب ما يستخدمه من ملكات وقدرات.
وأهل التصوف حالهم كحال غيرهم من الباحثين عن أسرار هذا الكون، في محاولتهم للاقتراب من الحقيقة، وجدوا أن الإلهام يُعتبر أحد أنجع المناهج الموصلة إليها، مؤكّدين على أن سالك الطريق الروحي عندما يزكّي نفسه، ستتجلى له الحقائق و الكشوفات، وتتوالى عليه المعارف والإلهامات، فيدرك من خلالها كثيرا من القضايا التي يعجز العقل عن إدراكها.
و بالرغم من أن كل إنسان يمتلك هذه القدرة الروحية، إلا أن القلّة من الناس فقط هم الذين يستطيعون توظيفها، واستثمارها كمنهج معرفي موصل للحقائق.
ومن هذا المنطلق تأتي مداخلتنا للإجابة عن التساؤلين الآتيين؟
1. ما طبيعة الإلهام عند الصوفية؟
2. وما هي حدود الاعتماد عليه كمنهج في المعرفة؟
وللإجابة عن هذين السؤالين اتخذنا الإمام َأبا حامدٍ الغزالي كنموذج محوري في هذه الدراسة كونُه خاض التجربة الصوفية، وخبر المعرفة الإلهامية، وعبّر عنها بلغة عقلية شارحة قلّما نجد لها مثيلا في المدوّنات الصوفية.
1ـ سبيلا المعرفة الإلهامية:
يذهب الغزالي إلى أن هناك طريقانيحصل من خلالهما العلم وهما :طريق التعليم الإنساني وطريق التعليم الرباني.
· أولا: سبيل التعليم الإنساني: وينقسم إلى نوعين:
أ-التحصيل بالتعلم: وهو طريق يتم من خارج بحيث يحتاج المتعلم إلى معلم يساعده على إخراج ما في نفسه من علوم كامنة. فالمعلميشبه الزارع و المتعلم يشبه الأرض والعلم الموجود في نفس المتعلم بالقوة يشبه البذر.وبما أن التعلم هو طلب خروج ما كمن في نفس المتعلم بالقوة إلى الفعل، فإنه إذا صار هذا العلم موجودا بالفعل صار بمثابة النبات، فإذا اكتمل التعليم صار كالشجرة المثمرة[1].
ب-التحصيل بالتفكّر: إذا كان التعليم السابقيتم عن طريقاستفادة شخص من شخص مثله، فإن التفكّر هو استفادة نفس المتعلم من النفس الكلية (اللوح المحفوظ)[2] .
وهذه النفس الكلية(اللوح المحفوظ) تحتوي على جميع المعلومات التي قدرها الله تعالى، ومنها تفيض العلوم والمعارف على عقل الإنسان إذا اشتغل بالتفكر والتصفية، فإن نفس القابل تجد من الفوائد بتفكّر ساعة ما لا تجد نفس الجامد بتعلم سنة"[3].
و مما سبق يتضح لنا الفرق بين التعلم الذي يحصل من خارج، والتفكر الذي يتم من داخل.
فالتعلم من خارج يعني استفادة نفس المتعلم من شخص جزئي مثله. أما التفكر فهو استفادة نفس المتعلم من النفس الكلي(اللوح المحفوظ) إذا وقع بينهما اتصال. وشتان ما بين النوعين، ذلك أن" النفس الكلّي أشد تأثيرا وأقوى تعليما من جميع العلماء والعقلاء"[4]
· ثانيا:سبيل التعليم الرباني: وينقسم إلى قسمين هما الوحي والإلهام.
أ-الوحي :
وهو العلم الذي يتلقاه الأنبياء بأنفسهم القدسية من العقل الكلّي و هو الذي يتولد منه الوحي. وهو أشرف المخلوقات و أكملها وأقربها إلى البارئ عز و جل لذلك فإن إفاضته لا تكون إلا على أشرف البشر وهم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام. وطريق الوحي موقوف على الرسل والأنبياء وقد أغلق ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم[5].
ب-الإلهام:
وهو علم يحصل بغير حيلة ولا اكتساب، وإنما " يهجم على القلب كأنه ألقي فيه من حيث لا يدري . و الملهم من الناس هو الذي انكشفت له المعارف والعلوم" في باطن قلبه من جهة الداخل لا من جهة المحسوسات الخارجية [6].
وإذا كان الوحي خاص بالأنبياء والرسل دون غيرهم ،فإن الإلهام خاص بالأولياء والأصفياء وإذا كان الوحي قد انقطع وباب الرسالة قد انسدّ، فإن باب الإلهام لا ينسدّ وسيظل مدد نور النفس الكلية متصلا بقلوب الأولياء على مر الدهور وذلك لحاجة النفوس البشرية إلى تجديد وتذكير متواصل[7].
وهذا ليس انتقاص من شأن العلوم المكتسبة من خارج عن طريق التعلم أو التفكر، وإنما هو مجرد اختلاف في مراتب التلقي، حيث أن العلماء يعملون في اكتساب نفس العلوم التي يحصل عليها أهل الإلهام، لكن طريقة الوصول إلى تلك العلوم مختلفة[8].
ولتبيين هذا الأمر يؤكد الغزالي على أن للقلب بابان:
أ- باب مفتوح على العالم الخارجي: وهو باب الحواس الخمس الذي تدخل منه المعلومات إلى القلب.
والحواس الخمس تعتبر جنودا ظاهرة للقلب تأتيه بالصور الخارجية. فتقوم الحواس الباطنة بتحليلها وتركيبها وتوظيفها في إدراك العلوم[9].و الجنود الباطنة هي القدرات العقلية الخمس المتمثلة في :ـالحس المشترك(بنطاسيا) الخيال(القوة المصورة) و القوة الوهمية، و القوة الحافظة، والذاكرة، و القوة المتخيلة[10].
ولذلك مال الصوفية كثيرا إلى العلوم الإلهامية ورأوا أن تحصيلها يكمن في تقديم المجاهدة ومحو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها والإقبال بكنه الهمّة على الله تعالى، فإذا تصفّى القلب من كدوراته تلألأت فيه حقائق الأمور الإلهية [12].
2ـ عوائق المعرفة الإلهامية:
إن استمداد القلب علومه من اللوح المحفوظ يشبه استمداد مرآة من مرآة أخرى. ذلك أن اللوح المحفوظ (النفس الكلية ) هو بمثابة مرآة انطبعت فيها صور الموجودات التي قدّر الله تعالى أن تظهر في الوجود فإذا قابلها القلب بمرآته انعكست فيه تلك الصور[13].
لكن هناك خمسة عوائق تمنع انطباع صور اللوح المحفوظ في القلب وهي :
أ- نقصان في ذات القلب: وذلك عندما لا يؤهله نموه المعرفي للتلقي.فالصبي- مثلا- غير ناضج بطبيعته للتلقي من الملأ الأعلى. أما البهائم فإنها غير مؤهلة لذلك التلقي على الإطلاق[14].
ب-الكدورة: وهي الأدران الناشئة عن المعاصي والذنوب، فتتراكم على القلب وتحجبه عن الاتصال
بالعالم الروحاني [15].
ج- العدول بالقلب عن حضرة الله: وهي عدم التوجه الصادق لحضرة الله لاشتغاله بغيرها[16].
د- وجود الحجاب: والذي ينشأ من الاعتقادات والأفكار الخاطئة المترسبة منذ الصبا[17].
ه- الجهل بقوانين الاعتبار والتفكر: إذ لا يمكن للقلب الاتصال باللوح المحفوظ إلا بالسير وفق التفكير الصحيح المسمى" القانون المنطقي "[18].
إن العوائق المذكورة ستزول كلما كان السلوك الروحي علميا ، ومنظما. ولا يكون كذلك إلا برفقة شيخ مرب توفرت فيه خصائص الإرشاد الروحي.
3ـ إثبات المعرفة الإلهامية :
حاول الغزالي أن يثبت إمكانية المعرفة الإلهامية من خلال حجج عديدة نذكرها كالتالي:
أ-حجج من القرآن الكريم:
إن المواظبة على العبادات تنتج في القلب علوما إلهامية من غير تعلم" فكل حكمة تظهر من القلب بالمواظبة على العبادة من غير تعلم فهي بطريق الكشف والإلهام"[19] وذلك مصداقا لقوله تعالى((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ))[ العنكبوت:69]وكذلك قوله تعالى(( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقْه من حيث لا يحتسب))[ الطلاق:2.3].
فالمتقّي يجعل الله له مخرجا من الإشكاليات والشبه ويرزقه من حيث لا يحتسب أي " يعلّمه علما من غير تعلم ويفطّنه من غير تجربة" [20].
أما في ما يتعلق بقوله عز وجل عز و جل(( وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا)) [الكهف:65] فتعني أن كل علم هو من لدُن اللهإلا أن بعض العلوم تتحقق بواسطة الخلق، وهذه لا تسمى في مصطلح الصوفية علوما لدنية، بل اللدنية منها هي التي " تنفتح في سر القلب من غير سبب "[21] .
هناك أحاديث النبوية تنصّ على وجود المعرفة الإلهامية مثل قوله صلى الله ليه وسلم: " من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم"[22] وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله "[23]. وقد بشّر النبي صلى الله عليه وسلم بوجود هذا العم الإلهامي في بعض أفراد أمته بقوله " إن من أمتي مُحدَّثين وإن عمر منهم"[24]
ج- براهين من سير الصحابة –رضي الله عنهم :
وقد وردت من سير الصحابة بعض الوقائع، تثبت صحة المعرفة الإلهامية نذكر بعضا منها:
Ø فقد ورد عن سيدنا أبى بكر –رضي الله عنه - أنه لما حضرته الوفاة أوصى سيدتنا عائشة- رضي الله عنها- بولادة أختٍ لها لم تولد بعدُ وقال لها :" إنما هما أخواك وأختاك" وكانت زوجته حاملا فولدت بنتا، فعرف قبل الولادة أنها بنتا[25].
Ø ومنها ما حُكي عن سيدنا عمر –رضي الله عنه - أنه قال أثناء خطبة الجمعة: " يا سارية الجبل حيث انكشف له أن العدو قد أشرف على جيش المسلمين، وقد كانت بينهما مسافات طويلة. فانكشاف مشهد المعركة لسيدنا عمر من علوم الإلهام، ثم بلوغ صوته إلى مسامع سيدنا سارية –رضي الله عنه-من الكرامات العظيمة[26].
Ø ومنها ما رواه سيدنا أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: " دخلتُ على عثمان –رضي الله عنه - وكنتُ قد لقيت امرأة في طريقي فنظرتُ إليه شزرا وتأملت محاسنها، فقال عثمان- رضي الله عنه- لما دخلت عليه: يدخل علي أحدوأثر الزنا ظاهر على عينيه، أمَا علمتَ أن زنا العينين النظر؟ لتتوبنَّ أو لأعزرنّـــــــــــتك. فقلتُ: أَوحيٌ بعد النبي ؟ فقال: لا، ولكن بصيرة وبرهان وفراسة صادقة "[27].
ü وعن أبي سعيد الخراز(ت277) قال:" دخلت المسجد الحرام فرأيت فقيرا عليه خرقتان،فقلت في نفسي:هذا وأشباهه كَلٌّ على الناس .فناداني وقال: و لله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه. فاستغفرت في سري، فنادانيوقال: وهو الذي يتقبل التوبة عن عباده ثم غاب عني"[30] .
وما ذكره الغزالي من كرامات الصوفية في معرفة خواطر غيرهم أثبته علم النفس الحديث و أطلق عليه اسم قراءة الأفكار أو التخاطر (Télépathie)[31]والذي يعني" إمكان معرفة ما يدور في أذهان الآخرين"[32] وهو ما يدخل في ميدان " علم النفس الميتافزيقي أو البارابسيكلوجيا"[33].وقد أصبح لهذا العلم وزنه في علم النفس المعاصر بعد أن أُغفل حينا من الزمن بسبب التيارات المادية التي اكتسحت علم النفس الحديث.
ه-البرهان النفسي:
ومما يدل على إمكانية المعرفة الإلهامية، تلك الأحلام التي يراها أصحابها عن الماضي أو المستقبل، فتتحقق كما رأوها، دون أن يكون لهم سابق علم بها من جهة الحواس[34].
4. مواقف علماء الإسلام من المعرفة الإلهامية:
من المهم أن نشير إلى أن علماءالإسلام قد اختلفوا فيما بينهم حول المعرفة الإلهامية، ويمكن عرض مواقفهم المتباينة كالتالي:
أ. الرافضون للمعرفة الإلهامية:
§ الإمام أبو منصور الماتريدي الحنفي(ولدفي سنة 238ه ):لم يشر الماتريدي قط إلى المعرفة الإلهامية في تحصيل العلم بل نجده يذهب إلى أن " السبل التي يوصل بها إلى العلم بحقائق الأشياء هي : العيان ، الإخبار، والنظر"[35].
§ أبو بكر القفال الشافعي (توفي سنة365ه ):هو من علماء الأصول الذين رفضوا الإلهام، مبينا أنْ لو قُبلت أحكامه لذهبتْ قيمة العقل، وفي ذلك يقول: " لو ثبتت العلوم بالإلهام لم يبق للنظر معنى"[36].
§ القاضي عبد الجبار المعتزلي(325ه-415ه) : كرس مساحة كبيرة من الجزء الخامس عشر من موسوعة كتابه المغنيلنقد التصوف،وتركّز نقده على موضوع الكرامات والخوارق حيث أكد على أن معرفة الله لا تنال إلا بحجة العقل[37].
§ علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري الأندلسي(384ه-456ه): هو من الظاهرية الذين يتمسكون بظاهر النص، مما يجعله في تناقض مع المتصوفة الذين شُغفوا بالتأويل واستخلاص المعاني الرمزية الباطنية. يقول ناقدا الإلهام: " إن المدّعين للإلهام…لا يتفق اثنان منهم على ما يدّعيه كل واحد منهم إلهاما….فصح، بلا شك، أنهم كذبة" [38].
§ عمر النسفي (461ه-537ه ): يذهب إلى أن أهل الحق حصروا أسباب العلم اليقيني للخلق في ثلاثة: الحواس الخمس السليمة،والخبر الصادق، والعقل. أما الإلهام فليس من أسباب المعرفة بصحة الشيء عند أهل الحق [39].
§ ابن رشد(520ه-595ه):كان متحفظا إزاء هذه المعرفة ،لأن طريقتها، كما يقول: " وإن سلّمنا بوجودها، فإنها ليست عامة للناس بما هم ناس"[40] .
§ عبد الرحمن بن الجوزي(507ه-597ه):تشكّك في الهامات الصوفية ووقف منها موقف المتحفظ وأقرّ بأن العلم الإلهامي الملقى في القلوب لا يكفي عن العلم المنقول[41].
ب. المؤيدون للمعرفة الإلهامية:
· ابن تيمية( 661ه-728ه): ذهب إلى أن الإلهام وحده ليس دليلا على الأحكام الشرعية
ولكنه بمثابة الترجيح لطالب الحق عند تكافؤ الأدلة الشرعية الظاهرة . بحيث إذا اجتهد السالك في الأدلة الشرعية الظاهرة ولم ير فيها ترجيحا وأُلهم حينئذ رجحان أحد الفعلين، فإلهام مثل هذا دليل في حقه، وقد يكون أقوى من كثير من الأقيسة الضعيفة والأحاديث الضعيفة والظواهر الضعيفة [42].
ثم يؤكد على أن" الذين أنكروا كون الإلهام طريقا شرعيا على الإطلاق أخطئوا، كما أخطأ الذين جعلوه طريقا شرعيا على الإطلاق"[43].
· ابن القيمالجوزية(691 ه-751ه): يرى أن العلم الإلهامي محله البصيرة وهي قوة روحية تتفجر
منها ينابيع من المعارف والعلوم التي لا " تنال بكسب ولا دراسة، إن هو إلا فهم يؤتيه الله عبدا في كتابه ودينه على قدر بصيرة قلبه"[44] .
ثم بيّن أن الفراسة تكون على حسب قوة البصيرة . وهي - عنده- نوعان:
- فراسة علوية شريفة:وهي خاصة بأهل الإيمان من الذين التزموا بحدود الشريعة[45].
- فراسة سفلية دنيئة: وقد توجد لدى الكافر أيضا. وهي تنال بممارسة الطقوس التعبدية من جوع وسهر وخلوة وتجريد البواطن من أنواع الشواغل.و فراسة هؤلاء ليست إيمانية وإنما شيطانية [46] .
· ـ عبد الرحمان بن خلدون(732ه –808ه ): المعرفة الإلهامية في رأيه تدخل ضمن كرامات
الصوفية والتي يسميها أصحابها الفراسة والكشف وليس شيء من ذلك بنكير في حقهم لأن ما يحصل لهم من معرفة الغيب والتصرف في الأشياء إنما هو بالعرض ولا يكون مقصودا من أول الأمر لأنه إذا قصد ذلك كانت الوجهة فيه لغير الله . ولذا فإن هذا الكشف لا يكون صحيحا كاملا عندهم(الصوفية)إلا إذا كان ناشئا عن الاستقامة، لأن الكشف قد يحصل لصاحب الجوع والخلوة وإن لم يكن هناك استقامة كالسحرة وغيرهم من أهل الرياضة الروحية[47].
هكذا يتبين لنا اختلاف علماء الإسلام حول وجود المعرفة الإلهامية وإمكانيتها المعرفية، ويبقى لكل رأيه بحسب الخلفيات الفكرية التي ينطلق منها.
وقبل أن نغادر هذا المبحث لا بد من الإشارة إلى أن بعض العلماء المعاصرين لا يرون في المعرفة الإلهامية أي أهمية، بل يذهب بعضهم إلى القول أن " أسوء ما تعرض له الغزالي في كتابه (الإحياء) حول العلم والمعرفة وأشدّه خطرا على العقل الإسلامي والسلوك الإسلامي هو ما ذكره……عن الكشف والإلهام أو المعرفة التي يسعى إليها أهل التصوف"[48].
5. حدود المعرفة الإلهامية :
إن المعرفة الإلهامية – حسب الغزالي –لا تناقض المعرفة العقلية وإنما تتضمنها ثم تتجاوزها. وبالرغم من أن المعرفة الإلهامية نادرة وخاصة، إلا أنه لا يلزم من ندرتهاوخصوصيتها أنها معدومة، بل إن ذلك يدل على عزّتها ونفاستها، ولذلك يخاطب الغزالي من ينكرها قائلا: " فاجتهد أن تصير من أهل الذوق بشيء من تلك الروح (أيالروح القدسي) فإن للأولياء منه حضا وافرا، فإن لم تقدر فاجتهد أن تصير بالأقيسة …من أهل العلم بها . فإن لم تقدر فلا أقل من أن تكون من أهل الإيمان بها [49].
وفي رأي الغزالي أن الناس في الإيمان بهذه المعرفة أصناف:
ü فمنهم من ذاقها.
ü ومنهم من علمها بالبرهان.
ü ومنهم من قبلها محسنا الظن بأهلها.
ü ومنهم من أنكرها جملة وتفصيلا بل زاد على الإنكار أن راح يتهكم بأهلها.
وقد عبر الغزالي عن ذلك التفاوت بين الناس في قبول المعرفة الإلهامية فقال: " والتحقيق بالبرهان علم. وملابسة عين تلك الحال ذوق. والقبول من التسامع والتجربة بحسن الظن إيمان، فهذه ثلاث درجات…ووراء هؤلاء قوم جهال هم المنكرون لأصل ذلك المتعجبون من هذا الكلام يستمعون ويسخرون ويقولون :العجب أنهم كيف يهذون"[50].
وقد صرح الغزالي أنه بلغها من خلال تجاربه الروحية فقال: " وانكشف لي في أثناء هذه الخلوات أمورا لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها"[51]. ثم وصف إدراكات الصوفية مما لا يبعد أن يكون قد شاهدها هو أيضا فيقول: "ومن أول الطريقة تبتدئ المكاشفات والمشاهدات حتى إنهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد،ثم يترقى الحال إلى مشاهدة الصور والأمثال إلى درجة يضيق عنها نطاق النطق"[52].
فيا ترى هل ما ذكره الغزالي حقيقة أم خيال؟ وهل الرجل اختلّ عقله إلى درجة أنه يصرح بكلام غريب كهذا؟
ربما قد يكون الأمر كذلك عند البعض من الذين يرون " أن الصوفية يهذون" [53].
ولكن اتهام الصوفية، ومن بينهم الغزالي ، بهذا الاتهام، فيه كثير من الافتراء، والدليل على أن ما يذكرونه ليس خيالا مختلقا أنهم" في جميع الأقطار والعصور يصفون مناظر متشابهة أو كالمتشابهة، ولو كانت الأمور قاصرة على مجرد خيالات وأوهام لرآها كل متصوف بعينه وحده ولم يشترك معه غيره…ولذلك يفهم الصوفية بعضهم في المشرق والمغرب"[54].
إن هذا الاتفاق الكبير بين الصوفية فيما يتكلمون عنه، يؤكد صحة معارفهم التي " يصفونها بعبارات واحدة وصور واحدة واستعارات واحدة، رغم أنهم لم يعرفوا بعضهم بعضا في معظم الأحيان"[55].
فالمعرفة الإلهامية ممكنة، وإن كانت نادرة، وهي موجودة حيثما وجد التصوف وحيث ما وجدت روحانياته التي تتجاوز- في كثير من الأحيان- حدود المعقول. غير أن الذين أوصدت نفوسهم في وجه التجربة الصوفية لا يستطيعون أن يشعروا منها بشيء ولا أن يتخيلوا منها شيئا ومن ثمة لا يرون فيها إلا تدجيلا وجنونا[56] .
وإذا كان التصوف هو علم الخاصة من البشر كما وصفه أصحابه، فليس غريبا، إذن، أن تكون المعرفة الإلهامية- وهي إحدى مكوناته- خاصة أيضا، لتعلّقها بطبيعته.
هذا وقد جرت العادة عند أغلب الدارسين للتصوف أن يجعلوا من المعرفة العقلية مناقضة للمعرفة الإلهامية. ففي رأيهم أنه فحيثما كان العقل عٌدم الذوق، وكلما حضر الذوق غاب العقل. وانطلاقا من تلك المزاعم، فإن الصوفية ـباعتمادهم على الكشف والإلهام ـ بعيدون عن العقلانية إذ " لا يصح أن تسألهم عن الحجة العقلية فيما يقولون، بل تغمرهم العاطفة فيشطحون ويتكلمون بما لا يفهمون حتى كأنهم شعور بلا جسم وعقل، وعاطفة بلا تفكير وهياج بلا رزانة. فمن عندهم هذا الاستعداد يصلحون للتصوف وينبُغون فيه بمقدار استعدادهم. أما من كبر عقله وسار في حياته على القضايا المنطقية فقد يكون فيلسوفا وقد يكون طبيعيا وقد يكون فقيها وقد يكون كل شيء إلا أن يكون متصوفا"[57].
و ليس من الصعب دحض هذا الاعتقاد الذي يتضمن كثيرا من المبالغة في نفي العقلانية عن الصوفية. فلقد كان الغزالي فقيها ومتكلما وفيلسوفا وصوفيا في الوقت نفسه، حيث " جمع في نفسه بين القدرة على التجربة الصوفية وبين عقلانية العقل القوي"[58] .
إن الغزالي أكد على أن المعرفة الإلهامية لا تناقض العقل وإنما تتجاوزه. بعبارة أخرى إن الصوفي في رحلته المعرفية يستنفذ كل طاقات العقل ويذهب إلى أبعد نقطة تصلها قدراته، حتى إذا ما عجز العقل بعد ذلك عن التحرك في ميادين لا تقوى عليها وسائله، برز القلب بما أوتى من استعداد معرفي فاستكمل ما لم يستطعه العقل " فللعلم منطقة وللدين منطقة، ولكل مزاياه وأحواله الخاصة، والنفس البشرية تتصل بالمنطقتين ، فهي تتصل بالعالم الحسي عن طريق العقل والبرهان، وبالعالم الروحي عن طريق الاختبار الشخصي والكشف"[59].
و ليس في هذا تضارب بين المعرفتين العقلية والإلهامية، وإنما هناك توزيع في المهام والتخصصات. فمنهج العقل في الوصول إلى الحكمة يختلف عن منهج التصفية والإلهام لكنهما وسيلتين ضروريتين لهدف واحد، إذ "الحكمة الحقيقية تتم بالبحث عن الله بواسطة العقل ثم يأتي الاتصال به عن طريق القلب"[60].
فالغزالي لم يستغنِ عن العقل بتاتا " بل جعله في كثير من الأحيان شارحا للكشف والإلهام"[61]. وهو- كغيره من الصوفية -لا ينكر أن يكون العقل طريقا لتحصيل المعرفة وإنما ينكر " أن يكون هو الأداة الوحيدة للمعرفة الإنسانية أو يكون أداة لمعرفة عالم الوجود الإلهي"[62].
و إذ كان الصوفية- ومن بينهم الغزالي- يقرّون محدودية العقل في المعرفة، فهم لا يفعلون ذلك عن نقص في تحصيل الثقافة العقلية ولا عن ضعف في معرفة أساليب التفكير المنهجي المنطقي وإنما عن تجربة روحية أوصلتهم إلى عجز المذهب العقلي في إعطاء حل حاسم لمشكلة الوجود[63] فأدوات العقل صالحة في حدود العالم المحسوس، فإذا خرجت عن تلك الحدود فقدت مصداقيتها. وذلك ما عبر عنه أبو الحسين بن محمد النوري (ت سنة295ه) في قوله :" العقل عاجز ولا يدل إلا على عاجز مثله"[64].
إلى هذا الرأي نفسه ذهب الشيخ جلال الدين الرومي حيث قال" إن هؤلاء الاستدلاليين يسعون على ساق خشبية والساق الخشبية متعثرة واهية"[65].
وشبيه بهذا الكلام ما ذهب إليه الصوفي الألمانيإيكهارت(1260م-1327م): حيث قال:" إن المعرفة الصوفية معرفة لا يجدي في شرحها كل ما علمه العلماء معتمدين فيها على عقولهم"[66].
إن كلام إيكهارت يحيلنا إلى مشكلةعجز العقل التي أثارتها الفلسفة الحديثة. فقدظهرت حديثا " نزعة فلسفية تنادي بمجاوزةالعقلانية(transe-rationalisme) تدعو الإنسان إلى التسليم بعالم خفيّ لا يصل إليه العلم ولا العقل"[67].
فالإنسان يحتاج لحل ألغاز هذا الكون إلى العقل، كما يحتاج أيضا إلى قوى أخرى لا توجد إلا في القلب، ولقد عبر مونتاني( 1533م-1592)عن هذه القناعة بقوله: " لقد صغنا حقيقتنا بناء على معطيات حواسنا الخمس، ولكن ربما كنا نحتاج إلى معطيات ثمانية أو عشرة حواس لكي نبلغ الحقيقة الكاملة"[68].
ولقد أدرك الفلاسفة الذين عملوا على إقصاء الميتافيزيقا من مجال البحث الفلسفي، أن عجز العقل عن حل كثير من المشاكل الميتافيزيقية حلا حاسما يترك –دون شك- فراغا معرفيا يعني تساؤلات بلا أجوبة، وهو الفراغ الذي اقترحت التجريبية المنطقية إلغاءه عبر إهمال قضايا الميتافيزيقا وإبعادها عن وظائف الفلسفة. لكن هذا الفراغ ترك الباب مفتوحا على مصراعيه لدخول التجربة الصوفية كحل وجداني حاسم[69]. وكأن التصوف قد انتصف لنفسه بعد أن أقصي طويلا من الساحة الفلسفية، وهو الرأي الذي لمح إليه دو لاكروا(1875-1937) عندما عرّف التصوف بأنه" انتصاف الحدس (Intuition) من المعرفة المنطقية"[70].
ثم إننا نجد الفيلسوف فيتجنشتاين(1889م-1951م )وهو أحد أقطاب الوضعية المنطقية، يشيد بالمعرفة الصوفية مؤكدا أن " حل لغز الحياة في المكان والزمان إنما يوجد خارج الزمان والمكان، وهذه ليس مشكلات مما يجب حلها في العلم الطبيعي"[71] .
كما نجد كارل بوبر(1902م- 1994 ) وهو من المناطقة المتشددين، يشعر بعجز العقل أمام مشكلات الوجود يتكلم عن قدرة غامضة لا تنطبق البتة على العقل [72].
ومما سبق ذكره نصل إلى أن الإلهام طريق آخر للمعرفة، لا يقل شأنا عن العقل، لا يمكننا رفضه ، ولا الحط من قيمته فهو" يقين كذلك، إلا أن نطاق النطق يضيق عنه"[73] .
- الخاتمة:
هكذا يبدو لنا مما عرضناه في هذه الدراسة، أن الإلهام يعدّ أحد السبل الموصلة للحقيقة مثله مثل العقل، إلا أن طبيعته الخاصة، تجعله لدى البعض يبدو غريبا، أو أقرب إلى الوهم منه إلى الحقيقة.
لكن تعقـّـد الظواهر الكونية المحيطة بنا، يثبت لنا في كل وقت أن العقل وحده لا يستطيع أن يجيب عن كل الأسئلة المطروحة أمامه، وإنما هو في حاجة إلى قوة أخرى تسنده، وليست هذه القوة إلا الإلهام بكل حمولاته الروحية.
والصوفية حين رفعوا من شأن الإلهام، لا يرومون بذلك الإنقاص من شأن العقل، بل يعتبرونه(أي العقل) ملكَةً ضرورية للمعرفة، لكنه لا يصلح إلا في عالم المحسوسات، فإذا تجاوز هذا العالم، فقدَ مصداقيته، وترك المجال لملكة أخرى هي البصيرة أو عين القلب.
وإذا كانت الفلسفة الأوربية المعاصرة قد تراجعت عن المغالاة في تقديس العقل، واعترفت بقيمة التجربة الروحية في حل المعضلات التي يواجها الإنسان، فإنها بذلك تنتصر للروحانية التي أخفتْها ردحا من الزمن تحت تأثير مقولات الحداثة.
لقد ولّى عصر الحداثة، وجاء عصر ما بعد ما بعد الحداثة، وهو عصر العقل المتواضع الذي أصبح يؤمن يقينا أنه لم يعد تلك القدرة المؤلّهة التي تدّعي حل ألغاز الوجود.
و أخيرا يجب التنبيه أن الإلهام، في نظر الغزالي أو غيره من الروحانيين، ليس هدفا في حد ذاته، وإنما هو مجرد وسيلة عرفانية لبلوغ الحقيقة. و يبقى التسليم بصدقها ، مرهون بالذوق الذي لا يتحقق بالبراهين العقلية، ولا بالحجج المنطقية، و لكن بسلوك الطريق الروحي.
قائمة المصادر والمراجع:
1. القرآن الكريم برواية ورش.
قائمة المصادر:
1. الغزالي أبو حامد،إحياء علوم الدين، 4 أجزاء. دار المعرفة، بيروت، ب ت.
2. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، مجموعة رسائل الغزالي(الرسالة اللدنية ، كيمياء السعادة، مشكاة الأنوار)،
نسخة منقحة مصححة بإشراف مكتب البحوث والدراسات، دار الفكر، بيروت، 2000 م.
3. الغزالي أبو حامد، معارج القدس في مدارج معرفة النفس، مطبعة الشهاب، الجزائر، 1989م.
4. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، المنقذ من الضلال، تحقيق عبد الكريم المراق، الدار التونسية للنشر، 1984م.
قائمة المراجع:
1. أحمد أمين ظهر الإسلام القاهرة مكتبة النهضة المصرية، ط2، 1962-ج2.
2. إميل بوترو.العلم والدين في الفلسفة المعاصرة.ترجمة أحمد فؤاد الأهواني .الهيئة المصرية العامة للكتاب 1973 .
3. ـ برغسون هنري، منبعا الأخلاق والدين، ترجمة، سامي الدروبي،و عبد الله عبد الدائم، بيروت، لبنان، دار العلم للملايين، ط1، 1984م.
4. التفتازاني سعد الدين مسعود بن عمر.شرح العقائد النسفية.بغداد.مكتبة المثنى.بدون تاريخ.
5. ابن تيمية.فتوح الغيب. القاهرة.مطبعة الحلبي.1399.
6. جلال الدين الرومي المثنوي.ترجمة وشرح ودراسة محمد عبد السلام كفافي .صيدا.المكتبة العصرية.1966.
7. ابن الجوزي عبد الرحمان.تلبيس إبليس.تحقيق السيد الجميلي. بيروت.2003م.
8. ابن حزم الأندلسي الظاهري.الأحكام في أصول الأحكام.القاهرة. مطبعة العاصمة.بدون تاريخ.ج1.
9. ابن خلدون عبد الرحمن.المقدمة.بيروت.دار الكتاب اللبناني.ط3. 1967.ص192.
10. ابن رشد أبو الوليد محمد.الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة. بيروت.دار الكتب العلمية.ط1. 2002.
11. زكي نجيب محمود المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري .بيروت دار الشروق.ط3. 1981.
12. سليمان دنيا.الحقيقة في نظر الغزالي.مصر.دار المعارف.بدون تاريخ
13. السراج أبو نصر، اللمع تحقيق، عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور، دار الكتب الحديثة مصر 1960م.
14. العسقلاني شهاب الدين بن حجر.فتح الباري في شرح صحيح البخاري .بيروت. لبنان. دار المعرفة للطباعة والنشر.ط2. المجلد السابع. بدون تاريخ.
15. عبد الحليم محمود.التفكير الفلسفي في الإسلام.مكتبة الأنجلو مصرية..بدون تاريخ ج1.
16. عبد الحليم محمود. مقدمة لكتاب المنقذ من الضلال للغزالي.القاهرة .دار الكتب الحديثة.بدون تاريخ.
17. عبد الجبار القاضي أبو الحسن بن أحمد.المغني في أصل الدين . تحقيق .محمود الخضيري ، و محمود قاسم.القاهرة.الدار المصرية للتأليف والترجمة.ج15.(التنبؤ والمعجزات)سنة 1385ه. 1965م .
18. عبد الستار عز الدين الراوي.التصوف والبارابسيكلوجي.عمان.المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ط 1994.
19. عبد الفتاح محمد سيد أحمد.التصوف بين الغزالي وابن تيمية.دار الوفاء .بدون مكان.ط1. 2000.
20. عرفان عبد الحميد فتاح. نشأة الفلسفة الصوفية وتطورها. بيروت.دار الجيل.ط 1. 1993 .
21. علي عيسى عثمان.الإنسان عند الغزالي.تعريب خيري حماد.القاهرة.مكتبة الأنجلو مصرية.1964
22. فيتجنشتاين لودفيج. رسالة منطقية فلسفية.ترجمة عزمي إسلام.القاهرة.مكتبة الأنجلو مصرية.1968م.
23. ابن القيم أبو عبد الله محمد.مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.تحقيق محمد المعتصم بالله البغدادي.بيروت. لبنان.دار الكتاب العربي.ط5 . 1998. ج1.
24. القرضاوي يوسف. موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرقى.بيروت.مؤسسة الرسالة.ط1 .1317ه. 1996م.
25. قدري حافظ طوقان.مقام العقل عند العرب.مصر.دار المعارف.1960.
26. كريسون أندريه. مونتاني .تر نبيه صقر.بيروت.منشورات عويدات.ط3.
27. كوخ أدريين.آراء فلسفية في أزمة العصر.ترجمة محمود محمود.القاهرة مكتبة الأنجلو مصرية.1963.
28. مدكور ابر أهيم بيومي.المعجم الفلسفي.إصدار مجمع اللغة العربية.الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية .القاهرة.1989.
29. ناجي حسين جودة.المعرفة الصوفية، دار الجيل، بيروت، ط1، 1992م
30. نيكلسون رينولد ألن.في التصوف الإسلامي وتأريخه.ترجمة.د أبو العلا عفيفي.لجنة التأليف والترجمة والنشر.القاهرة.1388ه.1969م.
المراجع باللغة الفرنسية:
1. Bergson .H .Introduction a la metaphysique .Revue de metaphysique .paris .1903.
De la croix Henri. Essai sur le mysticisme spéculatif en Allemagne au 14 siècle.Paris.189
[1]الغزالي أبو حامد، الرسالة اللدنية، ضمن رسائل الغزالي ، ص230.
[2]المرجع نفسه .
[3]نفسه،ص231.
[4]نفسهص 230 .
[5]نفسه.
[6]الغزالي أبو حامد، إحياء علوم الدين، ج3، ص ص18 ص24.
[7]انظر: الغزالي أبو حامد، معارج القدس ص233. وكذا الغزالي أبو حامد.إحياء علوم الدين.ج3 ص 22.
[8]الغزالي أبو حامد، إحياء علوم الدين.ج3 ص 22.
[9]نفسهص 05.
[10]نفسهص06 .
[11]نفسهص ص08 ،09.
[12]نفسه.
[13]الغزالي أبو حامد، كيمياء السعادة، ضمن رسائل الغزالي، ص 425.
[14]الغزالي أبو حامد،إحياء علوم الدين، ج3، ص 13.
[15]نفسه .
[16]الغزالي أبو حامد، معارج القدس، ص 94 .
[17]نفسه، ص 13.
[18] نفسه، ص14.
[19]نفسه، ص 23 .
[20]ا نفسه، ص ص 23، 24.
[21]نفسه، ص24 .
[22]نفسه، ص 23. 24.
[23]نفسه .
[24]نفسه ص26.
[25]الغزالي أبو حامد، إحياء علوم الدين، ج3.ص ص 24، 25.
[26]نفسه، ص 25.
[27]نفسه .
[28]نفسه، ص،25.
[29]نفسه.
[30]نفسه.
[31]عبد الستار عز الدين الراوي، التصوف والبارابسيكلوجي، عمان، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 1994، ص80.
[32]ناجي حسين جودة، المعرفة الصوفية، ص166.
[33]عبد الستار عز الدين الراوي، التصوف والبارابسيكولوجي، ص59.
[34]الغزالي أبو حامد، إحياء علوم الدين.ج3، ص21.
[35]عرفان عبد الحميد فتاح، نشأة الفلسفة الصوفية وتطورها، بيروت، دار الجيل، ط 1، 1993ص160.
[36] نفسه، ص161.
[37]عبد الجبار القاضي أبو الحسن بن أحمد، المغني في أصل الدين، تحقيق محمود الخضيري و محمود قاسم، القاهرة، الدار المصرية للتأليف والترجمة.ج15، 1965م .ص270.
[38]ابن حزم الأندلسي الظاهري،الأحكام في أصول الأحكام، القاهرة، مطبعة العاصمة، بدون تاريخ، ج1، ص 17 .
[39]التفتازاني سعد الدين مسعود بن عمر، شرح العقائد النسفية، بغداد، مكتبة المثنى، بدون تاريخ، ص ص45، 46.
[40]ابن رشد أبو الوليد محمد، الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 2002، ص41.
[41]ابن الجوزي عبد الرحمان، تلبيس إبليس، تحقيق السيد الجميلي، بيروت، 2003م، ص280.
[42]عبد الفتاح محمد سيد أحمد، التصوف بين الغزالي وابن تيمية، دار الوفاء، ط1، 2000، ص249.
[43]ابن تيمية، فتوح الغيب، القاهرة، مطبعة الحلبي، 1399ه ، ص20.
[44]ابن القيم أبو عبد الله محمد، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.تحقيق محمد المعتصم بالله البغدادي ، بيروت لبنان ، دار الكتاب العربي، ط5 ، 1998م، ج1، ص148.
[45]نفسه، ص150.
[46]نفسه.
[47]ابن خلدون عبد الرحمن، المقدمة، الصفحات،192 ، 191، 868.
[48]القرضاوي يوسف، موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرقى، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط1 1996 ، ص95.
[49]الغزالي أبو حامد، مشكاة الأنوار، ص286.
[50]الغزالي أبو حامد، المنقذ من الضلال.ص ص89 ،90.
[51]نفسه، ص87.
[52]نفسه، ص88.
[53]زكي نجيب محمود ، المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري، بيروت دار الشروق، ط3، 1981، ص464.
[54]أحمد أمين، ظهر الإسلام، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، ط2، 1962 ، ج2، ص 82.
[55]برغسون هنري، منبعا الأخلاق والدين، ص256.
[56]نفسه.
[57]أحمد أمين، ظهر الإسلام،ج2، ص ص59 ،60.
[58]علي عيسى عثمان، الإنسان عند الغزالي، تعريب خيري حماد، القاهرة، مكتبة الأنجلو مصرية.1964.ص75
[59]قدري حافظ طوقان، مقام العقل عند العرب، مصر، دار المعارف، 1960.ص167.
[60]أنظر:عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفي في الإسلام، مكتبة الأنجلو مصرية، بدون تاريخ، ج1. ص ص243، 244.
[61]سليمان دنيا، الحقيقة في نظر الغزالي، مصر، دار المعارف، بدون تاريخ، ص67.
[62]عبد الحليم محمود، مقدمة لكتاب المنقذ من الضلال للغزالي، القاهرة، دار الكتب الحديثة، بدون تاريخ ص ص 368،317.
[63]ناجي حسين جودة، المعرفة الصوفية، ص139.
[64]السرّاج أبو نصر، اللمع، تحقيق عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور، دار الكتب الحديثة، مصر،1960م، ص63.
[65]جلال الدين الرومي، لمثنوي، ترجمة وشرح ودراسة محمد عبد السلام كفافي، صيدا، المكتبة العصرية،1966. الأبيات2125، 2130، ص ص273. 274.
[66]نيكلسون رينولد ألن، في التصوف الإسلامي وتأريخه، ترجمة.د أبو العلا عفيفي، لجنة التأليف والترجمة والنشر،القاهرة 1969م، ص129.
[67]مدكور إبراهيم بيومي، المعجم الفلسفي، إصدار مجمع اللغة العربية، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية القاهرة، 1989، ص171 .
[68]كريسون أندريه، مونتاني، ترجمة نبيه صقر، بيروت، منشورات عويدات، ط3، ص49.
[69]ناجي حسين جودة، المعرفة الصوفية، ص207.
[70] De la croix Henri، Essai sur le mysticisme spéculatif en Allemagne au 14 siecle، Paris، 1899، p 415.
[71]فيتجنشتاين لودفيج، رسالة منطقية فلسفية، ترجمة عزمي إسلام، القاهرة، مكتبة الأنجلو مصرية، 1968م، ص161.
[72]أنظر كوخ أدريين.آراء فلسفية في أزمة العصر.ترجمة محمود محمود.القاهرة مكتبة الأنجلو مصرية.1963.ص 286.
Bergson.H.Introduction a la metaphysique.Revue de metaphysique.paris.1903.-[73]
ملاحظة
قدمت هذه الورقة البحثية ضمن أعمال الملتقى الدولي الموسوم بـ:
"قراءة ابيستيمية في مناهج البحث عند العلماء العرب والمسلمين "
يومي: 30/29 أفريل 2019 من تنظيم: كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية -قسم الفلسفة وعلم النفس-بمساهمة مخبر الدراسات الاجتماعية والنفسية والانثربولوجية بالمركز الجامعي بغليزان LESPA.
بقاعة المحاضرات -جامعة زيان عاشور الجلفة - الجزئر
التعليقات (0)