الفيسبوك الصداقة والوهم.
كتبها عبدالرحمن أقريش/أستاذ الفلسفة المغرب
يشتكي البعض من الأسماء والهويات المزيفة على الفيسبوك (سي عبد الرحيم العطري الباحث السسيولوجي يشير إلى هذا الأمر بطريقته الخاصة عندما يقول: إنه يكفيه زيف الحياة الواقعية وأنه لا داعي لإضافة زيف آخر افتراضي)كل مرة أفتح فيها صفحة الفيسبوك أجد نفسي أمام لائحة لا تنتهي لأصدقاء ابني (المئات وربما الآلاف) وأتساءل: هل يتعلق الأمر بمشكلة حقيقية أم أنه مجرد سوء فهم لمنطق العالم الإفتراضي؟ هل يتعلق الأمر فعلا بصداقات أم هو مجرد امتداد وتضخم للعالم الإفتراضي؟ هل يمكن أن يكون الأصدقاء بكل هذه الأرقام وهذا الامتداد؟افترض في البداية أن الجيل المراهق/الشاب سنا لا يطرح هذه الأسئلة لأنه لا يكترث كثيرا (للوضعية المشكلة) فاللائحة على طولها (تضم نجوم سينما،وكرة القدم، ومغنين وأسماء مشاهير من كل القارات) هي مجرد ديكور وخلفية للشاشة (...) والتواصل الواقعي لكي لا أقول الحقيقي لا يتعدى (زملاء المدرسة و اولاد الدرب)أعتقد أن الأمر لا يتعلق فقط بزيف الصداقات وزيف التواصل وإنما بزيف الحياة المعاصرة ككل. وعليه فأنه بقدر ما يتمدد العالم الإفتراضي ويتسع وبقدر ما يتقلص العالم جغرافيا(البعض يتحدث عن نهاية الجغرافيا) ليصبح قرية صغيرة بقدر ما يفشل البشر في نسج علاقات حقيقية على مستوى التفاعل الايجابي بين الذوات ليسود البياض وسوء الفهم واللامبالاة.لقد فشلت التقنية(إيديولوجيا التقنية والتقدم) في عالمنا المعاصر في تحويل المعلومات إلى معرفة وفشلت أيضا في تقريب المسافة بين البشر والثقافات...وعليه فشبكات التواصل الفيسبوك والتويتر أكبر أكذوبة في حياتنا.الروائي التركي (يشار كمال) قال مرة: إذا كان من المفروض أن أعيش فردوسا من الأكاذيب فأنا أفضل أن أعيش جحيما من الحقيقة.هل تستحق الحقيقة كل الإعلاء والتبجيل؟ هل يستحق الوهم كل هذا التبخيس؟
نيتشه أكيد يقترح أحد أهم الأجوبة في تاريخ الذكاء والمعرفة البشرية.
تعليق الزاهيد مصطفى على النص:
يطرح اليوم سؤال حقيقي في الفلسفة والعلوم الإنسانية حول ماهية التقنية /تقنية وسائل الاتصال الحديثة ويقدم الجواب الأنجلوسكسوني التقليدي الذي صاغه ماكلوهان أن هذه الوسائل في حذ ذاتها هي الوسيط، لكن مع مرور الوقت بدأت تتلاشى صلابة هذه الفكرة لصالح فكر جذري شكك في إمكانية هذه الوسائل على تحقيق التواصل، ووصمها بألة إنتاج للزيف والتضليل /تضليل الواقع وإخفائه كما رأى بودريار و في هذا النص الشذري يعيد الأستاذ عبد الرحمان أقريش طرح السؤال مركزا على تيمة الصداقة/العلاقة الإنسانية في أمثل صورها وحول ما إذا كان الفايسبوك مثلا كشبكة اجتماعية قادر على نسج علاقات صداقة حقيقة أم أن الامر لا يعدو تضخيما وتكثيفا للزيف في الفضاء والجغرافية؟
التعليقات (0)