أول ما نقوم به بعد الذبح هو أكل القطبان( قطع لحم صغيرة مغروسة في قضيب حديدي) مع الشاي الأخضر وقليل من الخبز . وهكذا تناولت قدرا لا باس به ثم خرجت لزيارة الأقارب والجيران وفي كل بيت الجه يُعرض علي على الأقل قطبانين فلا أملك إلا الإذعان لأن من تقاليدنا أن اللحم لا يرد و إلا فانه نذير شؤم. رجعت إلى المنزل بعد الظهر فوجدتهم ينتظرونني لمشاركتهم على آكل التقلية (الحوايا) وبدون شعور انهمكت في التهام الأمعاء المفتولة وأجزاء ممتازة من الكرشة ختمتها بتفاحة وموزة ونصف برتقالة .. وفي المساء خرجت إلى الشارع حيث جلت مع مجموع من الرجال والنساء الكل في ابهى ملابسه والأطفال يرفلون في ملابسهم الجديدة وكأننا بين الصفا والمروة نقطع الشارع إلى نهايته ثم نعود لنستأنف السعي من جديد . لاحظت أن البعض يعاكسون الفتيات أو يثرثرون في الهاتف و اغلبهم يسير مع زوجته أو عشيقته اكتشفت أنني نشاز في هذه المعمعة فانسحبت إلى المنزل . امتدت يدي إلى الثلاجة رغم أنني لا أحس بالجوع استغربت لماذا شهيتي اليوم مفتوحة على مصراعيها فتحت التلفاز فاندمجت مع فيلم أجنبي .. نودي علي للعشاء لم اعتذر لأجدهم وقد تحلقوا حول إناء برزت فيه قطع راس الخروف و بجانبة مجموعة من البهارات : ملح ابزار كمون .اخترت الجانب الذي يستعمله الخروف الضحية في الأكل لم ا لاحظ أي اعتراض من احد البناء رششت عليه نصيبه من البهارات وحشرته في معدتي دون أن اشعر بسبب انشغالى بحكايات الأبناء حول أحداث العيد .. حين هممت بالنهوض أحسست بالدوار فتمسكت بالكرسي تحاملت على نفسي فنزلت و أنا احتمي بالمقبض الحديدي.جلست في الأسفل لا ن البيت انقلب عاليه سافله ، أغلقت عيني عل هذا المشهد ينتهي. التحقت بي الزوجة والأبناء فحملوني الى السرير اندفعت الزوجة إلى مخزونها من الإعشاب وبسرعة طلبت مني شربت ماءا دافئا ليساعدني على إفراغ ما بكرشي دون جدوى اشتد علي الألم رغم مغلي الأعشاب اقترح احد الأبناء الإتيان بالدواء من الصيدلية لكنها مسدودة بمناسبة العيد . أحست الزوجة بالإحباط بعد استنفاد ما بجعبتها من فنون الطب الشعبي التى راكمتها مع السنين ، فأرست احد الأبناء للإتيان بالطاكسي .. وكم كانت دهشتي حينما وجدت في المستشفى العديد غيري يعانون من نفس الاعراض فاستسلمت لأيدي الممرض الخشنة وهو يدس الانبوب المطاطي في فمي ليمتد إلى أحشائي وتكاد روحي تخرج مع كل دفع دمعت عيناي بشكل آلي امتدت معاناتي لساعات أشفقت على هذا الممرض الذي حرمته مع زملائي من قضاء العيد مع أبنائه. بعدما استرددت بعضا من عافيتي لاحظت العديد من الأشخاص يصرخون والطبيب يخيط لهم الجروح التي تسببت فيها السكاكين الحادة أثناء الدبح لأنهم لايثقنون هذه المهنة . تساءلت لماذا لم تخصص البلدية في كل حي مكانا للذبح يقصده الجميع فتسلم الأيادي من الجروح الغائرة بل لمحت هناك أطفالا يصرخون من شدة الألم ربما تسللوا في غفلة من أبويهم يحملون السكين ليعيدوا مشهد الأضحية فكان نصيبهم جروح غائرة في اكفهم الطرية ستبقى شاهدة على هذا الجدث مدى حياتهم..
نقلت الى المنزل وأنا اقسم مع نفسي ألا تمتد يدي إلى اللحم بعد اليوم دخلت المنزل فصفعتني رائحة الدخان، أحسست برغبة في القيء وضعت قليلا من العطر اندفع الجيران نحو السرير لتهنئتي أجاهد لكي لا أشم رائحة ملابسهم المعطرة برائحة الشواء
في الثالث من يوم العيد عاودني الحنين لازدراد قطع اللحم فلبيت الدعوة لكن تحت مراقبة الزوجة وتربص الأبناء حتى لا أجد نفسي مرة أخرى في المستشفى و لن تسلم الجرة في كل مرة
التعليقات (0)