ابتلينا منذ الاستقلال بنخب سياسية وثقافية لاتستطيع أن تعيش دون أن "تقاوم"...وٳن لم تجد ماتقاومه، قاومت شعبها ومحيطها. لغوياً، المقاومة مشتقة من (قَاوَمَ يُقَاوِمُ مُقَاوَمَة فِعْلٌ ثُلَاثِيٌّ مَزِيْدٌ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ هُوَ الأَلِفُ بَيْنَ فَاءِ الجَذْرِ وعَيْنِهِ وَهُوَ عَلَى وَزْنِ فَاعَلَ يُفَاعِلُ). مثلاً : "قاوم الشعب الاحتلال" أو "قاوم الرجل الرغبة في النوم". ففعل المقاومة يكون ٳذاً ٳما ضد عامل خارجي أو في وجه نزعة داخلية "طبيعية".
أنظمة المقاومة من المحيط الهادر ٳلى الخليج الثائر تتغنى ليل نهار "بمقاومة" العدوان الخارجي و"بصمودها" في وجه الغزاة و"بممانعتها" للانبطاح أمام العدو، فماهي حقيقة هؤلاء الصناديد؟
لم يحتج اﻷمريكيون ﻹطلاق رصاصة واحدة حين خلع بشار أسلحته الكيماوية وكاد يخلع حتى ملابسه الداخلية لمجرد أن اقتربت فرقاطتان أمريكيتان من شرق المتوسط...كذلك اﻷمر حين يتلقى "بطل الصمود والممانعة" اللطمات والركلات اﻹسرائيلية وهو "صامد" لايتحرك ولايجرؤ حتى على الاحتجاج لمجلس اﻷمن الذي سبق له وأن أهداه ثلاثة "فيتوات" مقابل ذبح السوريين العزل...
ٳذا كان هذا موقف نظام الممانعة "الموقاوم" في وجه العدو الخارجي فمن يقاوم هذا النظام ٳذاً؟
لكي يبقى فعل المقاومة مطروحاً يجب أن يقاوم النظام "نزعة داخلية طبيعية" لدى شعبه وهكذا يبقى "مقاوماً" ولا يصبح "انبطاحياً" لاسمح الله...فما هي النزعة العفوية التي يقف النظام في وجهها والتي لايجوز تركها تفعل فعلها لدى شعبه ومواطنيه؟
بحسب النظام وشبيحته، فالنظام "يقاوم" نزعة الاندساس والميل للتعامل مع العدو لدى السوريين ورغبتهم الجارحة في العيش تحت البسطار اﻹسرائيلي واﻷمريكي. بحسب جهابذة نظام الممانعة فالشعب السوري بطبعه "اندساسي وانبطاحي.." يحلم بالاستسلام أمام العدو بأي ثمن ويرغب بشدة في العيش تحت ظل الاحتلال والقهر اﻹسرائيلي وحتى اﻷمريكي. كلما ازدادت رغبة السوريين في "معانقة "العدو الصهيوني والارتماء في أحضان اليانكي و"عملائه" الخليجيين كلما ازدادت شراسة النظام في صد هذه الرغبات الدنيئة لدى شعبه.
الاستنتاج المنطقي بحسب هؤلاء العباقرة هو أن الشعب السوري "يريد" من يحتله ومن يهين كرامته ولديه رغبة جامحة في تسليم أرضه وكرامته للعدو وفي تقبيل البسطار العنصري الصهيوني، لولا رحمة الله و"الولي الفقيه" و اللص "بوتين" الذين أرسلوا نظام الممانعة "لمنع" السوريين من الركض وراء رغباتهم الانبطاحية الدنيئة.
بكلمة أخرى، وحسب لامنطق هؤلاء، فالشعب السوري ذليل ودنيء وخائن بطبعه ولولا نظام الممانعة لاحتلت ٳسرائيل سوريا كلها و"حررت" اسكندرون وكيليكية وربما حققت "الوحدة العربية" تحت النجمة السداسية.
من يستغرب هذا الاستنتاج "المقاوماتي" عليه أن يقرأ صفحات "المنحبكجية" ليرى أننا لانبالغ.
ماذا عن حزب "الموقاومة" اﻹلهي؟ من يقاوم هذا الحزب؟ هل هذا الحزب يقاوم ٳسرائيل؟
مثل الجولان، لازالت هناك أرض لبنانية محتلة هي "مزارع شبعا" فلماذا لايستل حزب "نصر الله" سيف المقاومة ويحررها كما حرر الجنوب؟ هل المزارع "رخيصة" على الحزب الذي خاض "حرباً" ضروساً من أجل تحرير قاتل اﻷطفال "سمير القنطار"؟
ومادام الشيء بالشيء يذكر، فلماذا السكوت عن اﻷرض العربية والمسلمة المحتلة في فلسطين؟ هل يخاف زعران نصر الله من "الشيطان الصغير" ٳسرائيل ؟ مالهم يرتجفون رعباً كلما مرت طائرة ٳسرائيلية و"يحتفظون بحق الرد" مثل زميلهم "بشار"؟
هل يخشى زبانية نصر الله أن تأتي ٳسرائيل وتقتل وتدمر؟ فليأخذوا المثال من السوريين العزل الذين واجهوا بصدور عارية دبابات الممانعة؟ هل لدى مقاتلي "نصر الله" المدججين بالسلاح عشر معشار شجاعة السوريين العزل في وجه الطغاة؟ ولماذا يصمد السوريون أمام براميل وجزاري اﻷسد من أجل أشياء "تافهة" مثل الحرية والكرامة في حين يتوارى أشاوس المقاومة كالجرذان وهم يجعجعون بالكفاح من أجل أهداف سامية مثل تحرير اﻷرض وقهر العدو اﻹسرائيلي الغاصب؟
ثم لماذا يختبئ نصر الله مرعوباً في أقبية الضاحية؟ هل يخشى أن ينال شرف الشهادة الذي حظي به من هم أقل منه استحقاقاً لهذا الشرف؟
"ممانعة" اﻷسد و"مقاومة" نصر الله هي ضد الرغبة الطبيعية للسوريين وللبنانيين في العيش كبشر، بحرية وكرامة وباستقلالية عن خزعبلات "الولي الفقيه" ومافيات "بوتين". هؤلاء اﻷفّاقون لم يقاوموا ٳسرائيل يوماً ٳلا من أجل "عدة النصب والزعبرة" ومن أجل تخويف شعوبهم بالبعبع اﻹسرائيلي وهم أسوأ من البعبع و من الغول.
من يريد أن يقاوم ٳسرائيل فهاهي ٳسرائيل أمامه، حدودها معروفة وعنوانها لايخفى على أحد، فليقاوم بشرف ومبادئ وسنكون كلنا وراءه بالحق، أو ليخرس ويرحل ٳلى طهران أوموسكو ويتركنا نعيش و"نقاوم".
أ حمد الشامي فرنساahmadshami29@yahoo.com http://elaphblogs.com/shamblog.html
http://www.beirutobserver.com/2014/02/91553/
التعليقات (0)