مواضيع اليوم

مكتبة يتيمة تنعي حظها في زمن العزوف عن القراءة

خواطر مراهقة

2011-05-21 16:47:46

0

  قادتني قدماي أمس إلى المكتبة الوحيدة في المدينة والبعيدة عن محل سكناي، كالعادة لم أجد إلا شخصا واحدا ينتقل بين العناوين.. وليس معنى هذا أن المكتبة خالية على  عروشها بل هناك جمهرة متحلقة حول النسخ ينتظرون دورهم فيما ينهمك المستخدمون في تسريع وتيرة العمل لم اعرف نوعية النسخ لكن ربما مذكرات لأساتذة فرضوها على الطلبة أو نسخ لامتحانات ،و الأكيد ملخصات لدروس استعدادا لتوظيفها في الامتحانات المقبلة ،أما الكتب فظلت شاخصة في رفوفها تنتظر من يفتض بكارتها في زمن اندثرت فيه الفحولة.. عزاؤها الوحيد محاولة المستخدمين نفض الغبار عنها ونقلها من مكان آخر في حركة يائسة   انتظارا لمعجزة لكن هيئات .انغمست بين رفوف المكتبة استرجع أسماء بعض الكتاب الذين كنت احفظهم عن ظهر قلب منهم من قضى نحبه متحسرا ومنهم من ينتظر .. تصفحت بعض الكتب فألفيتها كما ولدتها أمها المطبعة لا اثر لبصمات البشر عليها بل ما زالت بها نتوءات من مخلفات الآلة فأرجعتها بهدوء إلى مكانها.. وما لفت انتباهي قلة من المرتادين  يتصفحون بعض الكتب في الجناح المخاص بالكتب الإسلامية دلفت بينهم لأجد اغلبها لدعاة مشهورين ومحتلين من زمان للقنوات الفضائية ،وكانت بأحجام مختلفة  وصلت أحيانا حجم الكف. داعبت احدها فوجدته يتناول موضوعا بسيطا عن المرأة  .وهناك  كتب أخرى لداعية  ذات حجم كبير تتخللها   صورا براقة وجميلة لا تتناسب والموضوع الذي تتطرق إليه  وفي ذلك تبذير  و فضل يمكن به مساعدة الكتاب الشباب لطباعة انتاجاتهم . في هذا الزمان لا يكفي أن تكون كاتبا مبدعا ولا يهم ما تكتب بقدر ما أنت محتاج   إلى    فضائية معينة تتبناك فتشتهر عبرها وبعد ذلك تكون الطرق سالكة ..

انأ لست ضد الكتب الإسلامية بدليل أن هناك  انتاجات  لكتاب ومفكرين  إسلاميين لم يقبل عليهم احد أما الكتب ذات المحتوى الهزيل والبسيط  والموشحة بصورة الشيخ الجليل، فعليها الإقبال مع أنها لن تؤصل فكرة وقيمة بل تركز على بعض الهوامش والخلافات وأحيانا الترويج لعادات لم ولن يتم الحسم فيها..

 بقيت فترة في رحاب هذه المكتبة ثم خرجت خاوي الوفاض يقينا مني أنني لو تمكنت من شراء كتاب  فسأدفنه مع زملائه في خزانة  لن أتذكرها إلا بعد شهور.. معزيا نفسي بان الانترنيت غنية بكل ما لذ وطاب وما  أن اكبس على زر الفارة حتى ينتقل بي إلى مواضيع ليس بينها والثقافة غير الخير والإحسان . ورحم الله زمان السبعينات والثمانينات حيث نقبل على الكتب إقبالا فنستعيرها في المكتبات أو نشتري المجلات خاصة العربي الذي حرصت  حتى على شراء القديم منها بادئا بمقالات المرجوم الدكتور احمد زكي  الذي لاشك اثر في الكثير من جيلي ثم مقالات نزار قباني في مجلة الوطن العربي إضافة إلى قصائده وانجازات كثير من رواد القصة والأدب والعلوم والسياسة ،بل كثيرا ما بدلنا جهدا ماديا واستعرنا كتبا ممنوعه وتحملنا نسخها وترويجها فيما بيننا كالمنشورات السياسية ، ويتمخض ذلك كله عن أفكار ونقاشات يكون الأستاذ  فيها حكما بيننا مما يدفعه إلى  مضاعفة الجهد للإقناع ..أما أستاذ اليوم فمرتاح من هذا الجانب فلن يعكر مزاجه أي تلميذ او حتى طالب سؤال ولو اشتاق إلى ذلك،  مما قد  يضطر إلى النزول بالمستوى عله يلقى تجاوبا بدون جدوى فلا يملك سوى القيام بدور محو الأمية ..

 بقي أن أشير أن الكتب المكونة من عدة مجلدات هي أكثر من يعاني الإقصاء والتهميش ولا تستغرب إذا ألفيت  مقدمة ابن خلدون تنعي حظها وهي ترى قلة من الشباب و الشابات يقبلون على كتيبات الطبخ والأبراج والماكياج و.. فتتحسر  وتشتاق إلى أيام العز حيث تنفد طبعاتها بسرعة في الأسواق وكذالك حال مطابع مصر ولبنا. و..  

  .والسؤال الملح اليوم هو كيف السبيل لرد الاعتبار للكتاب ؟وهل من الإنصاف أن تذهب جهود هؤلاء الجهابدة من المؤلفين سدى؟ وهل هذه الظاهرة  تنسحب على جميع الشعوب أم سمة خاصة بالشعوب العربية ؟  وما مدى إمكانية مقاضاة  المسببين  في هذه الكارثة ؟ مثل وسائل الاتصال بأنواعها.. بحيث تجد ابنك عوض  الاهتمام بدروسه كأضعف الإيمان تلفاه  منهمكا في صياغة  رسائل قصيرة  بلغة ما أتى الله بها من سلطان   

 هل هي أخطبوط التجارة والربح السريع ولو على حساب القيم ومستقبل البلاد ؟

قد يدعي البعض أن من بين هذه الوسائل من حققت تغييرا جذريا في بعض البلاد  وهذا صحيح إلى حد ما رغم أن نتائج هذه الثورات لم تتبلور  بعد والأمور تقاس بخواتمها ..

ثم إن  الحكم على  جودة الشيء  رهين بغلبة  ايجابياته عل السلبيات. أتمنى أن يساهم الجميع في إيجاد حل لهذه المعضلة التي لن تبقي هوية ولن تذر وجودا.  




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !