بينما يستمتع أصحاب هذه المنازل بمظاهر الطبيعة التي تصادفهم في كل مكان يتفقدون راجلين الأزهار المتفتحة ويداعبون بعض الحشرات وقد يجرون وراء الفراشات الملونة ،وحين ينتابهم التعب يجلسون تحت شجرة وارفة الظلال يتملون المنظر البانورامي الممتد عبر الأفق في جميع الاتجاهات ويشنفون آذانهم بشدو الطيور وخرير المياه ..يدققون في كل ما يصادفونه من حجر وشجر ونبات يتسلقون الأشجار و يدخلون الكهوف وأثناء ذلك تتزود أجسامهم بالفيتامينات المنبعثة من أشعة الشمس ، كما تتشبع رأتهم بتركيز الأكسجين النقي ثم يتركون أرجلهم تداعب المياه التي تنساب برفق في المجاري المنتشرة في كل مكان ..
أما أنا فكما قلت محشر في سيارة أجرة أريد لها أن تحمل أكثر من طاقتها وبجانبي رجلين متوسطي الحجم وامرأة ضخمة مما جعل كل واحد منا يتوسد طرفا من الآخر في البداية أحسست بألم في فخدي امتد إلى اصنع قدمي مثل الم عرق النساء ورغم محاولاتي المتكررة لا اقدر على تحريكه . ومع مرور الوقت يتلاشى الألم بل كان ذلك الجزء لا ينتمي إلي وأصبح جزءا من السيارة وحسنا فعل . أما الموسيقى التي سمح بها السائق عله يكفر بها عما لاقيناه من عذاب سيارته فلا يصلنا منها إلا مقاطع مشوهة بمقاطع من صوت المحرك إضافة إلى تشكيلة من الروائح تذكرك بجحر الفئران وتدفعك إلى إفراغ ما في بطنك إذا ضعفت عن المقاومة . كما وقع للمراة التي بجانبي فقد طلبت من السائق التوقف واندفعت إلى الخارج ولو لم تفعل لزادت الطين بلة .حاولنا الخروج دون جدوى لان بعض أطرافنا تيبست وتحتاج إلى فترة ليتدفق إليها الدم من جديد تذكرت حينها متسلقي جبال الهملايا الذي يتسبب البرد الشديد في بتر اصابعهم فمررت يدي بقوة على رجلي لأساعد في إحيائها. فكيف سيكون منظري حين اخرج من البيت معافي البدن ثم أعود بدون ساق ..ركبت المراة من جديد وتناولت عطرا ردئئا ونشرته على ثوبها وامتد الى فضاء السيارة . طلبت مفتاح الزجاج من السائق فتركت الهواء يصدم خياشيمي ويعبث بخصلات شعري لم انتبه لمن طلب إغلاق النافذة خوفا من ألا تنقل إلى عدوى المراة التي بجانبي، وإمعانا في الاحتياط أصر على النظر بعيدا كي لا أصاب بالدور. جربت أن احسب : واحد. جوج...دون جدوى في الأخير تركت العنان لخيالي متصورا نفسي صاحب تلك السيارة (المنزل) وكل وسائل الراحة متوفرة لدي ...لم أتمادى كثيرا فقد توقفت السيارة بسرعة أمام احد الخرفان التائه عن القطيع فكانت رجة كافية لإخراج ما تراكم في البطون . وتعالى صوت السائق يسب الخروف والراعي .. ثم حمد الله أن انتهى الأمر على ذلك..للتو ذهبت لإنجاز بعض الوثائق في القاعة انتظرت كثيرا وصول المسؤول وأنا أفكر في رحلة العودة آخر النهار متمنيا أن أحظى بركاب نحيفي البنية ولم لا الركوب في سيارة المنزل...
شيء آخر يمتاز به هؤلاء فهم يسيرون في كل اتجاه ولديهم الوقت الكافي أما أنا فاقطع نفس الطريق ذهابا وإيابا مثل التيار الكهربائي وكذا مثل النملة بل النملة لديها إمكانية الوقوف متى شاءت ..
التعليقات (0)