من باب الفضول سالت احد تجار السمك: لاشك أنكم تستفيدون أكثر مع هؤلاء السياح أجاب بحسرة : أين الفائدة ؟ إنهم بخلاء فلا يشترون إلا قطعتين بعد أن ينشفوا حلقك. فكلما وفروا في النفقات كلما طال أمد إقامتهم واستمتاعهم ونفس الشيء عند الخضار والجزار بل الكثير من التموين يشترونها في بلادهم ،فقط المستفيد نسبيا هو صاحب المخيم وقليلا ما يبيتون لان ارض الله واسعة . صنف آخر من الأجانب نقلوا مشاريعهم واستثماراتهم الى الجنوب فانهمكوا في شراء العقارات والأراضي الساحلية مما ضاعف من ثمنها وعجز المواطن عن شراء موقع قدم له ..وقد يأتي يوم لن تجد منفذا إلى مياه المحيط لأنه في ملك الغير.. وهنا نستحضر قوله تعالى ( والله فضل بعضكم على بعض في الرزق) فهؤلاء مفضلون في كل شيء حتى الدخول يتم بدون تأشيرة، ويستقبلون بحفاوة في المطارات بينما يصطف المواطنون عندنا لأيام أمام القنصليات والسفارات لأيام وقد استلفوا المبلغ المطلوب ليرفض في النهاية طلبهم وتتبخر أحلامهم ونقودهم في انتظار فرصة أخرى أو اختيار الحريك بعيدا عن ذل الانتظار والتسكع أمام ... وذكرني ذلك أنني منذ سنوات فكرت في الذهاب إلى أوربا للاستجمام والاستمتاع عن كتب بالمعالم الحضارية وتذوق الجمال الأوربي، خاصة أن العديد من الأقارب هناك ومافتئوا يعاتبونني لأنني لم احتذ حذو الكثير من الأصدقاء والزملاء للسفر إلى فرنسا.. بدأت بإنجاز جوار السفر الذي تطلب التنقل عبر مصالح متعددة لأيام لكن الجواز لا يكفي فلا بد من وثيقة الضمان يرسلها هناك من يتكفل بالمأوى وغيره ولن تشفع لك وظيفتك ولا راتبك ولا سنك.. . لأول مرة أحسست بالدونية وان ما يسمى ب"سوبير مان" ليس خياليا بل حقيقي متمثلا في الإنسان الغربي عموما أما نحن فرغم شحننا منذ نعومة أظافرنا اننا الأحسن والأفضل إلا إن هذه الصخرة الهلامية المشكلة من الرواسب الفكرية العنترية تتحطم أمام مكتب اصغر قنصلية .. المهم سرت مع التيار وطلبت قرضا لألا أكون عالة على الغير وفي نفس الوقت اشتري بعض الهدايا. اتصلت بحفيدة الأخ لإرسال ورقة الضمان تحمست في بداية ..وبعد أيام خفت الحماس وبرز تبريرات إدارية مرتبطة بالوقت وفي الأخير توصلت بالوثيقة ولم يبق من العطلة غير أسبوع.. شكرت الحفيدة على كل حال وجمعت الوثيقة والجواز وركنتهما جانبا لتنتحرا ببطء .ثم عدلت عن الفكرة معللا نفسي أن بالبلد أماكن أفضل يمكن السفر إليها. كما أن التوفر على الوثيقة لا يضمن السفر إذ لابد من التسكع أمام القنصلية أو شراء مكان متقدم في الصف وأنت وزهرك أنت وحظك حسب مزاج والمقاييس المعتمدة عند موظف القنصلية يمكن الحصول على التأشيرة أو ترجع بخفي حنين بعد دفع مبلغ محترم..
أما السوبرمان الغربي فالسبل مفتوحة وكل الطرق تودي إلى المغرب وغيره . أما نحن فرغم الآيات الكريمة التي تحض على السفر (..وامشوا في مناكبها). (قل سيروا في الأرض وانظروا..) .. رغم ذلك فحتى بلادنا الآخرون اعلم بمجاهلها منا .. فهل نصدق بعد الآن من لازال يدعي أننا الأفضل والأحسن..
التعليقات (0)