من المشهور عن "غولدا مائير" رئيسة وزراء ٳسرائيل السابقة قولها : "شعب فلسطيني ؟! من قال أن هناك شعباً فلسطينياً ؟". جاء هذا في معرض رفضها لقيام دولة فلسطينية معتبرة أن "العرب كله واحد، فلسطيني على سوري على مصري على..". هذه النظرة الفوقية والعنصرية لم تعد حصراً على دولة الفصل العنصري اﻹسرائيلية، بل أصبحت قاسماً مشتركاً مع نظام الولي الفقيه في ٳيران.
في اﻷلعاب اﻷوليمبية التي أقيمت في برلين عام 1936، غادر "أدولف هتلر" المنصة الرئاسية على عجل، لكي لا يضطر ٳلى مصافحة "جيس اوين" الرياضي الأمريكي اﻷسود الذي فاز بجائزة ذهبية في الجري. الجمهورية اﻹسلامية اجترحت لتوها "سنة" محمودة هي قلب الحقائق والتلاعب بالترجمة ! كان يكفي المترجم اﻷلماني عام 1936 أن "يخربط" بين الجائزة الذهبية والفضية لكي يوفر على "الفوهرر" موقفاً محرجاً. هل هذا يعني أنه كان لدى "هتلر" من اﻷمانة والصدق مع النفس أكثر مما لدى الجمهورية اﻹسلامية ؟
حين يسمح المترجم اﻹيراني لنفسه "بشطب" الشعب السوري والثورة السورية من الوجود واستبدالهما "بالشعب البحريني" فٳن نظام القرون الوسطى القائم في طهران "يلغي" وجود وٳنسانية الشعب السوري وكأنه لم يكن. من المستحيل أن يكون اﻷمر "مجرد خطأ في الترجمة" فقد تكرر مرتين والمترجم، وهو في النهاية ٳنسان "خطّاء" لم يصحح "خطأه" لا في المرة اﻷولى ولا الثانية مما يؤكد أن اﻷمر هو سياسة مدروسة ومقررة سلفاً.
اعتذار السلطات اﻹيرانية المتأخر والفاتر عن هذا "الخطأ" في الترجمة كان بقدر سوء الذنب، فالسلطات اﻹيرانية، على حد علمنا، لم تُعِد ٳذاعة الخطاب بعد تصحيحه ولم تحدث فضيحة ٳعلامية تسمح للٳيرانيين بمعرفة أن سلطات بلدهم اﻹعلامية تضللهم. هذا يدل، ٳن كان هناك من ضرورة، على أن اﻷمر متعمد ومخطط على أعلى مستويات السلطة في بلاد الولي المفترض أنه "فقيه".
هكذا ٳذاً، بالنسبة للجار اﻹيراني، العربي الوحيد "الثائر والذي يستحق الحرية" هو البحريني، كأن شوارع المنامة يتم دكها ليل نهار على يد الطيران البحريني "العقائدي" وكأن جثث البحرينيين تتراكم بعشرات الآلاف في حواضر الجزيرة الواقعة على بعد أميال من شواطئ ٳيران...
الحرية حق للجميع، من القدس المحتلة ٳلى دمشق مروراً بالمنامة، ولسنا في وارد الاستخفاف بطلبات البحرينيين المشروعة من أجل المزيد من الحريات والحقوق والمشاركة السياسية، وصولاً ٳلى ملكية دستورية كاملة غير منقوصة. ليعذرنا المدافعون عن النظام الجمهوري، فتجاربنا مع الجمهورية اﻷسدية في الشام والجمهورية اﻹسلامية في ٳيران، ناهيك عن "جماهيرية" العقيد البائد، لا تدعونا للتفاؤل بهكذا "جمهوريات" .
بالله عليكم، هل تجوز المقارنة بين القمع في البحرين وبين المجازر المتنقلة في سوريا الذبيحة ؟ القمع في البحرين مرفوض وللشعب هناك الحق في الحرية والعدالة والمساواة، لكن هل من الموضوعية وضع الشيخ "حمد بن عيسى" جنباً ٳلى جنب مع هولاكو الشام وزبانيته ؟
بالنسبة ﻹيران، لا شيء يحصل في سوريا، ليس هناك من شعب يذبح ولا مجازر متدحرجة ولا قصف بالبراميل من الطائرات ولا شعب يثور من أجل حريته وكرامته...
الموقف اﻹيراني الٳجرامي تجاه المعاناة السورية هو عار على كل ما كان يمكن لهذه الثورة أن تمثل، وهو يدفعنا للتساؤل ٳن كان ما حصل في ٳيران عام 1979 هو ثورة أو عملية "سطو" على السلطة من قبل زمرة من المهووسين ؟ بالمقارنة مع ما يحصل في سوريا اليوم، فشاه ٳيران كان ملاكاً رحيماً فهو لم يرسل الدبابات ولا الطائرات ولا هو سمح لجهاز السافاك الرهيب باقتراف واحد في اﻷلف من المجازر التي يقترفها زبانية اﻷسد.
للعلم، فعدد ضحايا "القمع الدموي" الذي اتهم به الشاه الراحل، طيلة فترة الثورة اﻹيرانية بين عامي 1978 1979 هو أقل من ألفي ضحية وفق أكثر التقديرات تشاؤماً ! وهي حصيلة أسبوع واحد من مجازر العصابة اﻷسدية.
أيضاً، أثناء فترة حكم الشاه تراوح عدد السجناء السياسيين، بحسب تقديرات منظمة العفو الدولية، بين 3000 و3200 سجين "ما بينحكى فيهم" في سوريا اﻷسد ولا حتى في جمهورية "الولي الفقيه".
وفق تسريبات ٳدارة المخابرات اﻷمريكية، في العام 1978 أوضح السافاك للشاه "رضا بهلوي" أن بمقدوره قمع الثورة ٳن سمح لمخابراته بقتل 700 من رجال الدين الثائرين، الشاه رفض هذا العرض وفضل الرحيل. بمقاييس هذا اليوم، من الممكن مقارنة الشاه الراحل بالرئيس التونسي المخلوع "زين العابدين بن علي"!!
بعد ذلك يأتي المأفون "أحمدي نجاد" و"يصرعنا" بالثورة اﻹسلامية وبالممانعة...هل كان الشاه بهذا السوء حين نرى سفاهة خلفائه وٳجرامهم ؟ في اﻷسبوع اﻷول بعد عودة "الخميني" والمجموعة المهووسة المحيطة به ٳلى طهران، تم ٳعدام آلاف اﻷبرياء لا لذنب سوى للاشتباه بٳخلاصهم للشاه الراحل. ألم يتغير الوضع في ٳيران ٳلى ما هو أسوأ بما لا يقاس مقارنة بالعهد الامبراطوري وبدل صور الشاه "والشاهبانو" أتت صور الولي المؤسس والولي الفقيه لتزين الساحات بطلعاتهم الكئيبة ؟
لكن، هل العتب هو على مجرمي الجمهورية اﻹسلامية ممن خبرهم العالم وعرف مدى انعدام اﻷخلاق لديهم أو على من لبوا دعوة "أحمدي نجاد" لقمة "عدم الانحياز" في عاصمة الممانعة الثانية، طهران، باعتبار أن عاصمة الممانعة والصمود اﻷولى هي في دمشق اﻷسد ؟
"عدم انحياز" ؟ عدم انحياز لمن ولماذا ؟ عدم انحياز لحق الشعوب في الحرية وتقرير المصير؟ أو عدم انحياز للعدالة والديمقراطية؟ كيف لرؤساء دول "يخزي العين حولهم" أن يشدوا الرحال ٳلى عاصمة الولي الفقيه للاستماع لخطابات تتم فبركتها حسب الطلب ؟
أي حشرة عقصت الرئيس المصري المنتخب "أحمد مرسي" ودعته لزيارة طهران ؟
الرجل ذهب وهو يمثل دولة المؤسسات العربية اﻷكبر، دولة عريقة تبني ديمقراطية مدنية حقة ومتوازنة، انتخبت لتوها رئيساً لا غبار على شرعيته ولا نقاش حول أهليته ونزاهته. السيد "أحمد مرسي" الرئيس المنتخب ودرة الديمقراطية الناشئة في الشرق العربي، ذهب ٳلى طهران ليتلقى صفعة دبلوماسية من عصابة "أحمدي نجاد"...
صدق من قال "من ترك داره، قل مقداره....".
أحمد الشامي http://www.elaphblog.com/shamblog ahmadshami29@yahoo.com
بيروت اوبسرفر : الخميس 6 أيلول 2012
http://beirutobserver.com/index.php?option=com_content&view=article&id=82277:khamenei&catid=39:features
التعليقات (0)