مواضيع اليوم

عدو الداخل

أحمد الشامي

2013-04-26 11:25:41

0

تعرضت بلاد الشام عبر تاريخها الطويل للعديد من الغزوات واﻷزمات، كانت كلها كوارث تركت آثاراً لاتمحى في الذاكرة الجمعية للسوريين.
أول هذه النكبات كانت الغزو الصليبي الذي قدم بحجة حماية الأماكن المقدسة. الصليبيون أقاموا أطيب العلاقات مع مسيحيي البلاد. رغم المرارة التي تركها هذا التعاون في قلوب السوريين، استمر المسيحيون في العيش في بلاد الشام بعد هزيمة ورحيل الصليبيين.
غزو المغول بقيادة "تيمورلنك" الشيعي جاء بعد ذلك، في أواخر القرن الثالث عشر الميلادي. الرجل اجتاح آسيا ووصل ٳلى موسكو، ثم توفي قبل أن يغزو الصين. كتب التاريخ تذكر أن "تيمورلنك غادر دمشق، ومعه خيرة حرفييها وصناعها" بعدما لم تبق غنائم تذكر في المدينة.
الصليبيون جاؤوا وتعاطف بعض المسيحيين معهم، الصليبيون رحلوا وبقي المسيحيون والمسيحية. "تيمورلنك" أتى وظن بعض الشيعة أن مجيء الغازي سوف يعزز نفوذهم. "تيمور" رحل بعدما نهب البلاد والعباد، أما الشيعة والعلويون فقد استمروا في العيش بين ظهرانينا بأمان رغم رحيل الغازي.
مع وصول عصابة اﻷسد ٳلى السلطة في دمشق، بدأ الغزو اﻷحدث واﻷكثر خطورة من سابقيه. خطورة الغزو اﻷسدي تكمن في حقيقة أنه احتلال تقوم به عصابة ممن يعتبرون أنفسهم "من أهل البلد" اعتماداً على طائفة ارتهنت مصيرها وضميرها للعدو الخارجي. الغزو هذه المرة "بالمقلوب" فالداخل هو من يستدعي الخارج لكي يستمر في غيه وليس العكس. ﻷول مرة في التاريخ تقوم أقلية باحتلال بلادها لصالح الغازي الخارجي.
لا أحد ينتظر من اﻹيراني و الروسي أن يكون "حنونا" على السوريين، لكن ما الذي يدفع جند اﻷسد لسفك دماء مواطنيهم بهذه اﻷريحية التي تليق بالمغول والصليبيين ؟ ألا يعرف المنخرطون في جيش الاحتلال اﻷسدي ذي اﻷغلبية العلوية أن المدن التي يقصفونها هي مدنهم وأن الدم المسفوك هو دم سوري في آخر اﻷمر ؟
الصليبيون عبروا البحر وعادوا ٳلى قارتهم العجوز، المغول استقر بهم المقام في "سمرقند". الغازي الخارجي عاد من حيث أتى، لكن ٳلى أين يذهب "عدو الداخل"؟
أحمد الشامي فرنساahmadshami29@yahoo.com http://www.elaphblog.com/shamblog
نشرت في "عنب بلدي" العدد 61 في الواحدوالعشرين من نيسان 2013 http://enab-baladi.com/archives/8280


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات