منحت جائزة نوبل لهذا العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية , هذه ليست المرة الأولى التي تمنح فيه هذه الجائزة لمنظمة دولية ,وليست لأفراد , فقد سبق ان حازت عليها منظمة الصليب الأحمر 1963 , اليونيسيف 1965 , المفوضية العليا لشؤون اللاجئين 1981 ومنظمة أطباء بلا حدود 1999 وغيرها من المنظمات الدولية التي ساهمت في ترسيخ السلام أو ساهمت في التخفيف من جنون الحرب .
هذه الجائزة من أكثر الجوائز المثيرة للجدل عن شقيقاتها نوبل للفيزياء , الأدب أو غيرهما , لما لها من أبعاد سياسية , ومالها من أثار جانبية تتجاوز كونها جائزة مادية او قيمة معنوية , لدعم سياسات معينة لطرف ما , أو حتى الرأي الشخصي للمشرفين على جائزة مخترع الديناميت , سواء قدمت الجائزة لأشخاص يستحقونها أم حجبتها عنهم إرضاء لدول معينة او خدمة لخط سياسي ما , فعدم منح جائزة نوبل للسلام للمهاتما غاندي إرضاء لبريطانيا , تعتبر وصمة عار بحق هذه الجائزة , او حتى منحها لأخر كميخائيل غورباتشوف 1990 اخر رئيس سوفياتي , الذي ادت سياساته إلى إنهيار الإتحاد السوفياتي وسقوط عدة دول من حلف وارسو فيما بعد في التقسيم والحرب الأهلية كما حصل في البوسنة , صربيا والشيشان , علامة إستفهام كبيرة , بأنه كان من المبكر منحها لغورباتشوف ام انه من الأفضل تاجيلها لبعض الوقت لتبيان الأثار الجانبية لسياسة البروسترويكا وغيرها التي اتبعها .
هذه السنة كانت الترشيحات كثيرة بل ومثيرة للجدل أيضا ومستفزة للعديد من الدول كترشيح جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس ,الجاسوس الامريكي إدوارد سنودن , والجندي الامريكي برادلي مانينغ . الذين انتهكوا أسرار الولايات المتحدة ونشروها على الملأ .
روسيا كانت مستفزة أيضا من ترشيح ناشطين في المنظمات الحقوقية الروسية التي تتعرض للتضييق من قبل الرئيس الروسي بوتين .
مالالا يوسف زاي الناشطة الباكستانية كانت الاوفر حظا لدفاعها عن حق الفتيات في التعليم والتي تعرضت لمحاولة إغتيال من قبل طالبان , مالالا لم يحالفها الحظ هذا العام , رغم انها كادت أن تدفع حياتها ثمنا للمطالبة بحق بديهي للفتيات .
سوريا كانت تجمع معظم المرشحين لجائزة نوبل للسلام فبغض النظر عن المرشحين المغضوب عليهم من قبل الرئيسين اوباما وبوتين , ابرز القادة المحركين للشأن السوري , نجد ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون , احد المرشحين لدوره في وقف العنف في سوريا ودوره في التحقيق في إستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا , رغم الإجماع الفريد للنظام السوري والإئتلاف السوري المعارض وبقية الاطراف , بانه لم يفعل شيئا لحل المسألة السورية .
موقع فايسبوك كان من بين المرشحين للجائزة النرويجية , الذي استفاد منه الناشطين للحديث عن انتهاكات النظام السوري , وعرض مايجري في سوريا , والذي تحول فيما بعد لساحة تنافس بين المؤيدين والمعارضين للنظام في نشر وتوثيق الإنتهاكات من قبل الطرفين .
ترشيح البعض للرئيس الروسي بوتين , لدوره في منع الحرب في سوريا , يعتبر نوعا سافرا من المزاح في وقت الجد , لامكان له .
كل هذه القائمة الطويلة من الترشيحات لم تجد صداها عند القائمين على الجائزة , فأختاروا ان تكتمل المفاجاة ويذكروا الأسم الذي لم يذكر وهو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية , التي لولا سوريا لما ورد إسمها طيلة العام الماضي .
منح الجائزة قبل الفوز بها , امر فريد من نوعه , ويستحق جائزة لأصحاب الجائزة , وهو امر حصل قبل ذلك للرئيس الامريكي اوباما 2009 بعد تسلمه منصبه بشهور , دون أن يقدم أي شيئ لامريكا .
لم تنتظر جائزة نوبل للسلام الوقت بل صلت صلاة إستخارة على نية التوفيق ووهبت نفسها للمنظمة الكيماوية الدولية بدون ان تعرف ان النظام سيلتزم بالإتفاق او تتأكد ان السلاح لم يصل لمنظمات إرهابية , أو حتى أن تكون على يقين بأن هذا التجريد من السلاح الكيميائي سوف ينهي الصراع الدموي في سوريا . بل كانت الجائزة قائمة على الإستخارة وحسن النية فقط .
كان على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالإضافة لتقديم الثناء للنظام السوري لتعاونه مع لجنة نزع الترسانة الكيميائية او توجه الشكر له على هذه الجائزة , التي قدمها النظام لها من حيث لاتدري .
عبدالله كريستوف مرجانه
التعليقات (0)