نطق مجلس الأمن وأصدر قرار بشان سوريا وبإجماع كامل للقضاء على مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية لينهي عصر سوريا مع سلاح الردع , وان الكيماوي السوري في وجه النووي الإسرائيلي ومايطلق عليه بتوازن الرعب بين سوريا وإسرائيل رغم ان الجبهة السورية الاسرائيلية كانت هادئة على مدى عقود من الزمن , إسرائيل بلا شك سعيدة , بانها أخرجت سلاح كان بيد النظام السوري يضمر لها العداء ولو ظاهريا , وبان هذا السلاح لن يقع بيد أحد قد يستعمله ضدها يوما ما , النظام السوري الذي أصيب بالفزع بعد أن تم اتهامه بمجزرة الغوطة الكيميائية وجد نفسه لفترة وحيدا , فالرئيس الامريكي اوباما هدد وتوعد بان النظام السوري تجاوز الخط الأحمر النووي وعليه أن يتحمل عواقب ذلك وأن الضربة لامفر منها ولو من خارج غطاء مجلس الأمن وشاركته بهذا فرنسا وبريطانيا في البداية , حيث تراجعت الأخيرة بعد رفض مجلس العموم البريطاني للضربة العسكرية , ألمانيا موقفها واضح منذ البداية وحدها فرنسا سارت مع أمريكا في موضوع الضربة , ودعت إلى تحالف دولي لمعاقبة النظام السوري , ولكن أوباما الحائز على جائزة نوبل للسلام والذي قدم نفسه للشعب الأمريكي والعالم بأنه رجل السلم , على عكس سلفه بوش الأبن كان له حسابات أخرى , كلمة السر دائما هي جنيف 2 , أوباما يريد أن يحل المعضلة السورية بالحوار وإجبار النظام والأئتلاف وكل اللاعبين الإقليميين بالجلوس إلى طاولة المفاوضات والوصول إلى حل يرضي الجميع وإطفاء الحريق السوري الذي أصبح ينتشر في دول الجوار كالعراق ولبنان , بحروب أهلية والعودة للمربع الأمني صفر , وتخوف باقي الدول كالأردن المرهقة إقتصاديا من اللاجئين . اللافت في الأمر أن يدير أوباما ظهره لحلفاء أمريكا التقليدين في المنطقة كقطر والسعودية وكذلك لفرنسوا هولاند , الذي تركه وحيدا محرجا , ليتلاقى مع الرئيس الروسي بوتين , الذي بدوره تخلى عن النظام السوري بشكل( مؤقت) بعد مجزرة الكيماوي ليصيب الأسد بالفزع بانه بقي وحيدا وفقد حليفه القوي ومحاميه المفوه في مجلس الأمن الذي حماه من عدة قرارات دولية ضده ودعمه إقتصاديا وعسكريا ولوجستيا , وخرج لافروف ليقول بان روسيا لن تخوض حربا نيابة عن الأخرين ولن تعارض ضربة عسكرية ضد سوريا ولو من خارج مجلس الأمن , ووصل الأمر بانها هددت بسحب سفنها من قاعدتها العسكرية العتيدة في طرطوس , حالة الهلع أصابت النظام السوري . الأئتلاف شعر بان النصر بات قاب قوسين أو ادنى له , الجيش الحر إستعد لينسق مع الصورايخ الأمريكية , ثم حصلت المرحلة الثانية من الضغط , حيث بدأ اوباما بالتراجع عن الضربة عن طريق عدد من الحجج بان ينتظر تقرير المفتشين وان يستشير الكونجرس المنقسم أصلا بسبب ذكريات المستنقع العراقي والتخوف من القاعدة وكذلك موضوع إسرائيل , ثم تقرر امريكا وروسيا بتنسيق لافت بينهم إلى تأجيل الضربة العسكرية إلى أجل غير مسمى والأستعاضة عنها بقرار من مجلس الأمن بتدمير المخزون الكيماوي لسوريا , بحيث يحفظ اوباما ماء الوجه وكذلك لبوتين الذي لم يتخلى عن الرئيس الأسد كما أوحى طيلة إسبوعين عاشهم الأسد على أعصابه . الأئتلاف أصيب بضربة لم يستوعبها لغاية اللحظة وشعر بأنه كان ضحية الصفقة الأمريكية الروسية وزاد على ذلك بيان عدة تنظيمات مهمة ولها وزنها على الأرض تقاتل النظام بان الإئتلاف السوري لا يمثلها .
الأجواء الأن بدات تصبح ملائمة لعقد جنيف 2 بعد إفهام طرفي النزاع بان الحل السياسي ولو إستغرق وقتا هو الحل الوحيد للمعضلة السورية بعد أن كان شعار الطرفين ( التحرير والتطهير ) وهذا مالاحظناه في تصريحات النظام السوري وكذلك تصريحات الإئتلاف الأخيرة .
أمريكا وروسيا خرجت منتصرة من هذا الشهر الكيماوي الطويل , إسرائيل مسرورة بلا شك , إيران حافظت على حليفها المرهق , العراق والأردن تنفست الصعداء , باقي اللاعبين الاقليميين منهم الغاضب ومنهم المتوجس لهذه الصفقة بين النسر الأمريكي والدب الروسي , وحده الشعب السوري دفع ويدفع الثمن غاليا نتيجة لعبة الأمم , وعليه ان ينتظر ما سيأتيه من هذه الصفقة بحلوه ومره .
عبدالله كريستوف مرجانه
التعليقات (0)