مواضيع اليوم

رسالة الى والدتي الحبيبة

   رسالة إلى والدتي الحبيبة

والدتي العزيزة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :  في اليوم الذي أدخلتك فيه المستشفى ورأيت عينيك ذابلتين وقدميك لاتستطيعان حملك ، ولم أرقد معك تذكرت يوم أن مرضتُ وحملتيني  وأدخلتيني المستشفى ، وسهرت لأجل مرضي الليالي الطوال حتى شفيتُ ، وخرجت  من المستشفى ، وعندما أدخلتك المستشفى وضعتك على كرسي متحرك أدفعك فيه ، ووضعتك على سريرك وخرجت من المستشفى عائداً إلى بيتي ، دون أن أرقد معك فشتان مابين حامل ودافع وساهر ونائم ومقيم ومغادر  ، وفي طريق عودتي تذكرت قصة قرأتها يوماً عن رجل ألقى أمه في وادي الذئاب ، فالوادي اليوم ياأمي قد تغير فالعيش في هذه الحياة وسط هذه البشرية كأنها ذاك الوادي ،ولكن ذئاب اليوم هي ذئاب بشرية ، وأنا فعلت كما فعل لكن بصورة أخرى ، تركتك ياأمي في القرية تعانين شظف عيشها ، وقسوتها ، وانتقلت بسكني بعيداً عنك ، وانشغلت عنك بالزوجة والأولاد ومشاغل الحياة ، وتركتك تعانين ألم الفراق ، والمرض ، والعوز والحاجة ، ولكن عذري يا أمي إني لم أهجرك بملء إرادتي وإنما أُخرجتُ رغماً عني ، فقد أخرجني الغرباء من قريتي وأبعدوني بعيداً عنك . وإليك القصة يا أمي : حملَ رجلٌ أمَهُ وألقاها في وادي الذئاب لتأكلها لأنها تشاجرت مع زوجته ، وسار بعيداً عنها ، وهناك وقف وقفة متأمل فحاسبته نفسه على فعله ولسان حالها يقول له : إن الزوجة إذا ما متّ تبحث عن زوج آخر ، ولكن أمك سوف تبكي عليك السنوات الطوال ، أمك حملتك في بطنها وهناً على وهن ، وعانت آلام المخاض ، وأرضعتك من صدرها لبناً دافئاً لمدة سنتين ، وغسلت بيديها العذرة عنك ، وسهرت عليك الليالي الطوال من أثر الحمى ، ويكون هذا الجزاء لها منك ، والله أن هذا ليس بعدل ، فعاد أدراجه متنكراً إليها ،  قائلاً لها: من وضعك هنا ياخالة ؟ .

قالت : ياولدي إذهب بهذا الطريق إن ولدي سار فيه وأخاف أن تأكله الذئاب ، ياالله ، ياالله ، ياقلب أمي ، ماأرحمك بي ، ماأعظمك ياأمي ، ماأحنك عليّ .

كم تركتك ياأمي تعانين الآلام على الأسرة البيضاء في المستشفيات دون أن أرعاك ؟ ، كم تركتك ياأمي عارية ممزقة الثياب دون أن أمد يدي إليك كي أكسوك ؟.

        كم تنعمتُ بالخيرات والملذات وأنت تعانين الحاجة والعوز ولم أكن يوماً بمالي أواسيك ، كم تنعمت بأجهزة التكييف وأنت تعانين البرد في الشتاء والحر في الصيف دون أن أخفف من معاناتك ، ياأمي : يامن يرحمني الله في الدنيا لأجل عينيها ، فلماذا أنا بأفعال قباح أُوذيك  ، ضميني إلى صدرك ياأمي ، ودعيني بدموعي أغسل قدميك ، كم أشتاق إليك ياأمي وأدعو الله من قلبي أن يشفيك ، أحبك يا أمي. ولدك جاسم([1])



([1])  جريدة صدى العراق ، العدد (211)  الاربعاء 13/2/2013. 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !