حقيقة الشفاعة عند المسلمين
بعيداً عن الأصطلاحات اللغوية نتحدث قليلاً عن الشفاعة في الإسلام وبصورة مختصرة تعتبر الشفاعة باب من أبواب رحمة الله وهي نوع من الضراعة والتوسل والدعاء قد أستحقها أشخاص هم أهل لذلك تكريماً واظهار لعلو شأنهم ومقامهم ؛ وهذه الشفاعة تكون مقرونة بمن أذن الله له الشفاعة كما وضح الله ذلك في قوله {من ذا الذي يشفع عنده إلاّ بإذنه} (البقرة/255..
وهذه الشفاعة هي دعاء الرسول وطلبه من الله غفرانَ ذنوب عباده، إذا كانوا أهلا لها. إذ يرجع طلب الشفاعة من الشفيع إلى طلب الدعاء منه لتلك الغاية،ولهذا يكاد يجمع علماء المسلمين على وجود الشفاعة وأنها تنال المؤمنين.. لكن بعضهم ناقش في سعة المفهوم وضيقه، ففيما يجمع أغلب أئمة الفرق والمذاهب الاِسلامية على أنّ الشفاعة تنفع في دفع الضرر والعذاب؛ وان الرسول الاقدس يكون شفيعاً للمذنبين حين تشتد الخطوب ويشتد البلاء بالناس في الموقف العظيم ويطول عليهم زمن وقوفهم مع ما يعانونه من هول ذلك اليوم يكون النبي صلوات الله عليه واله وسلم الشفيع لامته وهو القائل عليه الصلاة والسلام (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا) اذن فالشفاعة من المسائل الواضحة والتي ذكرت في القرآن الكريم، يدل على ثبوتها العديد من آيات الكتاب (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً﴾ والأحاديث المروية عن النبي والمعصومين عليهم السلام،وعن سول الله ("إني أشفَّع يوم القيامة فأشفع، ويشفَّع علي فيشفع ويشفَّع أهل بيتي فيشفعون") وهنا يمكننا القول لافرق في شفاعة اولياء الله في الحياة وبعد الممات فهي كرامة قد استحقوها وتصديقاً لماقلناه ماذكر في المحاضرة {14} من بحث : ( ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد )للباحث والمحقق الصرخي الحسني أن (زيارة_قبر_النبي لها خصوصية الشفاعة
حاشية ابن حجر الهيثمي ، قال الحافظ ابن حجر الهيثمي : روى البزار والدار قطني بإسنادهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم" : من زار قبري وجبت له شفاعتي) ورواه الدارقطني أيضًا والطبراني وابن السبكي وصححه بلفظ ( منْ جَاءَنِي زَائِرًا لا تحمِلهُ حَاجَةٌ إِلّا زِيَارَتِي، كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).
أقول : يعني زيارة نفس المكان، نفس القبر، نفس النبي "صلّى الله عليه وآله وسلم" زيارة نفس القبر فيه خصوصية وينال الزائر الشفاعة ، ويضاف لهذه زيارة الصحابة ، كثرة العبادة ، المسجد ، اعتكاف المسجد ، فلا يضر قصده في حصول الشفاعة له .)..
نعم فالشفاعة بمفهومها الصحيح هي بناء للفرد والمجتمع لما لها من آثار تربوية من شأنه بعث الأمل في نفوس العصاة وأفئدة المذنبين يدفعهم الى العودةعن سلوكهم المنحرف وأعادة النظر في منهج حياتهم ؛ ان فهي وسيلة لتحقيق غاية مهمة وهي تربية الافراد واعادة العاصين لجادة الصواب ؛ لذا نرى الابعاد الكبيرة التي شملت لطف وعطف الرسول واهل بيته لآمته لهذه الشفاعة لانها ليست فوضوية وانما تشمل من يستحقها بمعنى ان معاصيه لم تبلغ الحد الذي تنقطع فيه العلاقة نهائيا بين العاصي والشفيع وعليه فالشفاعة تعتبر بمثابة تحذير للمذنبين من ان يهدموا كافة الجسور من خلفهم ولا يتركوا طريقا للعودة لكيلا يفقدوا صلاحية الشفاعة فهي من رحمة الله تعالى علينا وانعامه التي لاتعد ولاتحصى .
ــــــــــــــــــ
هيام الكناني
التعليقات (0)