في شهر آذار من العام 2000، التقى مؤسس العصابة اﻷسدية في جنيف مع الرئيس اﻷمريكي "بيل كلينتون" بحضور كل من الوزيرة "مادلين اولبرايت" و"روبرت مالي".
موضوع اللقاء المعلن كان، رسمياً، مفاوضات السلام بين سوريا وٳسرائيل والتي كانت قد وصلت "لنقطة حاسمة...". أما الهدف الحقيقي للقاء اﻷسد اﻷب مع "كلينتون" فقد كان وضع اللمسات اﻷخيرة على مشروع توريث البلد للولد. ما يؤكد ذلك هو أن "حافظ" الذي كان في النزع اﻷخير، لقي وجه ربه بعد أقل من ثلاثة أشهر. من له أدنى معرفة بالسياسة يدرك أن لا أحد يقدم تنازلات لرجل ميت ! لم يكن هناك أدنى فرصة لتحقيق أي اختراق في مشروع "السلام" المفترض.
بعدها، قدم الرئيس الوريث "بشار" أوراق اعتماده رسمياً للسيدة "اولبرايت" حين التقاها أثناء مراسم دفن أبيه.
زيارة اﻷسد اﻷب لجنيف ولقاؤه بكلينتون تذكر بزيارة أخرى، في ظروف مشابهة، قام بها ملك اﻷردن الراحل "الحسين بن طلال" ٳلى واشنطن وهو في النزع اﻷخير وقام بعدها مباشرة بعزل ولي عهده حينها، اﻷمير "حسن" وتعيين ابنه مكانه...
تفرد اﻷمريكيون ٳذاً، ما بين شباط 1999 وآذار 2000 ب"تعيين" أوليائهم على ممالك ومقاطعات الشرق العربي في غياب تام للروس الذين كانوا غارقين في تصفية ٳرث الاتحاد السوفياتي تحت قيادة الرئيس "يلتسين". "بوريس يلتسين" كان غارقاً في الخمر والفساد وترك تدبير اﻷمور بيد رجل المخابرات "بوتين" الذي كان قد أصبح رئيساً لوزرائه قبل أن يخلفه في الرئاسة في آذار 2000. مابين شباط 1999 وآذار 2000 كان الحاكم الفعلي لروسيا "بوتين" منشغلاً في تصفية منافسيه المحتملين وفي وضع أسس دولة العصابة الخاصة به والتي تحكم روسيا منذ تلك الفترة.
هذه المرة، ليس هناك من عذر ل"بوتين" وممثليه كي يتخلفوا عن حضور مؤتمر "جنيف" ويتغيبوا عن المولد، خاصة أن "الصبي بشار" الذي رأى النور في جنيف عام 2000 قد كبر و"عاب". لم يعد الولد مطيعاً بالكامل للأب اﻷمريكي، وككل "مراهق" صار يبحث عن "استقلاليته" وعن أصدقاء جدد خارج حضن اﻷب اﻷمريكي الدافئ.
اكتشف "الولد" وجود "ماما" روسيا التي استعادت بعض عافيتها و"تفرسنت". الولد بدأ "يغار" ويعتبر نفسه جديراً بنفس المزايا التي يتمتع بها الابن اﻹسرائيلي الناجح والمنضبط. اكتشف "الولد" أيضاً "رفاق السوء" من جماعة الولي الفقيه في طهران وزعران "نصر الله" في الضاحية، ٳضافة ٳلى الراحل "تشافيز" وغيره من "شبيحة" العالم في كوريا الشمالية ونيكاراغوا...
صار لزاماً على "أهل الصبي" ٳذاً رده ٳلى "بيت الطاعة" وٳعادة تأهيله وتهذيب بعض النشاز في سلوكه...
في جنيف 2000، كان عراب نظام العصابة أمريكياً بالكامل مع رضا ٳسرائيلي بالتوريث وقبول روسي، على مضض، باﻷمر الواقع.
ماهي الصورة في جنيف 2013؟
وحده الموقف اﻹسرائيلي اﻷناني والعنصري بقي كما هو، لم يتغير. ٳسرائيل لا تبالي ٳن كانت النار تحيطها من كل جانب مادام جيرانها يقتتلون بين بعضهم ويتقاتلون في سبيل خدمتها والتزلف لها.
"ماما" روسيا اليوم ليست روسيا عام 2000، فهي محكومة من قبل رجل يملك كل صفات الطاغية الصغير، وصل ٳلى الحكم عام 1999 ولم يتركه حتى الساعة، ولن يتركه. الرجل "ديمقراطي" نجح في انتخابات حرة، بعدما صفّى وهجّر كل منافسيه ومعارضيه.
"بوتين" يؤمن بالحوار لحل المشاكل، بدلالة "تحاوره" مع الشيشان وممثليهم بعدما أبادهم عن آخرهم في حرب نازية تليق بهتلر و"بول بوت" وبعدما مسح "غروزني" عن الخارطة.
الرجل يحترم استقلال الدول والشعوب وقد تبدى ذلك جلياً في "احترامه" لاستقلال جورجيا وسلامة أراضيها التي قام بغزوها في حرب مخططة سلفاً (هذا ما صرح به "بوتين" شخصيا في آب 2012). احتل جيش بوتين أجزاء واسعة من الجار الجيورجي في آب 2008. من فرط محبته للاستقلال ، قام بوتين باقتطاع مقاطعتين مستقلتين من "جورجيا" هما "اوسسيتيا الجنوبية" و"ابخازيا" وضمهما للاتحاد الروسي "المستقل"..
في موضوع اﻷسلحة الكيماوية وقتل اﻷبرياء، للرئيس "بوتين" مبادئ لايحيد عنها، السلاح الكيماوي محرم على الجميع، سوى على روسيا وأزلامها بدلالة استخدامه له في الشيشان وفي تشرين اﻷول عام 2002 وقت أزمة الرهائن في مسرح بموسكو.
السيد "بوتين" رجل نزيه و"اقتصادي" في مصاريفه، يستقبل زواره في قصره الشخصي في "سوتشي" والذي لم يكلف أكثر من مليار دولار...
بحضور ممثلي الديمقراطي الكبير "بوتين" وممثله المفوه "لافروف" سيشعر الديمقراطيون السوريون باﻷمان وبأنهم "في بيتهم" واﻷغلب أن ممثلي "هيئة التنسيق" الذين سيحضرون مؤتمر جنيف سيستمرون في "التفاوض" في ضيافة النظام حين عودتهم ٳلى دمشق وسينضمون ٳلى السيد "عبد العزيز الخير" الذي لازال ضيفاً معززاً لدى اﻷسد بضمانة روسيا والصين.
مع كل هذه المؤهلات يستغرب المرء تردد المعارضة السورية في الاتجاه لجنيف، أو موسكو، وربما طهران أو حتى دمشق..لافرق فكل الطرق التي عبدها "بوتين" تقود ٳلى اﻷسد.
السيد "اوباما" هو الطرف الثاني في هذا المؤتمر العتيد فمن هو "باراك حسين اوباما"؟
السيد "اوباما" كان نائباً عن "شيكاغو" منذ العام 2004 وغير معروف قبل ذلك، رغم كونه مغموراً فقد فاز في انتخابات الحزب الديمقراطي المبدئية عام 2007 ضد السيدة الكفؤ "هيلاري كلينتون"! سر صعوده الصاروخي يكمن في ضعفه كرجل سياسي لاتاريخ ولا مبادئ لديه...هذه المؤهلات دفعت "عصابة" وول ستريت والمصارف التي نهبت جيوب الأمريكيين تهرع لدعم مرشح أناني قادر على اجتذاب أصوات اﻷقليات، لديه مهارات في الكلام و"التنويم" وينحصر طموحه في مستقبله الشخصي.
حين أفلس مصرف اﻷخوة "ليمان" انتقلت كوادر هذا المصرف بقضها وقضيضها وملايينها لدعم المرشح الديمقراطي "اوباما" ضد سيدة السياسة اﻷمريكية "هيلاري كلينتون" والتي كانت تريد تحميل المصارف جزءاً من الخسائر التي تكبدها الاقتصاد اﻷمريكي.
في الحقيقة، كان كابوس "وول ستريت" هو المرشح الجمهوري القوي "ماكين" الذي أراد أن تدفع المصارف ثمن عمليات النصب والاحتيال التي قامت بها.
السيد "اوباما" متحدث مفوه وكلنا نذكر خطابه في جامعة القاهرة وكأن "عبد الناصر" هو من يتحدث وليس رئيس القوة اﻷعظم... السيد "اوباما" أجزل الوعود للفلسطينيين بالاعتراف بدولتهم وبوقف الاستيطان وانتهى به اﻷمر للقبول بالاستيطان وتعزيزه.
منذ العام 2008 والسيد اوباما يعمل من أجل "السلام" بدلالة أنه ضاعف من عمليات القتل المنظم عبر الطائرات وسحب جيشه من العراق وأسلم قياده "للولي الفقيه" مما جعل الوضع العراقي بعد الانسحاب أسوأ مما قبله.
في "افغانستان" تنحصر نجاحات السيد "اوباما" في قتل شيخ مهووس، مريض ومعزول اسمه "أسامة بن لادن".
السيد "اوباما" تلقى جائزة نوبل للسلام دون أن يفعل أي شيء، من يومها أصبحت هذه الجائزة "مزحة سمجة"...
مشكلة السيد "اوباما" هي في أنه فاقد للمصداقية ولا رصيد أخلاقي لديه. هل هناك من سياسي واحد في العالم يقبل أن يرهن مستقبله ناهيك عن مصيره ومصير بلده بوعود السيد "اوباما" وخطوطه الحمراء؟
بشار سوف يذهب ٳلى جنيف مرتاح البال، فهو بين أهله وخلّانه وأقصى ما يمكن أن يتعرض له هو "فركة أذن" من قبلهم والطلب ٳليه "أن لا يعيدها...".
أحمد الشامي فرنساahmadshami29@yahoo.com http://www.elaphblog.com/shamblog
نشرت في اورينت نت في الثلاثين من أيار 2013http://orient-news.net/index.php?page=news_show&id=3694
التعليقات (0)