مواضيع اليوم

بومبي مدينة الحضارة والفن والعمارة

عيسى رمضان

2011-12-22 18:03:11

0


بومبي مدينة الحضارة والفن والعمارة
في عمق البحر المتوسط تمتد اٍيطاليا على شكل حذاء سايس الخيل لتجعل من يابسها شطآنا تمتد لمسافات طويلة .
أينما توجد المياه يوجد الاستقرار والهدوء والحضارة والعمران البشري . على شواطىء اٍيطاليا نشأت مدنا عديدة لا زالت مبانيها وعمرانها البشري شاهدا حتى اليوم على تطورها على مر التاريخ .وأيضا هناك مدنا على درجة عالية من الحضارة والتنظيم ، اٍلا أن كوارث الطبيعة لم تمنحها الفرصة في الحياة والاستمرار حتى يومنا هذا .
ومدينة " بومبي " على شاطىء المتوسط الواقعة بالقرب من مدينة " نيبليس " في ايطاليا لها باع طويل ضارب في التاريخ منذ 2000 عام ، والتي كانت عامرة بكل معنى الكلمة أيام حكم نيرون .

كانت بومبي مدينة كبيرة وصل عدد سكانها الى 200 ألف نسمة ، لها حضارة مزدهرة وقطع نقدية ، وكانت تطل على جبل بركاني خامد ،و كان معظم السكان من الأثرياء ، وظهر ذلك على معالم المدينة ، فكانت شوارعها مرصوفة بالحجارة وبها حمامات عامة وشبكات للمياه تصل إلى البيوت ، كما كان بها ميناء بحري متطور وكان بها مسارح وأسواق ، وآثارهم أظهرت تطور بالفنون من خلال النقوش ورسومات الجدران.
بومبي" الآن هي أحد المزارات السياحية ، بعد أن ظلت في طي النسيان حتى القرن الثامن عشر عندما اكتشفت آثار "بومبي" وعثر على مناطق بها جثث متحجرة ، وتم اكتشافها في إيطاليا عام 74 بعد الميلاد ، وكانت أحد المدن الحضارية القديمة قبل أن تطمر بالكامل هي ومدينة أخرى بالقرب منها تسمي "هيركولانيوم" تحت غبار بركان "فسيوفيوس" حيث ثار هذا البركان بصورة مفاجأة عام 74م.
ومن الجدير بالذكر أن هذا البركان انفجر مرة أخرى عام 1944 م ، حصد خلاله 19 ألف نسمة ، ويقول الباحثون ، أن انفجار البركان عام 74 م كان أضعاف الانفجار الثاني واستمر حوالي 19 ساعة عندما طمرت المدينة بكاملها.
وظلت المدينة مدفونة لمدة 1700 عام تحت كمية كبيرة من الرماد ، وظلت كذلك قروناً طويلة حتى عثر عليها أحد المهندسين خلال عمله في حفر قناة بالمنطقة ، واكتشف المدينة بعد أن غطتها البراكين وكل شئ بقي على حالته .
وأثناء التنقيب تم الكشف عن الجثث على سطح الأرض ، وكانت المفاجئة أنهم ظهروا على نفس هيئاتهم وأشكالهم ، بعد أن حلّ الغبار البركاني محل الخلايا الحية الرطبة لتظهر على شكل جثث غبارية متصلبة متخذة شكل الجسم الذي تغلفه على نفس الهيئة التي كانت عليها لحظة السقوط المفاجيء للغبار البركاني الحار .
ويري أحد خبراء الآثار ويدعى "باولوا بيثرون" وعالم البراكين "جو سيفي" أن أهل القرية احيطوا بموجة حارة من الرماد الملتهب تصل درجة حرارتها إلى 500 سيليزية ، بصورة سريعة جداً حيث غطت 7 أميال إلى الشاطئ ، وتظهر الجثث على هيئاتها وقد تحجرت الأجساد كما هي ، فظهر بعضها نائم وآخر جالس وآخرون يجلسون على شاطئ البحر وبكل الأوضاع بشحمهم ولحمهم.
عندما انفجر البركان ارتفع الرماد إلى 9 أميال فى السماء وخرج منه كمية كبيرة من الحمم ، ويقول العلماء أن كمية الطاقة الناجمة عن انفجار البركان يفوق أكبر قنبلة نووية ثم تساقط الرماد عليهم كالمطر ودفنهم تحت 75 قدم .
بعد عمل العديد من الأبحاث على 80 جثة لأهل القرية وجد العلماء أنه لا توجد جثة واحدة يظهر عليها أي علامة للتأهب لحماية نفسها أو حتى الفرار ، ولم يبد أحدهم أي ردة فعل ولو بسيطة ، والأرجح أنهم ماتوا بسرعة شديدة متأثرين بالهواء الكبريتي السام ، دون أن تكون هناك أية فرصة للتصرف ، وكل هذا حدث فى أقل من جزء من الثانية.

ويذكر أن "بومبي" لفتت نظر العديد من الشخصيات على مدار التاريخ وخاصة من محبي الفنون ، ولقد زارها الملك فرانسيس الأول من نابولي لحضور معرض بومبي في المتحف الوطني مع زوجته وابنته عام 1819 ، أبدى تعجبه بما رآه من رسومات واعتبرها فنون تتميز بالجرأة الغير متعارف عليها ..
لقد كان المجتمع الروماني مجتمعا طبقيا يسيطر فيه الأسياد ، فهم يملكون كل شيء من أراض وعقارات ومنابع مياه ، وبالمقابل طبقة العبيد التي لا تملك شيئا ومجبرة للعمل لصالح الأسياد ، وكان لكل طبقة أخلاقها وسلوكها الخاص.في الحياة .
وكان مترفي مدينة بومبي يتمتعون بمشاهدة المصارعة بين البشر بعضهم ببعض ، أو بين البشر والحيوانات المفترسة التي تنتهي بموت أحدهما ،وكانت هذه هي الطريقة المتبعة للتخلص من المجرمين ،أو المعارضين للحكومة .
ولكن لماذا حدث هذا لمدينة بومبي ؟
يقال أن أهالي بومبي كانوا يقدسون الجنس ويؤمنون بعلنية العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة ويرسمون الرسومات الاباحية على جدران منازلهم ، ولا يجدون حرجا في أن يرى أطفالهم هذه الرسومات .
ولما كان هذا مخالفا للآداب العامة والوصايا الدينية في ايامنا هذه ، فقد اعتبر البعض أن ما حدث لبومبي آنذاك عقابا الهيا ، وأن ثورة بركان فسيوفيوس الشديدة كانت عقابا لأهالي بومبي على هذه الأخلاقيات التي كانت منتشرة بين مترفيهم .
وهنا لا بد من ذكر أنه ورد في التوراة والأناجيل والقرآن - كتاريخ مكتوب – ذكرا لأقوام غابرة أُبيدت بريح صرصر عاتية كعاد وثمود ، أو بقلب الأرض والمباني بجعل أعاليها أسافلها كقوم لوط . أو بالاغراق بالماء ، كما جري لقوم نوح ، أو بحشرات تسقط غبارا محملا بالأمراض القاتلة ، كما حدث لأبرهة الأشرم الذي قدم من اليمن لهدم الكعبة على رأس جيش عرمرم محمولا على ظهور الأفيال .
ان ما ذُكر هي أشكال التعذيب والاٍهلاك حسب ما ورد في الكتب الدينية ,
وهناك في القرآن أية تقول " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا "، أي ما كنا لنهلك قوما قبل أن نرسل لهم من يدعوهم الى سواء السبيل ، فاٍن عصوا أهلكناهم بطريقتنا ، اما بريح صرصر ، أو بقلب الأرض أو بالغرق .
والسؤال : من كان الرسول الى مدينة بومبي ، أو فلنقل ، لايطاليا قبل أكثر من ألفين من السنين ؟ فالديانة اليهودية كانت محصورة في بني اسرائيل ، والديانة المسيحية لم تصل اوروبا بعد ، وكانت السيطرة الدينية لقديسة الاههة فيستا .
فاٍذا لم يبعث فيهم رسول ، فهل يجوز معاقبتهم ؟ .
ومن الجدير بالذكر أن حادثة بومبي حدثت قبل أكثر من 600 عام قبل البعثة المحمدية ، ولم يأتِ ذكرها في القرآن ، وأن التركيز في القرآن على قصص الأقوام الغابرة بين شرق البحر المتوسط ومصر وحتى اليمن ، ولم يكن هناك أي معرفة بأقوام تسكن ايطاليا أو أوروبا .
و لم تذكر الكتب المقدسة ولا التاريخ المكتوب أن أناسا أبيدو ببركان يقذف بحممه المنصهره ، أو بغباره البركاني الحار ، أو بسمومه الكبريتية البركانية التي تقتل الناس بسرعة ولا تترك لهم فرصة للمقاومة ، أو اتقاء الخطر سواء بالصلاة والدعاء أو بغيره من وسائل مادية .لهذا نصل الى استنتاج هام ، وهو أن هلاك وطمر مدينة بومبي وما جاورها من قرى ومدن قبل أكثر من 2000 من السنين لم يكن بغضب الهي ، بل كان حادثا طبيعيا ممكن أن يحدث لأية مدينة تسكن بجانب بركان خامد يثور من آن لآخر .
ومن الممكن أن يكون البركان معروفا ويعطي علامات على ثورانه ، الا أن الساكنين بجواره لم يكترثوا ولم يبتعدوا عن الخطر ، أو يكون دائما في حالة ثوران بسيط غير خطر ولا يستدعي اٍخلاء المنطقة ، ولكن فجأة يثور بطريقة مضاعفة مئات المرات ، فيدمر ما حوله من مدن وقرى ،وهذا ما حدث لبومبي .
وفي أيامنا هذه وقع زلزال في وسط المحيط وسبب اعصار تسونامي في أندونيسيا سنة 2004 م وقتل الكثير من البشر ، ودمر مدنا وقرى لا حصر لها . فهل كان هذا عقابا الهيا كما ادعى الكثير من الناطقين باسم الدين وأشباههم ؟ وهل كان تسونامي عقابا لمؤمنين ، أم لعصاة وكفرة ؟ فأندونيسيا حكومة وشعبا بلدا مسلما ، ولم يشتهروا بالفسق أو الضلال ، ويحق عليهم القول بهذه الطريقة أو تلك .
ومن المعروف أن قشرة الأرض لا زالت قلقة ، وتحدث فيها الزلازل والهزات الأرضية من آن لآخر ، وكذلك تحدث الأعاصير المدمرة في مناطق متعددة من العالم ، ويقع هذا في بلاد مسلمة أو مؤمنة مثل ايران ، وبلاد أخرى لها معتقدات أخلاقية وغير مؤمنة باله واحد ،مثل الصين والهند ، ويموت الكثير من البشر كل عام بسبب الكوارث الطبيعية مؤمنين وغير مؤمنين . فهل هذا عقاب وغضب رباني ؟ .
من هنا لا يجب أن نفسر ما حدث لبومبي باللجوء للتحليلات والتفكير الغير علمي والغير واقعي ، والتي تكرس المنحى الغير علمي في عدم نسب الأمور الى مسبباتها الواقعية .
ان المتفحص لمدينة بومبي يرى أنها من المدن المتحضرة في مبانيها وطرقها وتنظيمها مع أنها غارقة في التاريخ ، وهذا التنظيم لم تعرفه العديد من بلدان الشرق ، وهذا يظهر من خلال صور المباني التي كانت مطمورة بالغبار البركاني .
كما وتظهر صور أخرى حجم الكارثة المفاجئة الني ألمت بأهل بومبي والتي قتلتهم بصورة جماعية أطفالا وكبارا أسيادا وعبيدا .


.. وإليكم بعض الصور الخاصة بالمدينة وسكانها:
 

 

 

                                

صورة تبين قرب بومبي من البركان                                                                                           أحد بيوت بومبي

                             

 

                              

 

                                                

الجثث التي كانت مغمورة بالغبار البركاني

                                 

 

                                  

 

                                     

 

                  

 

                    د

 

                                      

 

                                    

  

                    

 

             

    

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !