مواضيع اليوم

الملك البعث وداعش

 

(وحدة سوريا والعراق)

 

من المصادفة  أن تخضع سوريا والعراق بعد التحرر من الحكم التركيّ لحكم الأسرة الهاشمية ، سوريا (1918-1920) العراق (1921-1958) , الأسرة الهاشمية  كان لها طموح في حكم الهلال الخصيب والجزيرة العربية,كان حكمها تقليديا مطعماً بنكهة ليبرالية شرقية ، محاولات الأسرة كانت أحلام ومحاولات لم يكتب لها التوفيق فدخلت التاريخ وبقيت هناك ، ولم يبقى لها سوى الأردن لتسمّيها بإسمها .

كانت سوريا والعراق في الساحة الخلفية من الحرب الباردة بين الجدار الحديدي الشرقي والحلف الأطلسي ، تُرجِمَ هذا الصراع في العراق وسوريا عن طريق موجة من الإنقلابات العسكرية  ، لم يوفر حزب البعث الوقت ودخل في  هذه اللعبة التي إجتاحت الشرق الأوسط وظًفَرَ بسوريا والعراق 1963 .

حزب البعث حامي الفكر القومي العروبي وشعاره الشهير ، كان الأكثر تنظيماً من الأخرين فتخلص من خصومه وحلفاؤه ثم إنخرط في الإنقلاب على نفسه ، حتى إستقرت  هاتين الدولتين على اسمي سوريا الأسد وعراق صدام .

رغم مافرضته هذه الأسماء الجديدة على هاتين الدولتين  من قبضة حديدية ، من إنهاء لعصر الإنقلابات العسكرية ولكنها نسفت كل مظاهر الحرية الفتية ( إعلام ، حرية رأي ، نقابات )  التي عاشها الهلال الخصيب وتستبدلها بالمعتقلات والصحف القومية ، لتؤسس لحكم عسكري شمولي يضع اسم البلد إلى جانب اسم القائد ، بل من المسُتحيل أن تستذكر إحدى الدولتين دون أن تذكر اسم الحاكم بأمرِهِ .

بقي الأسد وصدام أو سوريا والعراق ( لافرق ) ، حاملين الفكر القومي العروبي من المحيط إلى الخليج ، تكلما عن وحدة العرب وضرورة توحيد البلدين ، الكثير من الضوضاء عن وحدة سوريا والعراق ، كانت محاولات فارغة إستهلاكية للتسويق المحلي ، وسيلة للحكم( فرضتها ضرورات المرحلة التاريخية ) الجملة الأشهر في الإعلام السوري والعراقي في تلك المرحلة .

حازَ صدام العراق على لقب حامي البوابة الشرقية ومنقذ العرب مقابل إدخال بغداد في صراع مع طهران لثماني سنوات ، ثم غامر وإحتل الكويت بعد نصيحة السفيرة جلاسبي الشهيرة ، ليدمر العراق وتَنْتَزع أمريكا لقب العراق من جانب اسمه عام 2003 ولتنهي عصر القومية العربية فيه .

الأسد كان له أيضا حروبه القومية فخاضَ حرباً مع مصر ضد إسرائيل ، لم يحالفه الحظ مئة بالمئة ، ولكنه لم يقف ودخل في حرب لبنان ، لتصبح مع الأيام محافظة سورية ، يطبق عليها إتفاق الطائف .

رحل الأب وجاء الابن ، كان له مشوار طويل مع ربيع دمشق ، احتلال العراق ، خسارة لبنان ، ليجد نفسه في النهاية في مواجهة الربيع العربي ، فدخل مع البلاد في التصدي لمؤامرة كما سماها ، ضد خصومه الذين سموها ثورة ، لِتُنتِج حربا أهلية وتنهي فكرة القومية العربية من قبل المؤيدين والمعارضين للنظام على حدِّ السواء .

العراق وسوريا لم تتحدا في ظل الملكية الهاشمية ولا في ظل حكم البعث ولكن في انهيار الدولتين بزغ نجم الاحزاب الدينية ، فنظرة سريعة على عراق مابعد البعث تجد ان غالبية الاحزاب السياسية أو الفصائل المسلحة لها طابع ديني ، ومن بينها دولة العراق الإسلامية التي قررت ان توسع نشاطها في سوريا بعدما غلب على فصائلها المسلحة الطابع الديني  وإفتتحت فرعا لها في سوريا لنصبح من محظوظين بما يُسَمى داعش ويصبح عندنا الدولة الإسلامية في العراق والشام ، التي مازالت مصرة أن توحد العراق وسوريا  تحت راية واحدة ودولة موحدة بعدما عجزت الراية الهاشمية والبعثية عن هذا المستحيل .

من المستحيل أن يُكتَب لهذه  الدولة النجاح فهي تحمل في جوفها بزور فشلها ، فحدودها في العراق بقيت حبراً على ورق ، رغم كل العمليات الإرهابية وموجة الإغتيالات ، لم تستطع أن تفعل شيئاً إلا أن تروع ابن البلد بمجموعات من السيارات المفخخة ، ومجموعة تسجيلات وأناشيد موجودة على موقع اليوتيوب الأمريكي ، فتكون العشائر العراقية التي تبنتها في البداية هي من تُخْفي حدود هذه الدولة من الوجود عن طريق الصحوات .

أسلوب داعش الذي إعتمدته في العراق يعاد تطبيقه في سوريا , لم يتغير شي ، إلا باِسِمٍ جديد وأن نجد أبو بكرالبغدادي في الأراضي السورية ، مع مرور الوقت سوف تفتقد الحاضنة الشعبية التي إحتضنتها على الأراضي السورية التي سوف تثور ضدها وهي فترة ليست ببعيدة نتيجة أخطائها التي لم تمل من تكرارها .

كل من سعى لوحدة الهلال الخصيب ، لم ياتي إلا بمصائب على سوريا والعراق ، أيا كانت التسمية أو التوجه الفكري الذي إتبعه ،أدخل البلاد  في حروب وإنقلابات ومجازر ولم يقدم شيئا لهذه الوحدة أو البلدين إلا الكوارث والتدخل الخارجي ، فمن الأفضل للبلدين أن يبقيا جارين متحابّين وأن ينسوا شيئاً حَلِمَ البعضُ بهِ اسمهُ وحدة سوريا والعراق .

 عبدالله كريستوف مرجانه

http://orientaltale.wordpress.com/




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !