من الصعب على المراقب المحايد وحتى على من يعتبر نفسه صديقاً للولايات المتحدة أن يجد ذرة من الخير في مجمل المواقف اﻷمريكية، بطبعتها الاوبامية، تجاه المأساة السورية.
منذ البداية، كان الموقف اﻷمريكي مائعاً حين دعا "اوباما" اﻷسد ٳلى الرحيل دون أن يفعل شيئاً يجبره على المغادرة... على العكس من ذلك، كان الموقف اﻷمريكي ولازال يشجع نظام العصابة على الٳغراق في القمع. التلويح بأن "الكيماوي خط أحمر" هو تصريح بالقتل بكل الوسائل الباقية. أيضاً، هناك مصادر استخباراتية تسرّب أن اﻷمريكيين تدخلوا في سوريا سرياً أكثر من مرة في بداية الثورة من أجل اﻹسراع في عسكرتها.
اﻷمريكيون، وٳسرائيل، تعاموا عن الاحتلال اﻹيراني لسورية وعن الدعم العسكري القادم للنظام من طهران وموسكو وأعطوا الضوء اﻷخضر والغطاء لدخول زعران "نصر الله" والحرس الثوري وشيعة العراق لدعم النظام. هذه السياسة المزدوجة والقذرة اتبعتها أمريكا في كل مكان كانت تريد نشر الفوضى فيه، لكنها بلغت ذروة اللاأخلاقية وانعدام الضمير منذ وصول السيد "اوباما" ٳلى السلطة.
هناك الكثير من العوامل المشتركة بين الرئيس اﻷخرق والرئيس "اﻷسمر" فكلاهما مغرور ونرجسي، وكلاهما يتقن الحديث بلغة الشرف والفضيلة في حين يمارس قمة الرذيلة وكلا الرجلين مجرد من الضمير واﻷخلاق، بكلمة أخرى، تبدو سياسة السيد "اوباما" قريبة من ممارسات زميله بشار في عنصريتها واحتقارها لحياة وكرامة البشر.
ممارسات أمريكا هي ٳذاً أقرب ٳلى العداء للشعب السوري منها للصداقة، فهل عداء ٳدارة "اوباما" للسوريين يجعلها صديقة للأسد؟ اﻷمور أكثر تعقيداً من ذلك بكثير، ليس لعدم رغبة "اوباما" في مصادقة نظام اﻷسد بل بسبب الطبيعة العميقة والمافيوية لنظام العصابة بدمشق التي تجعل من المستحيل على هذا النظام أن يكون حليفاً أو صديقاً طبيعياً ﻷي كان.
مايريده "اوباما" هو تغيير بنية نظام اﻷسد عبر خلخلته، بيد السوريين العزّل، دون تسليحهم ودون تدخل أمريكي مباشر، وليمت السوريون ولو بالملايين. هذا ما يسمح باعتبار السيد اوباما عدواً، ليس للسوريين، ولكن للٳنسانية، مثله مثل "ستالين" الذي راقب، بسعادة، مذبحة غيتو وارسو عام 1945....
أحمد الشامي فرنساahmadshami29@yahoo.com http://elaphblogs.com/shamblog.html
http://enab-baladi.com/archives/14403
التعليقات (0)