السلوك الاقصائي سياسة الجهل ... ومنهج الهدى سبيل الرشاد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك منطقين تسير عليهما البشرية ؛ ألا وهو منطق الطغاة والمتجبرين والمستكبرين في كل زمان ومكان ومهما أختلفت المواقف والأحداث ؛ وهو ما نراه يتجدد بين الحين والأخر والمنطق السائد هو الخوف على المصلحة العامة هذه الجملة التي تكون الحصن للدخول في ممارسات يبيح لنفسه مالا يبيحه للاخرين ! طالما ينطلق من منطق الحرص على الوطن والدين والمعتقد وهو بهذا يقيم له معقتد جديد مبني على الاقصاء وتهميش الاخرين وليس من المستغرب عندها أن يسطّر القرآن تلك المعاني على لسان الفرعون الذي كان يعلم مدى تأثير ووقع بعض الكلمات في نفوس الجماهير البسيطة ؟(ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) مقولة سار عليها فرعون والتي أسست من خلالها خطابات الغطرسة والجبروت والظلم، فهو في حقيقة الأمر قد سنّ سنة سيئة شعر بها أم لم يشعر ؛ قصدها أو لم يقصدها فله وزرها ؛ووزر من عمل بها الى يوم القيامة وهكذا هو من يٌخلف منهجاً سقيماً فعمل عمل فرعون المتكبر..
وبمقابل النهج والسلوك الاقصائي نهج التأثيم وإلغاء المقابل وتزوير الحقائق يظهر منهج الصالحين من خلال مخاطبة العقول واسترقاق القلوب ، في تأكيد قرآني مستمر على محورية العقل كأساس للتكليف ، مع تجديد الإيمان به مهما رزح تحت نير الاستعباد لعقود أو قرون ، فكانت دعوة الرجل المؤمن نموذجاً في تعبيد الطريق أمام الأفكار لتأخذ مسيرها نحو العقل فاتحة آفاقاً جديدة ومنبهة على أمور بديهية قد تضيع وتنسى في غمرة الصراع ، فقال المحقق الصرخي الحسني مخاطباً تلك العقول المغيّبة ( وقع تدليس فاحش خبيث في قضية مهمة بحثناها سابقا من اجل تنوير العقول والنفوس والتطبع بالمنهج القرآني في المجادلة بالحسنى والأخلاق الحميدة واحترام الانسان بما هو إنسان قد كرمه الله تعالى بالعقل والدين والأخلاق وجعله خليفة في الارض فتحدثنا عن بطلان القمع والدكتاتورية والسلطوية الفكرية وأنه لا يصح تكفير الاخر لمجرد الاختلاف في الفكر والمعتقد والتدليس عليه وبهته والافتراء عليه وتكفيره وإباحة دمه وماله وعرضه؟)
السلوك الاقصائي مولود طبيعي للفكر الاحادي الرافض لتعدد الآراء ، الذي عبر عنه الفرعون برأيه بقوله ( ما اريكم الا ما ارى ) ، وهو نوع من الشهوة السيادية لاستعباد جميع العقول وسلب الحريات منها ،وقد تفنن اصحاب المصالح الذين يستميتون كثيرا في قمع التعددية الفكرية لاسباب ظاهرها الدفاع عن الحقيقة الواحدة بزعمهم ، وباطنها اسباب مهنية حياتية تتعلق بالمنصب والجاه والمال ؛ ولعل الواقع أهم شاهد في قضيتنا الحتمية وهذا ما بينه رجل الدين الصرخي في محاضرته السابعة والعشرون من وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الاسطوري حيث استفهم قائلا النبي يُربي أصحابه تربية إسلاميّة رساليّة عقائديّة !! وأئمة الدواعش يربون الناس على الغنائم والسلب والنهب !!! : (( استفهام وكل عاقل يسأل: القائد ورئيس الدولة إذا لم تكن له القدرة على حماية الناس والحفاظ على أمنهم وممتلكاتهم وأرواحهم وأعراضهم وأراضيهم وكان الفساد والإفساد، فلماذا يبقى ويتحمّل المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى؟ ولماذا الناس تقبل بأن يبقى هذا متصديًّا عليهم؟ ونقول: من لم يقدر على حفظ الناس وأعراضهم وممتلكاتهم وأرواحهم فلماذا يعتدي على الآخرين؟ ولماذا يهدّم ويبيد القرى بما فيها من نساء وأطفال ورجال وبنايات ومنشآت؟ لماذا يفعل هذا الفعل ويؤجج الآخرين فيأتون وهم يحملون الأحقاد المضاعفة فيفعلون ما يفعلون بالمسلمين وببلدانهم وبأعراضهم؟ لماذا يتصرّف الإنسان بتصرّف يجيّش الجيوش ضدّه؟ فبدلًا من أن نكسب الناس ونستقطبهم ونرحمهم ونكسب عواطفهم، ونسع الناس بأخلاقنا ونفتح أبواب الإسلام الرساليّ الاخلاقيّ لهذه القلوب المهضومة المظلومة المهجّرة النازحة...)
http://cutt.us/L1XYW
المنهج السليم والمبدأ الصالح معالمه واضحة لا يمكن تعديّها مهما بلغت القيم المشوهة حداً لا يغتفر ؛ ، فالمسألة ليست فقط مسألة إيمان داخلي ويقين بعقيدة الصواب وإنما هي أيضاً إيمان بمكانة العقل و إدراك لأهمية امتلاك الأدوات الحوارية الملائمة ؛ كما هو إدراك عميق لحقيقة عدم جدوى تغيير العقول بالإكراه بل الفكرة التي تستحق الإحترام هي الفكرة المحاطة بالدليل والحجة والبرهان فتكون سلطان على صوابها وأحقيتها
التعليقات (0)