الرعاية الروسية للمفاوضات الفلسطينية –الإسرائيلية في موسكو
هل تصلح موسكو ما أفسدت أوسلو ؟
عين الفلسطينيين على نتن ياهو و عين نتن ياهو على دمشق !
أصبح انعقاد القمة الثلاثية بين الرئيس الروسي بوتين و الرئيس الفلسطيني محمود عباس و رئيس الوزراء الإسرائيلي نتن ياهو شبه مؤكد بل هناك اتفاق على عقده في نهاية شهر تشرين أول القادم
مرة أخرى تعود فلسطين هي العنوان الخارجي .. هي العلامة التجارية التي لا بد منها لضمان ترويج المنتج و لكن لم تكن فلسطين يوما هي العنصر الفعال في أي مستحضر مما تم اختراعه حتى الآن من مستحضرات وقف تساقط الدول و الكيانات في الإقليم منذ سنة 1914!
قد يقال إن قمة موسكو الثلاثية تأخذ طابع الاستعجال , لكن نظرة أكثر قربا إلى الأحداث تبين أن الوقت متأخر جدا لو كان الهدف هو حل القضية الفلسطينية لكنه في المقابل مبكر جدا إذا كانت القضية الفلسطينية مجرد عنوان فرعي في مقال الأزمة السورية
و في سوريا لا تتوفر إرادة الحل السياسي لدى أي طرف فاعل, و لكن أيضا لا توجد إرادة للحسم العسكري لدى أي طرف إقليمي فاعل فيها.. الحل السياسي كما الحسم العسكري لهما نفس المضمون و هو موت " البقرة الحلوب " بالنسبة لكل الجهات المستفيدة من كل هذا الدم و الخراب
أما و أن القضية الفلسطينية قد دخلت الملف.. فإن التساؤلات بدأت تهال حول ما إذا كان هذا الاختراق الروسي الجديد يتم بموافقة أمريكا أو رغما عنها .. لكن المتسائلين يتناسون أن لا شيء يتم في المنطقة دون موافقة أمريكا ! و لا بعيدا عن حساباتها و يتناسون أيضا أن مصالح إسرائيل هي محور الإستراتيجيات الأمريكية منذ سنة 1946 و حتى الآن .. ذلك أن مصالح إسرائيل وجدت قبل وجود إسرائيل !
لكن انشغال أمريكا بانتخاباتها من جهة و إلحاح نتن ياهو على تسريع المفاوضات مع الفلسطينيين – و ليس التوصل إلى حل بل التفاوض كوسيلة و نتيجة في نفس الوقت .. جعل أمريكا تسلم موسكو عنوان المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية
و هكذا يتاح مزيد من الوقت أمام إسرائيل لتهويد و قضم مزيد من الأرض الفلسطينية , و التخلص من أعداد أخرى من الفلسطينيين بمختلف الوسائل
لكن هذا هدف " السطح " و ليس الهدف العميق الكامن وراء استماتة نتن ياهو على حضور قمة موسكو .. و يتمثل الهدف العميق في ضمان عقد معاهدة سلام سورية – إسرائيلية مع أي قوة تؤول إليها الأمور في سوريا و ذلك بضمانة روسية و مباركة تركية و موافقة إيرانية
و كيف توافق إيران ؟ ربما بجعل إسرائيل تلتزم بدفع مبلغ المليار و بضعة ملايين من الدولارات الذي حكمت به محكمة زيورخ ضد إسرائيل لصالح إيران الشهر الماضي و ذلك تعويضا عن أنبوب النفط الإيراني المعطل في إسرائيل من سنة 1979
واضح من أول يوم صدور الحكم أن إيران لن تتنازل عن المبلغ.. و بحساب الثمن البشري فإن هذا المبلغ يستحق ما لا يقل عن 1300 جثة ! يعني إشعال حرب إقليمية صغيرة
لذلك سارعت إسرائيل و مراكز أبحاثها إلى أن أية جولة عسكرية جديدة لن تستهدف حزب الله بل لبنان ككل و لن تستهدف حماس بل غزة ككل .. و في ذلك تحذير واضح للأطراف الإقليمية المعنية بأي قدر من الهدوء الإقليمي الآن
إن عنوان المسار العام سيكون " القضية الفلسطينية " أما المسار الفرعي فسيكون معاهدة سورية إسرائيلية و لكن بعد ضمان عدم قدرة سوريا على تشكيل أي تهديد لإسرائيل بصرف النظر عمن يحكم دمشق و بالتالي فما حصل من تدمير في سوريا جيد لإسرائيل و لكن أي دمار جديد سيكون موضع سرور إسرائيلي كبير
أما الجولان , فعلينا أن نلاحظ أن المنطقة التي تهم إسرائيل الآن منه هي منطقة التنقيب عن النفط ( حوالي ثلث مساحة الجولان ) .. و هي منطقة اهتمام لإسرائيل و لعدة شركات مهمة أمريكيا و لم تستطع إيران و لا حزب الله الاقتراب منها طوال مدة الأزمة السورية , حيث تصر إسرائيل على ان هذه المنطقة تحديدا هي منطقة متنازع عليها مع سوريا و ليست مناطق محتلة من قبلها .. و يبدو من سياق العمليات الإسرائيلية في المنطقة أن روسيا لا تعارض هذا الطرح الإسرائيلي
أما الفلسطينيون فسوف يعودون لمواجهة السؤال الأبدي .. " عم يتنازلون" مع العلم أن نتن ياهو قد يكون قادرا على إقناع شركائه في الحكم بوقف مؤقت للاستيطان من أجل الفوز بالجائزة السورية و نفط الجولان و مساومة إيران على مستحقاتها
التعليقات (0)