يظن البعض أنه من الممكن التعامل مع الديمقراطية بشكل مجتزأ، على مبدأ "التفصيل" وحسب الطلب، فنأخذ منها مايعجبنا ونترك مالا يروق لنا.
هل الديمقراطية فعلاً قابلة للتجزئة حسب رغبات الزبون أم هناك قواعد ثابتة لاتستقيم الديمقراطية دونها؟
أساس الديمقراطية هي المسؤولية الفردية الناجمة عن حرية الاختيار. المسؤولية والحرية وجهان لعملة واحدة، لاتستقيم واحدتهما دون اﻷخرى. لاحرية دون مسؤولية ولا مسؤولية دون حرية.
حين يصل أي رجل ٳلى السلطة في نظام ديمقراطي عبر انتخابات حرة فهو مسؤول أمام ناخبيه الذين اختاروه وهم مسؤولون عن خيارهم ويتحملون تبعاته. بالمقابل حين يفشل السياسي ويخطيء المرة تلو اﻷخرى في خياراته وسلوكه فهو، بحسب ذات القاعدة، مسؤول عن أفعاله.
حين ينجح الرئيس المصري أو أي رئيس في جعل الملايين يخرجون هاتفين بسقوطه ﻷنه كذب عليهم وفشل في تحقيق وعوده وقام باختطاف ثورة مصر لحساب زمرة من المنتفعين وتجار السياسة فعلى هذا الرجل أن يتحمل تبعات فشله ويرحل ليترك المجال لغيره.
مصر كانت بحاجة لرئيس من طراز "نيلسون مانديلا" يصالح المصريين مع السلطة ومع أنفسهم، رئيس يداوي الانشقاقات ولايوسعها. مصر لم تكن بحاجة لرئيس منافق وغوغائي يعتبر أن الثورة هي مجرد انقلاب تتبادل فيه جماعة اﻹخوان المسلمين السلطة مع النظام البائد.
لم يرتق السيد "مرسي" ٳلى مستوى المسؤولية ولاهو ارتقى ٳلى تطلعات المصريين في أملهم في حياة حرة ومزدهرة وآن له أن يدرك أنه المسؤول اﻷول عن فشله. ليس منطقياً أن يتهم "مرسي" النظام البائد بكل الآثام فعشرات الملايين الذين نزلوا ٳلى الشوارع ليسوا من فلول النظام السابق.
عنجهية الرئيس "مرسي" واحتقاره للكرامة البشرية وللحرية تبدت أولاً في موقفه من الثورة السورية وكرامة وحرية السوريين.
من يسمح لنفسه بالمتاجرة بدماء اﻷبرياء في الشام ومن يعتبر أن ٳيران وروسيا والصين هي جزء من الحل وليست المشكلة ومن لا يريد للسوريين أن يحظوا بذات الحقوق التي يحظى بها المصريون من حرية تقرير مصيرهم هو منافق فاقد للحس الانساني والضمير.
الرئيس "مرسي"، حين أحس بفشله في الداخل المصري، سعى للمتاجرة بدم السوريين وانقلب على نفسه بمائة وثمانين درجة ذاهباً ٳلى دعوة المصريين للجهاد في سوريا؟! كان الرجل يظن نفسه قادراً على ٳلهاء شعبه بمسرحية "المقاومة" لكن في سوريا هذه المرة.
كان في مقدور السيد مرسي أن لايذهب بعيداً في الانبطاح أمام ٳيران وأن يتعامل مع شعبه باحترام ورصانة. "مرسي" ظن أن انتخابه المشكوك فيه، رغم تعهد اﻹخوان بعدم الترشح للرئاسة، هو ترخيص له للحلول محل "الفرعون" مبارك الذي خلعه الشعب والجيش. وهاهو الآن يجعجع "بالشرعية" ناسياً أن الشرعية كان عنوانها "حسني مبارك" ولكن الشعب خلع "مبارك" وهاهو الآن يتجه لخلع خليفته اﻷخرق.
الشعب هو مصدر السلطات في الديمقراطية وحين يصوت الملايين بأقدامهم في الساحات وتتدحرج البلاد نحو حرب أهلية، فالديمقراطية تقتضي أن يتحمل الفاشل مسؤوليته ويرحل.
ماذا ٳن رفض الرجل الرحيل؟
هنا تتبدى قوة الديمقراطية الحقيقية التي تقتضي فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية واستقلاليتها عن بعضها. في الديمقراطيات الناجزة تستطيع السلطة التشريعية طرح الثقة في الحكومة وحين تخسر الحكومة ثقة المشرعين فٳنها ترحل وتمهد لانتخابات مبكرة.
أيضاً حين "يتفرعن" رئيس البلاد ويتجاوز القانون تستطيع السلطة القضائية تجريده من سلطاته ومحاسبته على مااقترف من أخطاء.
حين نصغي للسيد "مرسي" وهو يحاضر في الشرعية ويرسل "زعرانه" لمواجهة المتظاهرين نتذكر "حسني مبارك" الذي كان أكثر "أناقة" وأقل نفاقاً في خطاباته.
السيد "مرسي" الذي يعيد انتاج الحقبة "المباركية" بنكهة ٳخوانية، نجح في جعلنا نترحم على الرئيس "حسني مبارك" رغم مساوئه الكثيرة... لهذا وحده عليه أن يرحل.
أحمد الشامي فرنساahmadshami29@yahoo.com http://www.elaphblog.com/shamblog
نشرت في بيروت اوبزرفر في الرابع من تموز 2013
http://www.beirutobserver.com/2013/07/79930/
التعليقات (1)
1 - العريش - شمال سيناء
محمد رضوان أبو شيتة - 2013-08-04 20:47:10
( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) كلمات كلها إفتراء و كذب و تلفيق .. ندمت علي كل ثانية أهدرتها في قراءة هذا الغثاء .