الحسين أعاد صياغة الوعي الإسلامي
بعد أن عاث الامويون الفساد في الأمة ونشروا مبدأ قدسية الحاكم وإحكام مبدأ السيف بدل المقاييس الإسلامية وبعد أن أعادوا العصبية القبيلية وأتخذوها شعاراً للحكم ؛ كان ولابد من ثورة حرة تُعيد الوعي الاسلامي وإعادة تشكيل للقيم الدينية التي يقدسها المسلمون ؛ وقد أعلن الحسين عليه السلام هذه الأهداف بمقولته المشهورة حين تربع يزيد الحكم قائلاً "لى الإسلام السلام إذا بليت براع مثل يزيد"
اذن كان الهدف الأسمى من الثورة الحسينية هو إعادة الإسلام إلى سابق عهده رغم معرفة الإمام القاطعة باستشهاده عن طريق الأخبار التي وردته عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) ففي رده (عليه السلام) عل أم سلمة عندما أخبرته بخبر القارورة ومحاولة منعه من الذهاب أجابها (عليه السلام):
يا أماه، إن لم أذهب اليوم ذهبت غداً وإن لم أذهب غداً ذهبت بعد غد وما من الموت والله بد، وإني لأعرف اليوم الذي أقتل فيه والساعة التي أقتل فيها والحفرة التي أدفن فيها كما أعرفك وأنظر إليها كما أنظر إليك وإن أحببت يا أماه أن أريك مضجعي ومكان صحبي، فطلبت منه ذلك فأراها تربة أصحابه، إلى آخر الخبر
وعليه يتضح أن الامام الحسين عليه السلام لم يقف ساكناً في حركته الدعوية في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي تمثل بيزيد الفاسق الفاجر القاتل للروح الانسانية والهادر للكرامة ..فالحسين رسم بدمه الطاهر في طفّ كربلاء ، السبيل الصحيح والنهج القويم ، للسير إلى الله وفي مرضاته (جل وعلا) ، في تقديم النصح والوعظ والإرشاد ، لكي لا نكون ممن يعمل السيئات ، ونكون من الظالمين الفاسقين الذين أخذهم الله تعالى بعذاب بئيس . ولكي نكون مع الحسين الشهيد (عليه السلام) ، علينا العمل وعدم القعود عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكي نتاسى بنهج الحسين على الجميع ان يسيروا بسيرته المباركة في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كما اشار لذلك المرجع الصرخي الذي يمثل الامتداد الحقيقي لنهج الحسين عليه السلام حيث قال (فلا نكون من الأمة التي قعدت عن الأمر والنهي والنصح والوعظ فصارت فاسقة وظالمة وأخذها الله تعالى بعذاب بئيس ،
ولا نكون من الأمة التي عملت السيئات ولم تنتهِ ولم تتعظ فعذبها الله تعالى وأهلكها وأخذها بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون فقال لهم الله كونوا قردة خاسئين،
قال العزيز الحكيم:
{ لَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } الأعراف/165-166.
وعليه فالهدف الاسمى الذي رسخته النهضة الحسينية المقدسة هو استمرار الوعي الثوري الإسلامي الذي يرفض التطبيق الخاطئ للمبادئ السياسية الإسلامية التي اتخذت من الثورة الحسينية شعاراً حتى يومنا هذا .
ـــــــــ
هيام الكناني
التعليقات (0)