" إن كل انسان يستحق المعرفة " .
" ان ما لا أفهمه لا يعني أنه غير معقول ، لأني لا أفهمه " سقراط
أن تُحيل مهمة القيام بعمل ما على غيرك ، لهو أسهل من أن تقوم أنت بنفسك بهذا العمل . ففي العصور القديمة حينما كان الانسان البدائي أقرب الى البساطة ، كان كثير اللجوء الى الآلهة ، فتفكير الانسان كان لا يتعدى الأشياء البسيطة المحيطة حوله . ومن آن لآخر كانت هناك مشاهدات وأحداث تفرض نفسها عليه ، مثل الزلازل والبراكين والكواكب والنجوم والرعود والأعاصير . فهذه الأحداث والظواهر أكبر من أن يجد لها أسبابا مفهومة ، لهذا فقد أحال هذا العمل الى الآلهة ، وركن لهذا عقله ومستوى تفكيره الذي لا يستطيع ان يذهب أكثر من هذا .ففي ميثولوجيا الشعوب تجد مثل هذا الاستنتاج والذي اصبح من الموروثات التي تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل .
ان الاحترام للآباء والأجداد والذكريات قد أكسب الموروثات الثقافية المتناقلة من جيل الى جيل صفة القداسة ، والتي أصبحت من الجوانب التي يتميز بها كل شعب عن الشعوب الأخرى .
ان الموروثات الثقافية والسلوكية والأخلاقية لكل شعب كانت كثيرا ما تختلط بالأساطير والخرافات التي كثيرا ما كانت ترتبط بالمنطقة الجغرافية التي يعيش بها كل شعب ، وطريقته في الحصول على الغذاء . وكثيرا ما كان يجري تضخيم بعض الأحداث التي كانت تحدث في القبيلة لبث الشجاعة وتعزيز الانتماء والترابط داخل القبيلة . لهذا نجد تنوعا كبيرا في موروثات الشعوب وعاداتها في الأكل واللباس وطقوس عبادة الآلهة ، بل وتنوع الآلهة .
وفي العصر الحديث نرى أن تنوع الشعوب لا يصنف بناء على درجة التطور الحضاري ، بل بالسمات الثقافية والموروثات المقدسة ، بالإضافة الى الموقع الجيوسياسي . لهذا نجد شعوبا لديها من الاعتزاز بالموروثات الى الدرجة التي تسبب انعزالها عن مسيرة الحضارة الانسانية والتطور العلمي .
ان الموروثات الثقافية والأخلاقية قد أصبحت من القداسة بحيث أصبح الايمان بها من المسلمات التي لا تقبل النقاش أو التفكير ، أو طرحها بشكل آخر . انها تقترب من العبادة للنصوص . انها الأصولية المغرقة .
ان الايمان هو التسليم والاعتقاد ومنح صفة الكمالية للموروثات الثقافية والاجتماعية عند شعب من الشعوب .
فكثيرا ما تقف الثقافة الموروثة المختلطة بالأساطير حائلا أمام الأجيال من كلا الجنسين للتعلم وقبول النظريات العلمية .
وفي الجانب الآخر نرى العلم يقوم على الحقائق المستخلصة من التجارب الناجحة والتي تكررت تجربتها فترسخ الايمان بها والثقة بنتائجها .
أن تصديق الأساطير والإيمان بها ، هو بحد ذاته كفر وتكذيب لما تثبته الأدلة والتجارب الواقعية ، وهذا من جهة اخرى استهزاء بمقدرة العقل على التفريق بين ما هو صادق وما هو كاذب . ان الايمان باللا واقعي هو تهيئة النفس على السير في الخطأ الى أبعد حدود . فهو لن يلغي العلم وفوائده للبشرية وراحة الانسان ، بل يتعدى ذلك الى الغاء حق الانسان في الحرية والتعليم والمعرفة .
ومن الملاحظ في الكثير من الإطروحات والمؤلفات نجد استخداما للنصوص الدينية لنقد نظرية علمية وتبيان ان استنتاجاتها خاطئة بناء على تلك النصوص .وبالتالي ان إقحام النصوص الدينية في مقابل الأفكار العلمية يجعلها عرضة للنقد من وجهة النظر العلمية التجريبية والتي لا تعترف بالمسلمات الغير مدعومة بالأدلة والإثباتات الواقعية التي تعتمد على التسلسلية السببية .
فمثلا نرى أن ممثلي الكنيسة حرقوا " جوردانو برونو" لأنه قال بلا مركزية الأرض للكون . وأيضا نجد أن مفتي الديار السعودية وهو المرجع الديني المعتمد عند كافة المسلمين ، الشيخ عبد العزيز بن باز يصدر فتوى سنة 1993م يعارض فيها كروية الأرض ، ويؤكد أنها مسطحة ، وأضاف أن كل من يعتقد بكروية الأرض فهو كافر وتجب معاقبته .
كذلك هناك مسلمات تقول أن الأرض محاطة بطبقات ، أغلفة ، قِبابْ ، سماوات ، مقابل الفكرة العلمية التي تقول بلا نهائية العالم في الامتداد المكاني . وأن السماء الدنيا ، أي سماء الأرض الأولى مزينة بمصابيح تطلق شهبا لرجم الشياطين التي تسترق السمع لما يجري في العرش الالهي ، مقابل الفكرة العلمية القائلة بأن هذه الشهب تحدث نتيجة انفجارات وتفاعلات تحدث في النجوم اكتشف العلماء كيفية حدوثها ، وتنطلق في كل الاتجاهات .وهناك من ينادي بان مثلث برمودا هو " مملكة للشيطان " .
أيضا نرى مواقف ونصوص دينية تستخدم لمنع التلقيح الصناعي للبشر في المختبر الذي ظهرت فوائده للكثير ممن لديهم مشكلة في الإنجاب .
كما أن هناك فتاوي مصدرها ديني تعارض فكرة الاستنساخ ، وتتدخل في العلوم الطبية بشكل صارخ ، مثل تبني علاج الأمراض ب "بول الإبل " الذي يحتوي على كميات كبيرة من السموم ، وأن شرب بول الإبل يؤدي حتما الى الفشل الكبدي نتيجة تجمع السموم فيه . وبالمقابل يصر الشيخ محمد الصاوي أن يعالج الناس ببول الإبل ، حيث يقول : " إذا اصطدم العلم مع الشرع فيكون الخطأ في الطب وليس الشرع لافتا إلى أن العلاج ببول الإبل جاء في الشرع والسنة وإذا كان العلم قد حذر من العلاج ببول الإبل فهذا ليس معناه أن هذا مخالف للشرع بل الخطأ في الطب والعلم " .
وبهذا يصر الشيخ محمد الصاوي أن يعالج الناس ببول الابل ، وفوق هذا يرفض العلم الطبي الذي يؤكد ان البول يحتوي على مواد سامة ومضرة بالجسم ، لهذا يتخلص منها الحيوان عن طريق الاخراج ، فكيف يأتي الانسان ليشربها .
كذلك نجد النصوص الدينية تستخدم لتأييد نظرية الخلق التوراتية ، ونظرية الانفجار الكبير التي تريد إثبات أن للكون بداية ، وستكون له نهاية ، أي سينتهي يوما ما الى عدم . وفي هذا نفي لقانون بقاء المادة القائل بأن المادة لا تفنى ولا تخلق من عدم ، الذي أثبته العلم والتجربة العملية .
وأيضا نجد استخداما لنصوص دينية شتى لمعارضة نظرية النشوء والارتقاء المرتكزة على الانتخاب الطبيعي في تطور العضويات التي قال بها العالم الانجليزي " تشارلز داروين " من خلال مشاهداته في الطبيعة بعد رحلته العلمية التي قام بها على السفينة بيجل سنة 1831 م والتي استمرت خمس سنوات ، عاد بعدها داروين الى انجلترا ، وبدأ في مقابلة ما جمعة من مشاهدات فتوصل الى نظرية التطور التي اقترنت باسمه .
إن المسلمات المستوحاة من الميراث المقدس تعطي لدى المؤمن بها انطباعا بأن ما لديه هو الحقيقة الكاملة ، فلا حاجة لغيرها . فمثلا حينما يجد الطالب نصا يقول : " ما فرطنا في الكتاب من شيء " ينزرع في عقله أنه لا فائدة من دراسة أي من النظريات العلمية والفلسفية ، فالكتاب يحوي كل شيء ، وأن غيره من الاكتشافات العلمية مشكوك في صحتها ولا لزوم لها في الحياة .
وحينما تقول النصوص الدينية هذا من علم ربي ، فإن هذا يعني أن هذا العمل يفوق مقدرة البشر ، وهو من المعاجز التي لا يمكن أن يتوصل اليها العلم والعقل البشري . فما على الانسان إلا أن يترك هذا المجال لأنه حتما سيفشل ، وأن دوره يتلخص في أن يتأمل في هذه المعجزات ويتصورها في عقلة ويسلم ويؤمن بها .
والمعاجز كثيرة لا حصر لها ، ولا يجب أن يتساءل الانسان كيف تسير هذه الكواكب ، وما هي قوانين الميكانيكا التي توضح لنا كيف تسير هذه الكواكب وما هي العوامل الكامنة في المادة التي تمنعها من الاختلال .
فحركة الكواكب والنجوم معجزة ، والقوة الحيوية الكامنة في الكائنات الحية معجزة ، والوراثة وانتاج المثيل معجزة ، والزلازل والبراكين والأعاصير معاجز ، وانها أدوات ممكن استخدامها كوسيلة لعقاب العصاة من البشر . وهذه الظواهر وكثير ، كثير غيرها لا يجب على الانسان أن يحاول أن يكشف أسرارها ، وبهذا ينتهي دور العلم في البحث والتنقيب وفهم ظواهر الكون .
وما على الانسان الا أن يتفكر في المقدرة الهائلة الكامنة وراءها ، فحدوده لا يجب أن تتعدى التصور العقلي والتأمل والاندهاش الذي يضعه في خانة الايمان بها فقط . والقول أن " لن تنفذوا الا بسلطان " ، فليس السلطان هو العلم التجريبي كما فسره المفسرون ، بل الاذن من المُعلم مالك كل شيء ، ومعلم كل شيء ، وأن كل شيء يتعلمه الانسان في حياته هو بإذن الله ، " علم الانسان ما لم يعلم " ، وبالقدر الذي يسمح به الله . وفي هذا خلط بين تعليم الله للبشر الأحكام الدينية لنيل رضى الله وبركاته ، وبين العلم التجريبي الذي يقوم به الانسان ليعرف كيف يتعامل مع الموجودات ويستخدمها لصالحة ، حسب الحديث " أنتم أعلم بأمور دنياكم " .
فليس هناك من كتاب ديني يُعتبر موسوعة علمية ، ولا يمكن اعتبار النصوص الدينية نظريات علمية ممكن اخضاعها للتجربة ، فالدين يعلمنا الأحكام الدينية التي نصعد بها الى السماء ، لا كيف تسير السماء .
وفي هذا يقول الشيخ متولي الشعراوي :
ان الذين يقولون ان القرآن لم يأت ككتاب علم صادقون ذلك أنه كتاب أتى ليعلمني الاحكام. .ولم يأت ليعلمني الجغرافيا أو الكيمياء أو الطبيعة.
إن الغوص في المفاهيم والمقولات الدينية والنصوص يسحبك الى المجهول والى الغيب ، بينما المفاهيم والمقولات العلمية تسحبك الى الواقع والارتباط بالواقع والحياة العملية .
ان البحث في قلب الطبيعة التي نعيش فيها ، هو الوسيلة التي نكتسب بواسطتها المعرفة التي يتم تطبيقها ، وان الغوص في الميتافيزيقا لن يجعلنا نتقدم في العلم والحياة خطوة واحدة .
فحسب المنطق الديني ، لا علم إلا علم الكتاب المقدس ، إذا فالإنسان الذي يحصر نفسه ضمن هذا الفهم سيكون محدود المعرفة ، وهي معرفة مأذونة ، وموجودة في الكتاب المقدس فقط ، وقد وصلت الى الانسان دُفعة واحدة . من هنا لا يمكن للذي يحصر نفسه ضمن هذا الاطار أن يكون عالم في الطبيعة أو في الفلك أو في الفيزياء أو في الطب إلا بقدر تزحزحه عن خانة الاعجازية باعتبارها ممكنة بشريا .
وهناك من يحاول أن يضع العصى في دواليب العلم بطرح مسائل تعجيزية أمام العلم ، مثل القول : إخلقوا ذبابة ؟ إحيو الميت ؟ طبعا هذا غير ممكن ، وهذا المنطق يريد أن يضع العلم في الخانة الاعجازية ، وبالتالي الفشل .
إن العلم لا يسير بهذه الطريقة ، أي المعرفة الكاملة دفعة واحدة . العلم يسير رويدا رويدا ، درجة ، درجة ولن يتوقف ، فالبحوث تتفرع ، من جديد الى جديد . إن الطريقة العلمية في المعرفة تقود الى التيقن والتأكد والمصداقية في النتائج .
إن طريقة المعرفة دُفعة واحدة هي الطريقة التي تتبعها الكتب المقدسة الصادرة عن الوحي ، هي التي تخلق لدى الانسان فكرة المعجزات ، والتي جاءت من " كن فيكون " ، فإذا الشيء كائن وبلا مقدمات . إن مفهوم كن فيكون يقود حتما الى الاعجازيات ، الى الخوارقية ، الى الايجاد الفجائي بضربة واحدة ، الى تصغير المُتلقي ، الى الخوف ، الى تضخيم الغيب ، الى العجز ، الى التسليم .
في الحياة العملية ، أن يُطلب من مهندس أن يبني برجا من ثلاثين طابقا في غمضة عين ، هو طلب تعجيزي ، ولكن ممكن بناء برج من أربعين طابقا مع توفر الامكانيات والزمن .
إن العالم الانساني اليوم ليس بعالم المعجزات التي سمعنا عنها في الكتب المقدسة ، ان عالم اليوم هو العالم الواقعي الذي يؤمن بالممكنات ، فكثير من الأفكار كانت موضوعة في اطار المعجزات ، ولكن مع تطور العلوم أصبحت ممكنة وفي متناول الانسان وعقله . فقبل 200 سنه كان الوصول الى القمر خارج مقدرة البشر ، ولا تتم إلا بمعجزة ، والآن أصبحت شيئا عاديا ، وهناك دراسة لتدشين رحلات الى القمر . وقديما كانت معرفة جنس الجنين من المعجزات ، والآن أصبحت معرفة جنس الجنين متوفرة في أبسط العيادات الطبية .
والآن وقد تأكد للعلماء وجود التواصل بين الطبيعة النووية والكيمياء الجزيئية وهي قدس الأقداس المتمثل في طبيعة التناسل والوراثة . وما هي إلا خطوات بسيطة تعتمد على سلسلة من الحقائق التي يمكن استخدامها لفهم التعقيد الهائل وتنويعة الكائنات الحية .
اننا نلاحظ أنه في المجتمعات الأقرب الى التفكير الزراعي لا توجد تحديات قوية تتطلب العلمية في التوجه ، ولا تستتبع التغيير الجوهري ، إنما تتعامل مع المعاضل بطريقة بسيطة ومحاولة الابتعاد عن العلم ومتطلباته . أما الاقتراب من العلم وأفكاره ومتطلباته فهو المروق والهرطقة .
في مثل هذه المجتمعات لا يمكن الاقتراب من نظرية مندل في الوراثة ولا نظرية داروين في التطور التي تقول بالانتخاب الطبيعي ، وأن الكائنات الحية تتعاقب ولا تتجاور . ولا الاقتراب من فهم ماذا تعني قوانين الميكانيك التي توضح آلية حركة الكواكب والنجوم ، ولا معرفة المعاني العميقة لقانون بقاء المادة ، وقانون بقاء الطاقة .
وفي المجال الاجتماعي ممنوع الاقتراب من الأفكار الداعية للديمقراطية والعلمانية والتعددية الحزبية والدولة المدنية التي تؤمن بحقوق المواطنة للجميع ، وبتساوي المواطنين أمام القانون بغض النظر عن اللون والجنس والعقيدة .
كل هذه ممنوع التعرف عليها بمعناها الفعلي ، بل يجري تشويه المفاهيم والنظريات العلمية ، وتبيان عدم جدواها ، فلا داعي للتعرف عليها أو التفكير في تفاصيلها ، أو مناقشتها ، ومن يعترف بها ، فهو خارج عن الجماعة وتجب معاقبته .
إن هذا التوجه المضاد للعلم له انعكاسات سلبية تصل الى حد الاحباط للجيل ، إنه إسباغ الجمود على التفكير ، عدا عن افتقاره الى التشجيع والمعاصرة .
من هنا يجب أن نقدم العلم الى الأجيال بطريقة صحيحة ، حتى لا يصرخ طلبتنا : ما علاقة هذا الذي نتعلم بعصرنا هذا ؟ ويتلاشى الاحترام للمعلم ، ويصاب الطلاب بفتور همة ، وفقدان الحماس للتعلم ، فما ترى الا وأنهم قد ضاعت منهم فرحة الاكتشاف للحقائق . وتسود في التعليم فكرة الحفظ والصم ، الخالي من الفهم والقلق والشك وحب معرفة الحقيقة . ويشعر المعلمون باليأس من تدهور المعايير التعليمية . وعندها يحتاج الطلبة والمعلمون أن يعلموا أنفسهم مهارة جوهرية واحدة وهي : أن يتعلموا كيف يتعلمون . ان هذا ضروري لكي يعود التعليم الى المسار الصحيح ، وحتى لا تضيع فرحتنا بميلاد أطفال سيعيشون حياتهم جهلاء ، أو أنهم مواليد بلا مستقبل .
إن البحوث في المحيط العربي ميته وتقليدية مثل أنظمتها السياسية ، وهم يعيشون على خير البلاد الموجود دون التفكير في استنباط طرق جديدة لزيادة الدخل الوطني ، فهم بذلك يأكلون بذور الحبوب المخزونة لديهم الآن ، ويشبعون دون النظر ماذا سيزرعون في السنة القادمة ، ولا يفكرون ماذا ستقول عنهم الأجيال القادمة .
وبهذا يصدق القول عنهم : " أنهم أُناس بلا مستقبل " .
وفي الواقع لا يمكن فصل العرب عن الاسلام ومنحاه الديني والدنيوي ، فأكثر من ألف سنة ويزيد من الصراعات الدينية والعائلية والمذهبية قد عزلتهم بكل ما في الكلمة من معنى عن المشاركة في النهضة والثورة العلمية التي شملت العالم .
انظر حولك ، لا يوجد شيء من صناعة المسلمين ، فالعمران البشري ومتطلباته والطرق والمواصلات وملحقاتها ، والكهرباء واستخداماتها ، وعلوم الفلك والفضاء ، وثورة الاتصالات . كل هذا لم يشارك فيه المسلمون بأي شيء كمسلمين ، ويدعون أنهم دعاة علم وتفكير ، وفي هذا لا يخدعون إلا أنفسهم . فلم توجد نظرية أو اكتشاف علمي تحمل اسم " نظرية عبدالله " ، أو نظرية سليمان " ، أو نظرية عبد الرحمن ، أو محمد أو محمود ، فكل النظريات باسم مكتشفيها من الأجانب .
إن النظريات العلمية هي نتاج بشري انساني ، لا يجب أن يخضع للانتقائية ، أو المقاييس العرقية أو الجغرافية أو القومية أو الدينية ، بل يجب أن تقاس بمنفعتها للجنس البشري في حياته على الأرض .
فالعلم للجميع ، ليس له قومية ، أو حدود سياسية ، ولا يخضع لتقسيمة : شرق وغرب ، أو شمال وجنوب . إنه أُممي بكل معنى الكلمة .
إن الجهل بالعلوم يسير في ترابط عضوي مع الظلم الاجتماعي ، فلا غرو أن الثورات السياسية تهدف الى غسل المجتمع ، وتهدف الى تفعيل نزعة الشك والتساؤل وحب المعرفة . حيث أن الحرية لا يمكن اكتسابها إلا بالعلم والمعرفة الحقيقية .
التعليقات (0)