تفاعلَ المواطن السوري المغترب ، في بداية الثورة السورية ، قسم دخل في النشاط الثوري ، تظاهر، إعتصام ، دعم مالي ، نشاط إعلامي ، حتى التنسيقيات كان لها دورها ، المواطن السوري الغاضب لم يقصر في ثورة بلده ، كان مزهواً بكسر حاجز الصمت .
المواطن السوري المغترب (الأخر) إنضم ولو بشكل متأخر نوعا ما عندما إستشعر أن الموضوع جدي ليتصدى للهجمة الشرسة على سوريا أو المؤامرة كما تم توصيفها وكان له وجوده المقاوم ، مسيرات ، إعتصامات ، زيارات لسورية ( لدعم القيادة ) و طبعاً صفحات وطنية لتنظم عمله خارج حدود البلد الممانع .
تصاعد العنف ، المجازر ، التدخل الإقليمي ، غياب المجتمع الدولي ، أدى لتصاعد الإنقسام بين الطرفين ، ذهب العقل والمنطق ، لغة السلاح وضعت على الطاولة ، إنطلقت حملتا التطهير والتحرير ، لتصبح البراميل المتفجرة و صواريخ السكود ، قذائف الهاون وقطع الرؤوس ، أسلوب حوار بين الطرفين ، والحصار والتجويع وقطع الكهرباء والمياه أسلوب حياة جديد للمواطن السوري المقيم داخل سوريا .
للأسف شريحة من المغتربين شاهدت وسمعت وقرأت هذا العنف ، لم تنبذه وإنما شجعت عليه وساندته بقوة وكانت من دعاته لا بل من مغالييه وهي البعيدة عن سوريا وعن العنف و القتل ، دمار القرى وحصار المدن ، وقررت أن تبرر وجوده ، فهي لاتمانع في إستعانة النظام بمليشيات عراقية في غوطة الشام أو تواجد حزب الله في القلمون ليحمي آخر تماثيل الرئيس ، فهو لخدمة المقاومة ،ترى إبتسامته عندما تذكره ان وزارة الخارجية أصبح مقرها موسكو ووزيرها روسي الجنسية ، وتجده مباركاً لصاروخ سكود يسقط على حلب ، أو متفهماً لتجويع حي هنا أو مدينة هناك .
لم يدرك شاهد العيان البعيد عن الوطن مخاطر وجود تنظيم للقاعدة ، بل عدة فروع للقاعدة وقادة لها غير سوريين فهم من الأهل والعشيرة ، يتخيل إخراجهم سهل من البلد ، وأن التكفير وجهة نظر و لابأس في تجاوز هنا أو هناك ،وقتال الفصائل أمر مقدور عليه ولا بد من ضحايا يدفعها الأخرين وليس هو مادام المقاتل صامد في وجه النظام ،ولا مشكلة في التمويل الخارجي حتى ولو كان من الشيطان، يتناسى كل تاريخ سوريا ليتذكر الحجاج وخطبته العصماء في ضرورة قطع الرؤوس .
عزيزي المغترب …
أياً كان إنتماؤك ، الموضوع ببساطة ليس مبارة فوتبول تشجع فريق على حساب الأخر ، ولابأس ببعض الأخطاء مقصودة أم غير مقصودة ، تبدي سرورك بها وتنظر بشماتة لفريق خصمك ، بل لا مانع حتى في رشوة الحكم ، مادام الفوز غايتك .
هناك قتلى كل يوم ، معتقلين ، مداهمات ، قصف ، مذابح ، تشويل ،حصار ، جيل يتربى على الكراهية والتطرف وأنت جالس مع أسرتك بأمان وبيتك مأمن عليه وعملك موجود بعيداً عن الموت والمخيمات وقصص النازحين ولكنك مصّر على الحسم الدموي في سوريا مهما طال الزمن وكانت التكلفة .
بإمكان هذا المغترب ، لو أراد المشاركة في حفلة الموت ، أن يذهب لسوريا وينضم للجيش السوري أوالدفاع الوطني ، ولو كان ليس من هذا الفصيل فعنده خيارات أوسع لعشرات الفصائل المسلحة ، بمختلف الأسماء والتوجهات والتمويل لينظم إليها ويكون مشاركاً فيها ، بدلاً من جلوسه في المغترب ، شاعراً بالأمان وداعياً للقتل في البلد ، أو فليلزم الصمت .
أنت ببساطة لست في سوريا ، أنت على المدرج تشاهد سوريا ، بعيد كل البعد عن معاناة البلد ، تستطيع أن تدعم سوريا، إنسانياً ، إغاثياً ، تخفف عنها ، تكون مناصراً لحل يوقف هذه الحرب ، لا تغير رأيك أو قناعاتك ، تستطيع أن تفعل الكثير من أجل سوريا ، أما في موضوع العنف تذكر أنت خارج سوريا وأنك مشجع على المدرج.
www.orientaltale.wordpress.com
عبدالله كريستوف مرجانه
التعليقات (0)