مواضيع اليوم

اضطراب الألكسيثيميا

د.نجلاء صبري

2017-08-03 01:35:05

0

 على الرغم من أن الألكسيثيميا تعرّف بأنها شكل من أشكال الاضطراب الوظيفي في تعيين وتحديد الفرد لمشاعره، إلا أنّها تشير بشكل أكثر عمومية إلى سمة وجدانية معرفية للشخصية تظهر نفسها بأكثر من طريقة، نظرا لفقر الحياة التخيلية والاهتمامات واللعب، ونقص القدرة على خلق التخيلات المرتبطة بالمشاعر، ويؤدي هذا النقص إلى ظهور طريقة نفعية في التفكير، والميل إلى تجنب الصراع في المواقف الضاغطة، والتفكير “الخارجي التوجه” External oriented الذي يتميز محتواه بالإنشغال بتفاصيل الأمور والأحداث الموجودة في البيئة الخارجية.

إنّ هذا الاضطراب فيما يتعلق بالمشاعر يؤدي بالمصاب للشكوى الدائمة من مشكلات صحية، والتي هي في حقيقة الأمر وفي معظم الأحوال مشكلات إنفعالية، وهي الظاهرة المرضية التي تعرف بتحويل الأعراض النفسية لأعراض جسمية، ويمكن أن نطلق عليها الجسمنفسية مقابل الأعراض النفسجسمية، وفيها تتسبب المشكلات الإنفعالية في ظهور أعراض جسمية، ويرجع إهتمام الطب النفسي بهذه الحالات لما يترتب على هذا الاضطراب من الإلتجاء المستمر للعلاج الجسماني والذي لا يؤدي إلى أي تحسن في حالة المريض، حيث إنّ السبب الحقيقي ليس جسمانيا، وقد وجد أنّ الالكسيثيميا يمكن أن تكون مصاحبة للإغتصاب، والإضطرابات العصبية بعد الصدمات العاطفية PTSD، وإضطرابات التغذية وإضطرابات التوهم بوجود مشاكل عضوية، ونقص في الوعي العاطفي بسبب وجود نقص في التمثيل العقلي للمشاعر.
كما أنّ مرضى الالكسيثيميا يعانون من الكبت ويستخدمون مجموعة من الدفاعات العقلية (إسباغ العقل والمنطق، عزل التأثير والإنكار) لإبقاء المشاعر السلبية خارج نطاق وعيهم، حيث إن الأفراد المصابين بالألكسيثيميا يفتقرون إلى القدرة على تحديد معنى المثيرات الإنفعالية اللفظية وغير اللفظية كتعبيرات الوجه، فعندما طلب من هؤلاء الأفراد إجراء تطابق بين المثيرات الانفعالية اللفظية وغير اللفظية (التعبيرات الوجهية المصورة)، وكذلك الاستجابات اللفظية وغير اللفظية، ففشلوا في القيام بهذه المهمة بشكل دقيق.
وقد لخّص تايلور Taylor أعراض اضطراب الألكسيثيميا فيما يلي: “صعوبة في تحديد مختلف أشكال المشاعر، صعوبة في القدرة على التمييز بين المشاعر الإنفعالية والمشاعر الجسدية، قصور في فهم العوامل التي أدت إلى المشاعر، صعوبة التعبير اللفظي عن المشاعر، الأسلوب الوظيفي في التفكير، نقص الاستمتاع وتجاهل البحث عن السعادة، تقليل أهمية الرمزية كحقائق، وندرة الأفكار البارعة أو النشاطات التخيلية، خلل في العمليات التصورية، يظهر من خلال ندرة التخيلات، تفضيل التركيز على الأحداث الخارجية عن الخبرات الخاصة (أسلوب معرفي ذو توجه خارجي)، الفهم المحدود عن العوامل المسئولة عن المشاعر، صعوبة تحديد المشاعر والتفكير النمطي، ضعف التخيل الإنفعالي وقلة الاستغراق في أحلام اليقظة، الموقف المتصلّب تجاه الآخر، وجود بعض الإضطرابات الفسيولوجية مثل خفقان ضربات القلب، وألم في المعدة، واحمرار الوجه، وارتفاع درجات حرارة الجسم، واضطرابات الأكل، الشعور بالقلق والاكتئاب ونقص المساندة الإجتماعية وقلة فاعلية الذات والعصابية”.
وكذلك فقد أضاف العالم كريستال Krystal خصائص إضافية تميز الألكسيثيميين، وهي الميل للمسايرة الاجتماعية، والاتجاه للحركة للتعبير عن الانفعال أو لتجنب الصراعات، وضعف استدعاء الأحلام، والصلابة والتخشب، وندرة تعبيرات الوجه.
بينما يضيف بيرك Burch، 1995 بعض الصفات التي تميز الشخص الألكسيثيمي، وهي: “الحيرة لردود أفعال الناس الانفعالية، الإجابات المتحذلقة والمطولة بالنسبة للأسئلة العملية، عدم الاستغراق في أحلام اليقظة، رد الفعل الضعيف بالنسبة إلى الفن أو الأدب أو الموسيقى، اتخاذ قرارات شخصية طبقا للمباديء بدلا من الانفعالات والمشاعر، المعاناة من الاضطرابات الفسيولوجية، الفهم المحدود لأسباب المشاعر، صعوبة التعبير اللفظي عن المشاعر، المحتوى العاطفي المحدود في الخيال، الأسلوب التجريدي للتفكير، نقص الإحساس بالمتعة والسعادة”، حيث تتسم الحياة الإنفعالية للأفراد المصابين بالألكسيثيميا بالعجز عن التعبير عن مشاعرهم، وهو ما يتساوى مع الافتقار إلى المشاعر على الإطلاق، بالعديد من الخصائص على المستوى المعرفي والخبراتي، ما يجعلهم يفتقدون الدور الذي يمكن أن تلعبه الانفعالات في تسيير الحياة الإنسانية، كما تمثل الالكسيثيميا صعوبة في إدراك الفرد لذاته، أو استجابته للمواقف الاجتماعية، وفي نقص المساندة الاجتماعية مما يعد مؤشرا للكشف عن فعالية الذات، خاصة لدى الفئات الإكلينيكية كالفصاميين والمكتئبين.
Naglaa. sabry80@gmail. com



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !