من المتعارف عليه بين التلاميذ وطلاب المدارس أن المشاجرات لا يجوز أن تحصل في باحة المدرسة لكي لايتدخل الطاقم التدريسي ويفض الخلاف ولكي يصفي المتصارعون حساباتهم على راحتهم في منطقة محايدة.
هذا ماخطر ببالي وأنا أتابع اقتراح زعيم الحزب "المقاوم" الذي دعا اللبنانيين للتصارع معه لكن في الساحة السورية التي أصبحت سائبة. هذا الاقتراح ليس غريباً على اللغة "الشوارعية" التي يتقنها السيد "نصر الله" وعلى ممارسات زعرانه.
لكي لايظن أحد أنني أضعت ساعة من وقتي في متابعة خطاب عقيم أطمئن القارئ العزيز أني استمعت لهذه الفقرة عبر البرنامج المميز للمبدع "نديم قطيش" في قناة المستقبل. الحقيقة أنه منذ رحيل القذافي، أصبحت خطابات "سيد المقاومة" مناسبة للتندر رغم جدية الموضوع ورغم أنها دعوة مفتوحة للقتل الطائفي وللحرب الدينية.
السيد "نصر الله" يدعو اللبنانيين ٳذا لتصفية حساباتهم معه "برّا" أي على اﻷرض السورية التي أصبحت بفضل اﻷسد مشاعاً وملطشة، يدخلها زبانية "المقاومة" مدججين بسلاح "المقاومة" وتحت رايات "المقاومة" لقتل النساء واﻷطفال في القصير حماية "للمقاومة"!
ماذا ننتظر من حزب احترف اﻹرهاب وأسماه "مقاومة" زوراً وبهتاناً ؟ أي مقاومة أو بطولة تكمن في قصف المساكن الآمنة في شمال فلسطين المحتلة ؟ وأي شهامة هي تلك التي تستهدف دورية ٳسرائيلية روتينية خارج الحدود اللبنانية، لتحرير قاتل اﻷطفال "سمير القنطار" وٳطلاق حرب ضروس تدمر لبنان خدمة لدجل المقاومة ؟ لماذا هاجم الحزب الدورية اﻹسرائيلية عام 2006 ؟ هل يريد "نصر الله" تحرير فلسطين ؟ ٳن كان هذا التحرير هو هدف "نصر الله" النهائي فقد ضل "دجال المقاومة" الطريق بمائة وثمانين درجة واتجه شمالاً بدل مقارعة العدو اﻹسرائيلي في الجنوب.
أم أن عدو نصر الله هو من تقول له ٳيران أنه العدو ؟
في هذه الحالة، ماذا سيحصل ٳن قرر "الولي الفقيه" أن الشعب اللبناني، بعد شقيقه السوري، قد أصبح عاقاً ولابد من تأديبه ؟
شيء من هذا القبيل هو في طور التشكل حالياً، ولكي لا تحصل "الخناقة" في الباحة اللبنانية دعا "نصر الله" معارضيه ٳلى الخروج "لبرّا، يعني لسوريا، لنتقاتل هناك...".
لكن أصل المشكلة بين "حزب المقاومة" ومعارضيه ليس "برّا" بل في الداخل والعمق اللبناني، هي في السابع من أيار تتكرر كل يوم على امتداد بلاد اﻷرز. مشكلة اللبنانيين كلهم هي مع حزب "مقاوم" خاضع للخارج، يمارس أبشع أشكال التسلط و"الزعرنة" في الداخل اللبناني قبل أن يقوم بتصديرها لمحيطه. في تموز 2006 دفع اللبنانيون غالياً ثمن "النصر اﻹلهي" وقريباً جداً سيجد لبنان نفسه أسير النيران المتقاطعة بين ٳيران والشعب السوري الثائر وما صواريخ "غراد" التي سقطت على الضاحية غير أول الغيث.
الاختلال الهائل في موازين القوى بين "حزب ٳيران" وباقي الفئات اللبنانية بما فيها الجيش يمنع حالياً، بحسب نظرة "حسن نصر الله" الفوقية واحتقاره للآخر، أي مواجهة بين الحزب والجهات التي ترفض تحول لبنان لمستعمرة ٳيرانية، لكن توازن القوى هذا هو أمر مخادع، فاختلال القوى بين السوريين الثائرين وجيش اﻷسد لم يمنع السوريين من مواجهة الطاغية حين دقت ساعة الحقيقة رغم تفوق عصابة اﻷسد عسكرياً.
"حسن نصر الله" يسير على ذات الطريق الذي سار عليه اﻷسد الصغير، من الارتهان ﻹيران والخضوع ﻹملاءاتها، ٳلى تصدير "خلافاته" ٳلى الخارج، انتهاء بمحاولة حل مشاكله مع محيطه المباشر ومواطنيه على طريقة الزعران "خلينا نحلها برا".
أحمد الشامي فرنساahmadshami29@yahoo.com http://www.elaphblog.com/shamblog
نشرت في بيروت اوبسرفر في الثلاثين من أيار 2013 http://www.beirutobserver.com/2013/05/75811/
التعليقات (0)