قراءة في كتاب الباحث المغربي حماني أقفلي "الثقافة والتنمية البشريةفكرة التنمية الثقافية1
في نقد خطاب التنمية في دول الهامش
الزاهيد مصطفى:طالب باحث المغرب
ماذا نقصد بالتنمية الثقافية؟هل توجد مؤشرات لقياس مستوى التنمية الثقافية لمجتمع من المجتمعات؟هل توجد معايير موضوعية يمكن على أساسها المفاضلة بين الثقافات المختلفة،وترتيبها حسب درجة نموها أو تخلفها؟هل يستقيم الحديث عن النمو والتخلف في المجال الثقافي؟هل توجد ثقافات أكثر تقدما من ثقافات أخرى؟ماهي العلاقة بين الثقافة والتنمية؟ما هي الوظائف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تقوم بها الثقافة عموما والثقافات المحلية على وجه الخصوص؟.
هذه بعض الأسئلة التي يحاول هذا الكتاب الإجابة عليها،وقد عمد المؤلف الأستاذ حماني أقفلي إلى دراسة وتوضيح هذه الاشكالات،حيث أراد توضيح الثقافة وتتبع مدلولاتها المختلفة وهل لها دور في التنمية البشرية ليأتي كتابه الذي بينه أيدينا والمعنون ب"الثقافة والتنمية البشرية(فكرة التنمية الثقافية) محاولا بعد تجربة طويلة في البحث السوسيوأنثربولوجي و التنمية البشرية أن يضع أمام القارئ هذا الكتاب الذي يجيب فيه عل أسئلة العصر وأسئلة الواقع الثقافي المغربي في حد ذاته.والفرضية الأساسية التي ينطلق منها هذا الكتاب هي أن الثقافة تشكل عاملا أساسيا من عوامل التنمية بكل أبعادها.
ويتضمن الكتاب مع التقديم والخاتمة 12 محورا ينضوي في قالب ثقافي تنموي وقبل المراجع والمصادر المعتمد عليها في تأليف الكتاب يدمج المؤلف ملحقا تحت عنوان:"إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي" كمرجع قد يساعد المهتم والباحث في المجال.
وفي قراءتي المتواضعة التي أحاول من خلالها التجرأ على هذا المؤلف العميق سأحاول الاختصار على بعض المحاور التي قدمها المؤلف تفاديا للتكرار وبعض المحاور التي لم يعطيها المؤلف حقها من التحليل والتمحيص.
1. الصعوبات التي تواجه تحديد مفهوم التنمية الثقافية
يحاول المؤلف من خلال هذا العنوان أن يبرز لنا أهم الصعوبات التي يواجهها مفهوم التنمية الثقافية مقدما لنا مجموعة مفاهيم أبرزها:
· مفهوم بيير بورديو(P.bourdieu)حيث اعتبر أن الثقافة هي مجال العنف الرمزي بامتياز،ومن أهم ما يتميز به هذا النوع من العنف على الوعي الفردي والجماعي مشروعية بعض الرموز،والأفكار،والدلالات مع إخفاء علاقات القوة الكامنة خلفها،هذا مع العلم بأن التقدم الذي أحرزته في وقتنا الحاضر،وسائل الإعلام الحديثة،وأساليب الدعاية الجماهيرية قد أكسبها من القوة والفعالية ما يمكنها من الـتأثير على وعي المتلقي من حيث لا يدري،ويبقى الحكم على ثقافة معينة باعتبارها متقدمة أو مختلفة مرهون حسب الكاتب بكونه فعلا ثقافيا تحكمه بالضرورة مرجعية ثقافية خاصة،فما يعتبر تقدما وتحريرا وتحديثا ثقافيا من منظور ثقافي معين ليس بالضرورة يمكن أن يعتبر فكرا أو استلابا ثقافيا من منظور ثقافة أخرى.
وكما هو معروف تشكل الثقافة رهانا إيديولوجيا وسياسيا في غاية الخطورة،ويرجع السبب لذلك إلى الصلة الوثيقة التي تربط الثقافة بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية (الدولة،الطبقية،الطائفية،والإثنية...) وبالصراعات الأفقية والعمودية التي تتخلل المجتمع.
ومفهوم الثقافة الذي تبناه المؤلف حماني أقفلي في كتابه هو كما عبر عنه تايلور"ذلك المجموع المعقد الذي يشمل المعارف،والمعتقدات،والفنون،والأخلاق، والتقاليد، وكل باقي القدرات والعادات التي يكتسبها الفرد بوصفه عضوا في مجتمع معين" وفي نفس الاتجاه يقول ج.هنري:"إن الثقافة ليست توكيدا غير فعال للهوية وإنما هي بحث ديناميكي عن نسق تفسيري وتعليلي شامل،يؤسس ويحين ويعقلن للممارسات الثقافية،وعددا من السلوكات الاجتماعية... وبذلك تكون الثقافة في نهاية الأمر عبارة عن نظرة للكون وهي كما يقول(J.Molino )"مجموع الدلالات التي تنظم حياة جماعة معينة.
يعد سرد هذه التعريفات المتعددة للثقافة والمختلفة هي محاولة من المؤلف لجرد تلك التعاريف ومقارنتها والتدليل على الفكرة الأطروحة التي يتبناها في هذا الكتاب الموسومة بالاختلاف والتعدد في النظر للثقافة وهو بذلك يحاول أن يميز ضمن كل ثقافة بين المكونات التالية:
· المعارف العلمية: وهي كل تراكم لدى مجتمع من المجتمعات، عبر تاريخه الطويل من تجارب وخبرات علمية،ينطبق هذا على المهارات التقنية التي يتوارثها الفلاحون والصناع والحرفيون جيلا بعد جيل،ويشكل هذا النمط من المعارف عنصرا أساسيا من عناصر الانتاج.
· الإيديولوجيا:وهي عبارة عن مجموعة من المسلمات والقضايا والتطورات والقيم التي تستخدمها فئة أو طبقة أو جماعة معينة لتفسير واقعها الاجتماعي والاقتصادي و السياسي والطبيعي.
· الدين والموروث التاريخي:هي تلك الأفكار والقيم اليومية وهي عوامل يمكن دمجها في مكونات الثقافة لكنها حلقة وسط بين المعارف العلمية والإيديولوجية،لاهي في دائرة المعارف العلمية ولا بدائرة الايديولوجيا لتكون لها مجال في تكوين الثقافة أو صرحا أساسيا في الثقافة.
إلى جانب هذا التصنيف لمكونات الثقافة يوجد تصنيف آخر يقوم على طبيعة الفئة أو الفئات الاجتماعية التي تتسبب فيها الثقافة،وفي هذا السياق يميز (F.dumont) داخل كل ثقافة بين ما يسميه الثقافة الأولية(la culture premeire)أو الثقافة الثانية،أي الثقافة الشعبيةLa culture second).ومن خلال هذه التقسيمات يحاول المؤلف أن يقف عند تفصيل كل نوع من أنواع الثقافة ليعلق على المراحل الأساسية التي تمر بها الثقافة.
· أولا:الثقافة الأولية: هي الثقافة بمعناها الأنثربولوجي،وهي عبارة عن نسق من المقولات المفاهيمية والإدراكية التي بواسطتها يقوم عامة الناس بترميز تجاربهم الخاصة وتنظيم محيطهم الاجتماعي والطبيعي.
· ثانيا:الثقافة الشعبية: تتخد هذه الثقافة بعدين أساسيين هما:
ü بعد معرفي:يتمثل في(التصورات، المعتقدات،والقيم...الخ)
ü بعد مؤسساتي: يتمثل في أشكال التنظيم الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي...ونجد الثقافة الشعبية مصدرها الرئيسي في الممارسة الشعبية اليومية،فهي تعكس نمط عيش الفئات الشعبية المختلفة وتعبر عن قيمها وتصوراتها...
ü الثقافة العالمة:هي الثقافة الرسمية وهي ثقافة النخبة لأنها من إنتاج العلماء والأدباء والفقهاء ورجال الفكر عموما، وتتضمن الآداب والفنون والعلوم والفلسفة والقانون المكتوب...وتكمن أيضا تلك الثقافة العالمة في تشكيل السياسة والثقافة الدولية للدولة،باعتبارها أساسا للهيمنة والسيطرة السياسية الاجتماعية والاقتصادية وعلاقتها بالثقافة الشعبية علاقة سيطرة وهيمنة. والثقافة العالمة هي التي تحدد عادة معايير الذوق الرفيع، ومقاييس الفكر والثقافة الراقيتين في مقابل الفكر والثقافة المنحطتين.
هذه إذن هي أهم مكونات الثقافة التي يعرضها الباحث حماني أقفلي فماذا تعني التنمية الثقافية بالنسبة لكل مكون من هته المكونات.
2. المنظور الاقتصادي للتنمية الثقافية
يتناول الباحث حماني أقفلي التنمية الثقافية في منظورها الاقتصادي باعتباره --أي البعد الاقتصادي- هو البعد الأساسي،وحسب هذا التصور،فإن الغاية النهائية للتنمية هي تحقيق الرفاهية المادية لأكبر عدد ممكن من الساكنة، وانسجاما مع هذا التصور ترى المقاربة الاقتصادية أن المردودية الاقتصادية للثقافة وإسهامها في النمو العام من بين المعايير الأساسية للحكم على قيمة العمل الثقافي، فقيمة الثقافة لا تقاس في هذه الحالة إلا بمردوديتها الاقتصادية المادية.
بناء على هذه المقاربة نجد بعض الباحثين وعدد من القائمين على الشأن الثقافي يعتبرون الثقافة قطاعا يسري عليه ما يسري على باقي القطاعات بمختلف تأويلاتها إلى"سلع تجارية" تتحدد قيمتها عبر اليات السوق.وبهذه الطريقة تم اختزال التنمية الثقافية في بعدها الاقتصادي الصرف،فأصبح إدراكها وقياسها يتمان من خلال مجموعة من المؤشرات كحجم الإنتاج الثقافي مثلا .
وقد عمد المؤلف حماني أقفلي إلى ذكر بعض نتائج هذا التصور الثقافي الذي يجعل من الثقافة سلعة مركزا على أمثلة من المجتمع المغربي على الشكل التالي:
· اختزال قيمة الأعمال الثقافية:في قيمتها التجارية،إذ أصبح التنوع الثقافي الجيد هو المنتوج الذي يباع بشكل أفضل.
· طغيان الاعتبارات التجارية: على الاعتبارات الأخرى في تصور العمل الثقافي، وفي رسم السياسيات الثقافية،وفي تحديد الأولويات والاختيارات الثقافيةبالعمل على تشكيل ذوق الناشئة و ميولاتها واتجاهاتها.
· تشجيع تنمية ما أضحى يعرف بالسياحة الثقافية، مع ما يترتب على ذلك من توظيف للثقافات المحلية وللثقافات الشعبية في خدمة الية الإنتاج والتسليع.
يخلص حماني أقفلي مما تقدم أن إلى أن الاعتبارات الاقتصادية والتجارية،رغم أهميتها التي لا تنكر،لا تكفي بمفردها لبلورة تصور منسجم لماهية التنمية الثقافية،ولا يمكن بالتالي اعتماده قاعدة صلبة لوضع سياسات تنموية ترقى فعلا بالمستوى الفكري والثقافي للإنسان الذي يشكل في نهاية المطاف الغاية القصوى لكل فعل تنموي فعلي،وفي جميع الأحوال تبقى الثقافة رافعة أساسية لتنمية الاقتصادية،تتوقف فعاليتها على مدى استجابتها لحاجات السكان وبالتالي على مدى تنوعها لهذا السبب يرى(J.Mohanrao)في التقرير الدولي حول الثقافة لسنة 2000،أن فرض نموذج موحد على ثقافات وبلدان متنوعة،يشكل خطرا على المستقبل الاقتصادي لتلك البلدان،وأن النمط الثقافي سبب من أسباب الفقر الثقافي والمادي.وقد أجمعت جل التقارير والتوصيات الصادرة عن اليونسكو على أن التعددية الثقافية تشكل وضعا طبيعيا يتعين استثماره وتوظيفه لتحسين أوضاع العالم.
3. مفهوم التنوع الثقافي
ü أولا:معنى التنوع الثقافي
يرى(Ivan Bernier)أن التنوع الثقافي في معناه الضيق يحيل على جماعات ثقافية عينية وهو يفترض وجود جماعات قائمة بذاتها داخل المجال الجغرافي يتمتع كل واحد منها بهوية ثقافية متميزة تتحدد من خلال مجموعة من العناصر الذاتية(القيم-المعتقدات-العادات وأسلوب العيش..) والموضوعية ك(اللغة-المعتقدات-العادات وأسلوب العيش..)يضاف إلى ذلك أن أسلوب العيش في معظم المجتمعات المعاصرة يؤثر في اتجاه التجانس الثقافي السلبي للمجتمعات البشرية،ففي المدن مثلا تتعايش جنبا إلى جنب فسيفساء من الجماعات ذات عادات وتقاليد ومعتقدات وقيم و أوصول إثنية مختلفة.و لكل جماعة من هذه الجماعات قيم معينة وأسلوب عيش معين وأنماط خاصة في التفكير والإحساس.
إن الثقافة كما ندركها في الواقع العيني،هي سلسلة ضخمة من الممارسات اليومية يستحيل عمليا حصرها وعدها،فالثقافة كما سبقت الإشارة إلى ذلك هي الشكل الخاص الذي يستجيب به الإنسان لمحيطه الاجتماعي والطبيعي، فهي تتجلى في السلوك اليومي للإنسان ولا يمكن وصفها إلى من خلال ملاحظة ذلك السلوك اليومي للإنسان ،ولا يمكن كذلك وصفها إلى من خلال ملاحظة ذات السلوك في مختلف مظاهره كشكل الملبس والمأكل والكيفية التي يتم بها الطبخ وطرق الأكل...من هذه الزاوية يلاحظ أن التعدد الثقافي واقع محايث للسلوك اليومي للإنسان وهو سلوك يتسم بالتنوع والتغيير، ولا يتجلى التنوع الثقافي في السلوكيات الاجتماعية فحسب،وإنما يتجلى في السلوك الفردي الواحد،والذي يستجيب لنفس المتغيرات بطرق مختلفة، تبعا للأوضاع والظروف التي يتصرف فيها والغاية من استجابات رهاناته هي:التكيف بشكل أفضل مع الأوضاع الجديدة باستمرار.
يخلص الباحث حماني أقفلي من هذا على أن التنوع الثقافي لا يحيل على جوهر ثقافي خالص.يعبر كل واحد منها على كيان ثقافي يملك من الصفات والخصائص ما يميزه عن باقي الكيانات الثقافية البشرية،فمن الصعب مثلا أن نتحدث وفق هذا التصور،عن الثقافة العربية أو الثقافة الفرنسية أو الثقافة الإسلامية أو الثقافة المسيحية أو غيرهما باعتبارها جواهر ظاهرة خالية من ثأتير أي عنصر خارجي،ولنفس السبب يصعب القول:"أن ثقافة معينة هي حكر على أمة أو جماعة أو منطقة جغرافية معينة دون غيرها.
وتؤكد سوسيولوجيىة الثقافة المعاصرة أن الطهارة الثقافية ليست في الواقع سوى وهم إيديولوجي،الغرض منه هو خلق جماعات ذات هوية ثقافية متميزة لتعبئتها سياسيا عند الاقتضاء لمواجهة الجماعات أو الكيانات الثقافية الأخرى،فالهوية الثقافية كما معلوم،لا تتشكل إلا بواسطة هوية أخرى وفي تضاد معها.
وتأسيسا على هذا يبدو أن الطريقة العلمية الأمثل لإبراز التنوع الثقافي،هي الطريقة الفينومينولوجية (الظاهراتية) التي تقوم على الوصف الدقيق للثقافة المعيشة،كما تتجلى في السلوك والتصرفات اليومية للأفراد والجماعات.
ü المحافظة على التنوع الثقافي
ليست الدعوة إلى المحافظة على التنوع الثقافي دعوة إلى الجمود الثقافي والفكري،إنها على العكس من ذلك دعوة إلى صيانة التراث الثقافي الموجودة في المجتمع والعمل على تنمية وتطويره وتوظيفه يتم ذلك من خلال مجموعة من الإجراءت منها:
· إتاحة الفرصة لتوظيف الثقافات الكائنة لخلق ثقافة أكثر فعالية
· توفير فرص متكافئة لكي تحيا وتتطور وتنمو وعلاوة على الرهانات الفكرية والاجتماعية والسياسية التي ترتبط بالتنوع الثقافي، حيث تمثل هذه العوامل مجتمعة رهانات اقتصادية في غاية الأهمية.وزيادة على ذلك تعتبر الثقافات واللغات المحلية إحدى الأدوات الفعالة للتعبئة الاجتماعية والسياسية من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية،التي ترتكز على توظيف الخصوصيات الثقافية واللغوية.ومن العوامل المساعدة على إشراك أكبر عدد ممكن من الطاقات في الجهود التنموية. و يتخذ المؤلف مثلا على ذلك والمثل يقع على المملكة المغربية في تنوعها اللغوي حيث اللغة الأمازيغية المتعددة اللهجات. و إذا نظرنا للثقافة من الزاوية الاقتصادية حسب رأي المؤلف واعتبرناها قطاعا اقتصاديا يعول عليه في إنتاج الثروة المادية والزيادة في الدخل القومي وخلق فرص الشغل... وجدنا أن بعض الصناعات الثقافية الوطنية كالكتاب والسينما، و الأغنية... لا تستطيع أن تواجه منافسة الصناعات الثقافية للبلدان المتقدمة إلا بواسطة منتج ثقافي أصيل،يعكس خصوصيتها الثقافية والحضارية.
4. خلاصة
الكتاب الذي بين أيدينا تحت عنوان الثقافة والتنمية البشرية(فكرة التنمية الثقافية)، هو قراءة جديدة لواقع فكر التنمية في المجتمعات المعاصرة هاته الموجة من الخطابات التي أثقلت كاهل العالم الثالث بخطاب التنمية/التعمية البشرية كانت دائما في تصورها نماذج التنموية ترتكز على عملية النقل لنموذج غربي وفرضه على هاته المجتمعات لاغية في نفس الآن الخصوصية الثقافية والاختلاف الثقافي لهاته المجتمعات وهو ما حوّل خطاب التنمية البشرية من خطاب للتحديث والتنمية إلى خطاب إيديولوجية يهدف في عمقه إلى سلعنة الذوات وتحويلها إلى أسواق تجارية تخدم دول المركز والهيمنة ورغم غياب هذا الطرح الذي لا يلغي السياسي في مقاربة إشكال التنمية عند الباحث حماني أقفلي إلا أننا نجده ثاويا خلف الإشكالات وخلف النمذجة المقارباتية التي يحاول من خلالها التدليل على أطروحته التي تنبني على التأكيد على عدم إمكانية نجاح أي نموذج تنموي دون استناده إلى خلفية ثقافية قوية موازية لذلك يمكن أن أعتبر بكل تواضع هذا الكتاب عبارة عن بيان نقدي يرفض فيه أو يحتج الباحث حماني أقفلي على خطاب التنمية البشرية في المغرب وفي العالم الثالث وكيف أصبح بشكل اختزالي وساذج أحيانا يتصور تقدم المجتمع فقط باستحداث المراكز الحضرية وإمداد المجتمع بالإنارة وفك العزلة بمد المجتمع باليات المواصلات والطرق الحديثة في حين أن ذات الخطاب قد يكون ضد أي فعل تنموي حقيقي لأنه قد يعمل فقط على إدماج ذات الساكنة في آلية الإنتاج حتى تصبح زبونا ومستهلكا جديدا يضاف إلى موارد شركات الكهرباء والمواصلات في حين أن التنمية البشرية الحقيقية هي التي تستهدف العمق الثقافي للجماعة أو المجتمع بشكل عام المراد تنميته والابتعاد ما أمكن على خطاب الأدلوجات الذي يوهمنا بالخصوصية فالخصوصية ليست جماد أو أقنوم يجب أن يعبد بل دينامية تحمل طابع التميز والتفرد تتشكل في تضاد وتقابل مع هوية أخرى كما يرى الباحث حماني أقفلي.
1حماني أقفلي ،الثقافة والتنمية البشرية(فكرة التنمية الثقافية)، الدار البيضاء : منشورات عالم التربية، 2006.
التعليقات (0)