الأماكن التي كانت تحتضِن دفء أجسادنا
السماءُ التي كانت تشهدُ على الحكاياتِ المعزوفة بأصواتٍ تخصُنا
كُلها ماتت و دُفنت في جوفِ الأرض ، نعم كُل شيءٍ يا صاحبي للفناء.
أنا لم أتغير عن عاداتي و لازلتُ أمارس الفضفضة للروح الساكنة في بؤرةِ جسدي
تلك الروح التي كانت تمسحُ الألم عن عيني بمنديلِ الحُب و تنفِضُ أغبرة الحُزن عن ملامحِ وجهي
تلك الأمان التي تضمُ أشلائي وقت الخوف ، تلك التي تحميني من جورِ الأقدارِ و لعنة الحُب.
أذكِرُ جيّداً اليوم الأول الذي أفصحتُ فيه عن مشاعِر الحُب التي كانت تلتحِفُ قلبي
حينما أخبرتُها إنني مُصابةٌ بمرضِ حُبك و مُتيمةٌ بالظلالِ الذي يتبعُك
كانت وجنتي حينها مُصطبغةٌ باللونِ الأحمر و أنا أنطِقُ لأولِ مرة أمام مخلوقٌ غيرك عن حُبي
لكن علامات بؤس ارتُسمت على شفتي لتُثير فضولها عما يُحزن في ذلك .
واصلتُ حديثي و أخبرتُها إنني لا التقي بك في السنةِ سوى أيامٌ قليلة تُعد على أصابع كفي
بحُكمِ سفرك الطويل لغرضِ مُمارسة هوايتك ، كانت تُطبطب على كتفِي و تلملم جراحاتي
تُخبرني أن لولا هذهِ المسافات لما زُرع الحُب و الاشتياق لأجلك في عين من تُحبين.
أجبرتني على التبسُم حينها و ليست هي المرة الأولى التي تجعلُني في قمةِ بؤسي أبتسم
فهي دائماً تبحث عن أدنى حيلة لتقتص من الألم الذي يجتثُ فوق صدري.
ها أنا أنظِرُ بعينِ الحنين إلى كُلِ ذكرياتي معك،يشتدُ أكثر حينما أنظِرُ للأشياء التي تخصُك
عطرك الفرنسي و طيرٌ لا يهدأ من تغريدِ اسمك و كومة أوراق اغمِسُ وجهي بين سطورها لأشم رائحة وجهك.
أرتب ملامح الفرح على ثغري ، ف يوم غد هو الثلاثاء يوم عودتك من سفرتك التي دامت أربعة أشهر طوال !
تُرى ماذا سيحدُث في الغد ؟ كيف سأستقبلُ كُل جسدك ، بالمُناسبة هل ازددت نُحلا ؟ فأنني طالما كنتُ أوبخك أن تعتني بصحتك أكثر ، هل سُمرتك المُحببة لدي تغيرت ، هل أصبحت أجمل ؟ و كيف ستستقبلُني أنت الآخر.
أسئلةٌ غزيرة أبحثُ عن إجاباتٍ لها ، الغد هو من سيتكفل بذلك .. سأنامُ إذاً حتى أصحو مُبكراً للدوامِ المدرسي و من ثُم أهيأ نفسي للقاءِ بكَ.
يومٌ آخر ، تشرق فيهِ الشمس و يشرق فيهِ وجهك ، حملتُ حقيبتي و سرتُ في طريقي إلى المبنى الذي يضج برائحة الكُتب و الأقلام.
كم كانت الساعات طويلة ، كنتُ أشكِلُ على طاولتي حرفُك و قلبٌ ينبض بالاشتياق إليك ، حتى مارستُ جميع الحصص في السُرحانِ بك إلى أن أعلن الجرس الانتهاء.
يا الله ! ما بالسماءِ تهطُل بغزارة ، ما الذي يُبكِي عينيها ، ربما لن تلتقي بمن تُحب هذا المساء من يدري ؟
لا عليّ من كُل ذلك فأنا يجب أن أتمايل فرحاً لأنني بعد ثوانِ سألتقي بكَ.
وصلتُ إلى منزلي و عينُ الحنين تُحدِقُ أكثر و أنا أُجهِزُ نفسي لاستقبالك و السيرُ للمكانِ المُحتضن جسدك،
لكن حقيبتي سقطت و عيني توقفت بعد أن سمعتَ ( لقد مات بحادثِ سير ، عظم الله أجركِ ) !
وحيدةٌ أنا ، ليس معي قلبٌ و لا نبض
وحيدةٌ أنا ، ليست معي ذِكرى أخرى معك
وحيدةٌ أنا ، و ليلي مُعتمٌ جداً بدونِ البَدر
أنا أحُبكَ يا نبضي و حُبك ذكرياتٌ و أوجاع ، أنا أحبك يا نبضي و حُبك محفوظٌ في القلبِ دون ضياع
أنا أحُبكَ يا نبضي و عيناي قد تورمت من فقدك ، أنا أحبك يا نبضي و أذن الرحمةِ أصبحت بكماء
أنا أحبك يا نبضي و حُبك فرضٌ و صلاة ، أنا أحبك يا نبضي و حُبك يا أسمَر الوجهِ عميقٌ و غزير
أنا أحبك يا نبضي .. أنا أحبك أيها البدر الساكِنُ في السماء.
رحل و من ذلك اليوم حتى الآن لازلتُ أبحثُ عن وطني.
23سبتمر 2010
التعليقات (0)