في مسيرة صراعنا مع العدو الصهيوني على مدار عقود ستة مضت كنا وما زلنا نجهل او ربما نتجاهل جوهر الصراع ، واخذتنا دروب ومسالك متشعبة ، شتت انتباهنا وجهدنا ،وجعلتنا كمن يدور في متاهة فراغية مغلقة ، فراح من من يتخذ الجهاد طريقا على خلفية اسلامية ، ومنا من اخذ طريقا ثوريا امميا ، ليسلك مسلك الثوار ويتخذ من حكاياتهم ونهجهم اسلوبا للعمل والتنظير ، بينما اتخ البعض الاخر الجانب الكفاحي النضالي على طريق غاندي الثورة البيضاء .وغيرها من الطرق ، وليس الاختلاف على الطريقة مشكلة بحد ذاته ، بقدر محور فهمنا وادراكنا لجوهر القضية والتي تمثل محور النزاع والصراع .
كانت فلسطين فلسطين كما نعرفها ويعرفها الاباء والاجداد ، فلسطين من النهر الى البحر ، بشواطئها وسهلها وارضها وبرها وبحرها وناسها وشجرها بكل ما فيها . ثم غدت فلسطين التاريخية ، وفلسطين عام 1967 وفلسطين عام 1948 ثم الضفة الغربية ثم قطاع غزة ، ثم الجليل والكرمل ...
نعم باتت فلسطين من النهر الى البحر ، شيء من الماضي البعيد، وبات من يتحدث في هذه القضية وكانه يهرف بما لا يعرف ، ويتدخل بما لا يعنيه ، ويطالب بما هو ليس له ، وحالم اكثر مما يجب ،ولا يقدر عواقب الامور اهوج .
وبات من يتحدث عن الوحدة الوطنية في ظل هذا الصراع المحموم وكانه يهمس في طاحون ، لا احد يسمعه او يعيره انتباها ، ومع استمرار النهج المتشكك ، المتشعب ، الذي لا يستوي على نمط وطني موحد ، موحد في الاتجاهات والافكار والرؤى والتطلعات والنهج الثوري والنضالي في المسيرة الثورية المطالبة بالحرية والاستقلال ، بات من يطالب بهذا خارجا على الاجماع الوطني .
ومن هنا كان من الحتمي ان تظهر اتجاهات شتى متشعبة مختلفة ، فظهرت الحركات الثورية المسلحة ذات الاتجاهات الفكرية الدينية وكان على رأسها حركة حماس ، وكأي حركة جديدة بنت قاعدة من القيم وبشرت بها ،وذهبت الى التنظيم السري كطريق للعمل الثوري بعد ان مكنت لنفسها عملية التسلح والتسليح . ولأن ساحة النظال في وطننا الحبيب متشككة مرتابة .. ولان التسلط والقمع وغياب القانون والسلطة التي تحمي وتصون ، وتجبر البعض من المستفيدين من هذا الوضع واستمراره .. كانت النتيجة الحتمية ان تجابه الحركة بكل اشكال المجابهة المتاحة عند الطرف المتضررة مصالحه الشخصية الضيقة بعيدا عن المصلحة الوطنية العليا التي ينظرون لها ويروجون اكاذيبهم حولها ...
تنوهت الطرق في التصدي من المجابهة الفكرية والاعلامية وحملات التشهير والدس والاغتيالات والقتل العمد وغير العمد والاعتقالات المشبوهه .. والتعاون مع العدو .. والتنسيق الامني ..وتضيق الخناق على الحركة في الخارج كما في الداخل ..والتضييق على المواطنين ليصب حقدهم على الحركة التي كانت هي السبب في هذه المعاناة .
وكانت النتيجة الحتمية ، المخطط لها المقصودة .. الصدام المسلح ..
ثم كان الانفصال كنتيجة حتمية متوقعة ، ومنذ البداية .. كنا ندرك ان انزلاق حركة حماس الى منزلق السياسة والانتخابات ما كان ليؤدي الا الى مثل هذه النتيجة الحتمية .
ولا يزال النقسام هو الانقسام ... ولا تزال المحاولات تصب في خانة المصالحة ..وهذا امر ( مستحسن ) ولكن من المستفيد من كل هذه المماطلة والتسويف .. من المستفيد من النزاع الوطني والحروب الاهلية والنزاعات الفكرية والاقليمية .. من المستفيد من تضييع الوقت في ما ل يفيد القضية والشعب .. من مهد الطريق لهذا .. من يعيق حركة المرور الثوري .. من يرسم سياسات الحركات النضالية التي باتت حركات ذات خمس نجوم .. تعقد مؤتمراتها في الماريوت والهوليدي ان والراديسون ساس .. في شرم الشيخ والقاهرة والدوحة وعمان والعقبة .. في باريس وواشنطتن .. تحت مظلة الرفاهية الفندقية الراقية .
لقد نسي الثوار اللون الكاكي .. ورائحة زيت الباندق .. ورلئحة البارود .. تماتما كما نسوا صوت الرصاص والعويل والصراخ .. تماما كما راحوا يتسابقون على المنابر الاعلامية في الشتم والردح والسب والقدح والتنظير الذي بات مكشوفا للجميع .
انتظر من ابنا وطننا الحبيب في فلسطين الحبيبة من النهر الى البحر ( الخروج الى الشارع ورفض الجميع والثورة عليهم لانهم .. فاشلون بكل المقاييس .. فماذا فعلوا طوال 60 عاما من النظال والدماء والالم..وملاذا فعلوا للقضية اكثر من ان زادوها تشرذما وتفككا ..وهم يسعون حفاة عراة حاسري الروؤس وراء العدو واذنابه ليمنحهم شرعية البقاء وشرعية الحياة على الارض وهم يدركون في قرارة انفسهم ان مآلهم الى مزبلة التاريخ ، فلا اسف عليهم ولا حسرة ولا ندامة ..
وانها لثورة نصر او اسشهاد ، وبغير هذا واهم وخائن من يقول ان التحرير يكون بغير ذلك .
التعليقات (0)