في مثل هذا اليوم ، 9 إبريل 2003 ، سقطت بغداد أو تحررت أو تم استعمارها، تتعدد الأوصاف والمعنى واحدُ ..!
لن أخوض في هذا الأمر، لأنه يشبه مسألة : البيضة مين باضها والدجاجة مين جابها! لكني سأتحدث عن أبرز ما ميز تلك الفترة : الإعلام العراقي متمثلاً في وزير إعلامها السابق : محمد حسن الصحّاف، الذي تفوق في شهرته ، على الرئيس السابق صدام حسين.
مصدر شهرته، انه أدار الحرب الإعلامية آنها، وكانت خطاباته/ دعاياته / الفاظه في غاية الإثارة، أشهرها على الإطلاق ( العلوج ) وهي الديدان التي تلتصق بالجسم وتقوم بمص الدماء، وهي نوع من الحيوانات النتنة ، والتي كان يصف بها الأمريكان ! لقد أنشأ الصحاف قاموساً إعلامياً لم يكن دارجا في تلك الفترة في الخطاب الرسمي العربي ، وذلك في أثناء هجومه " الإعلامي " على الأمريكان الذين وصفهم بـ الخونة ، شلة الإرهاب الدوليين ، المرتزقة ، الثلاثي المرح ، جحوش الإستعمار، والـطراطير ، وسيشوي الله بطونهم في جهنم ، ودرام زفت وحثالة الشر، والقنادر (الاحذية) حيث قال : "بريطانيا لا تسوى قندرة عتيقة" ، و "بوش ورامسفيلد يستحقان الضرب بالقنادر" !!
وعموما، سقطت بغداد، واختفى الصحّاف هارباً هو وعائلته إلى الإمارات. وفي أول يوم اختفاءه قام الأمريكي " كون نوجنت " بفتح موقع على الأنترنيت بعنوان ( نحن نحب وزير الاعلام العراقي .كوم ) وقد خصص الموقع لبعض أقوال وتصريحات الوزير الصحّاف كنكات يضحك منها وعليها رواد الموقع . سرعان ما حظي الموقع بسمعة دولية كبيرة إذ أصبح يزور الموقع أربعة آلاف زائر في الثانية الواحدة . وقد اعتبر الزوار أن تصريحات الصحاف أقوى من جميع النكات التي سمعوها منذ بداية عام 2003 !!
جرى ذلك قبل 8 سنوات من الآن، وفي ظل الأحداث/ الثورات التي يشهدها الشرق الأوسط منذ بداية هذا العام، لم يخطر ببال الصحّاف أنه قد أنشأ مدرسة أعلامية رسمية صحّافية! ، حيث أصبح إعلام المنطقة صحّافياً بامتياز! بادئ ذي بدء، كان مع الرئيس التونسي وخطابه الرسمي : حين ردد وبكل سذاجة : فهتكم .. أي نعم أنا فهمتكم، في الوقت الذي أحترقت فيه تونس! ، ومن ثم للتلفزيون المصري الذي كان يشتم متظاهري ميدان التحرير ليل نهار، ويقول بأن القاهرة بألف خير!
أما الرئيس الليبي معمر القذافي ، فقط اطلق لنفسه وخياله العنان، وكان بالفعل نسخة الصحّاف 2011 ! الفرق بأن الصحّاف كان يشتم جيشاً أجنبياً ، بينما القذافي كان يشتم شعبه! فتارة هم الجرذان ، وتارة أخرى " القمل في لحاهم " ناصحاً إياهم : "لا تستمعوا الى قنوات الكلاب القنوات الضالة" !أما رئيس التلفزيون الليبي علي الكيلاني ، فلم يقل طرافة عن رئيسه، إذ وبينما كانت الحرب الطاحنة تدور في ليبيا، بين الثوار والقوات الدولية وقوات النظام الليبي، صرح لجريدة الشرق الأوسط بداية هذا الشهر: " الشعب الليبي والله العظيم فعلنا له كل خير! ونحن بخير ومرتاحون والمدارس والجامعات مفتوحة، والله معنا والله فوق كل شيء. الله فوق الطائرات، وفوق أمريكا وفوق بريطانيا وفوق فرنسا! وعندما سألوه من الحاكم الفعلي على الأرض؟ أجاب : الحاكم الفعلي هو ملكة بريطانيا، فهي الحاكمة في العالم وليس في بريطانيا فقط، القذافي على الأقل هو حاكم في ليبيا وليس العالم!
في سوريا، اختار الرئيس بشار الأسد، البرلمان محلاً لخطابه ، وبين جملة وجملة ، يقف أحد الاعضاء يبجل في الرئيس ، حتى قال أحدهم : " انت مش بس تحكم سوريا، انت مفروض تحكم العالم" !. في اليمن ، خرج الرئيس اليمني بتصريحات متضاربة ومختلفة تعاكس بعضها البعض في كل يوم.
وأخيراً، وفيما يتعلق بالشأن البحريني الخاص، كان التلفزيون الرسمي يعرض الأحداث البحرينية في جهة ، مقابل عشرات القنوات الإيرانية والعراقية التي كانت تعرض في جهة مختلفة تماماً. و كانت جميع الصحف الرسمية في البحرين ذات لغة واحدة ، والصحيفة المعارضة الوحيدة، لها لغة أخرى. في ظل تجاهل القنوات الخليجية البارزة : كالجزيرة والعربية. حقيقة وفيما يتعلق بوطني ، لم أتابع أي وسيلة أعلامية أبداً أبداً، لأن الجميع كان يغني على " بحريناه " ، وأنا لا طاقة لي على الغناء ولي بحرينيَ الخاصة كما أعرفها وأحبها . واكتفيت طوال الوقت بسماع الاغاني، والاغاني الهابطة فقط، لأن الوضع هابط.
8 سنوات مضت ، من سقوط بغداد ، وكان الصحّاف واحداً، والآن انتشر الصحّافيون في الأرض بنسخ ولغات وأماكن مختلفة! ويظل الخيار للمشاهد / المتابع العربي ، بتصنيف الصحّافيين أو وضع قائمة الـ Top Ten لأكثرهم إثارةً وفكاهة!
التعليقات (0)