لقد حاول الطغاة من أمثال صدام وحسني مبارك ورئيس تونس وشاه إيران وغيرهم من النماذج القذرة أن يحصلوا بشتى الأساليب على العزة والجاه في هذه الدنيا، فشيّدوا القصور وجمعوا الأموال الطائلة وخضعوا للقوى العظمى في العالم وتوسّلوا بهم من أجل أن يعوّضوا عن حقارة ذاتهم ويعيشوا أعزاء مرفوعي الرأس في هذه الدنيا.
بيد أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل طريق الوصول إلى السعادة الدنيوية والعزة المادّية الدنيوية في الخضوع للشياطين وأئمة الكفر، بل جعله في طاعته. إذ أن الله سبحانه لم يهتم بسعادة الإنسان في الآخرة وحسب، بل أراد له السعادة الدنيوية والأخروية معا، والبرنامج الإلهي المتمثل بدين الإسلام برنامج لنيل سعادة الدارين والعز في الدارين، لا أن يضحّي الإنسان بسعادته في الدنيا لينال سعادة الآخرة.
وهذا التاريخ أمامنا يشهد بذل هؤلاء الطغاة وهوانهم في هذه الدنيا فضلا عن الآخرة. لقد استخدم هؤلاء الطغاة وسائل الإعلام لنشر الأكاذيب في مدحهم وتملقهم ليصبحوا محبوبين ويخلدوا في التاريخ كقادة أبطال، لكن لم تنتج محاولاتهم إلا الخزي والذلّ والهوان.
لقد حكم هؤلاء الطغاة عقودا من الزمن، لكن بدل أن يكسبوا قلوب الناس في فترة رئاستهم وسلطتهم، أصبح يوم رحيلهم وفرارهم وتنحيهم عن السلطة وهلاكهم يوم عيد لدى شعبهم والشعوب الأخرى، وفي نفس الوقت تبرأ منهم حتى رؤساؤهم الذين خدموهم عشرات السنين. فأظهر الله غاية ذلهم وهوانهم في آخر أيام حياتهم وهم مشرّدون وحيدون منبوذون… "ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظيم" [المائدة: 33]
وفي المقابل رأينا حكم الإمام الخميني (ره) أيضا، إذ حكم هذا الرجل العظيم عشر سنين مباركة، لم يخطو خطوة لإرضاء الغرب أو الشرق، ولم يداهن القوى المستكبرة طرفة عين ولم يأخذ تكليفه إلا من الله سبحانه. فعاش عزيزا ورحل من بين أمته في غاية العز والكرامة. إذا لا تأتي العزة بإظهار الولاء للقوى المستكبرة، بل تأتي بطاعة الله والولاية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذه سنة لا يفقهها المنافقون وضعاف النفوس والذين في قلوبهم مرض. "وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنينَ وَ لكِنَّ الْمُنافِقينَ لا يَعْلَمُون" [المنافقون: 8] فتجدهم يخضعون للغرب ولأمريكا ويبتعدون عن عدائهم والتصريح ضدهم ليبقوا في مناصبهم ويحافظوا على كرامتهم جاهلين كل الحقائق والقوانين التي تحكم العالم والتي كشفها الله في هذا الكتاب العظيم حيث قال: "الَّذينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَميعا" [النساء: 139]
انظر إلى عاقبة الطغاة الذين أرادوا الجاه والكرامة والعزة من الغرب، وإلى ما انتهوا إليه من ذلّ وهوان ودنائة. وانظر إلى عاقبة الإمام الخميني العظيم الذي عرف طريق العزة والكرامة وسلكه بالجهاد والمقاومة والكفر بطواغيت العالم والإيمان بالله وطاعته. لقد ارتحل إمامنا العظيم إلى جوار ربه وشاهد العالم مراسم تشييعه الفريد، حيث شيعه عشرة مليون مشيّع وكلهم يبكون وينعون إمامهم. لقد أصبح قبره اليوم حرما يأتيه الزوّار من مختلف بقاع العالم ويحتشد الملايين من الناس إليه سنويا في ذكرى رحيله ليجددوا العهد مع إمامهم العظيم ويعلنوا للعالم أنهم سائرون على نهجه.
التعليقات (0)