المغرب:
80 ألف موظف "شبح" يتقاضون أجورا من الدولة دون العمل في مؤسساتها
الرباط - خدمة قدس برس
تعاني الإدارة المغربية من موظفين أشباحا، يستلمون رواتب مستمرة، دون
أن تكون لهم أي صلة بالإدارات الحكومية. ولمواجهة هذه الظاهرة عقد
الوزير الأول المغربي إدريس جطو اجتماعا وزاريا خصصه للبحث عن وسيلة
لإخراج الأشباح من الإدارات المغربية. ويتعلق الأمر بحوالي 80 ألف
"موظف"، حسب الإحصائيات الرسمية، يتقاضون رواتبهم، وفي بعض الأحيان
يتقاضون مكافآت مالية، إضافة إلى رواتبهم، رغم أنهم لا يلتحقون بمقرات
عملهم، وبعضهم لا يعرف مقر الإدارة، التي يفترض أنه يعمل بها، مما يسبب
نزيفا حادا للخزينة المالية المغربية، التي تشكو من ثقل كتلة أجور
الموظفين.
وجاء في بلاغ صادر عن الوزارة الأولى أن جطو أكد، خلال الاجتماع
الوزاري، "أن الحكومة عازمة على التصدي بقوة وحزم لهذه الظاهرة، التي
تخل بمبادئ حسن التدبير، وتؤدي إلى هدر الموارد المالية للدولة، وتمس
بسمعة الإدارة". وشدد على أن كل الأجهزة الإدارية المكلفة بالتدبير
والمراقبة وبأداء الأجور ستتخذ كافة الإجراءات والتدابير الكفيلة
باستئصال هذه الظاهرة.
وفي هذا الصدد، يضيف البلاغ، قررت الحكومة اتخاذ مجموعة من الإجراءات
تتمثل في ضبط دقيق لهؤلاء الموظفين والأعوان ورصدهم، والأمر بإيقاف
رواتبهم الشهرية، وتطبيق المقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها
العمل في هذا المجال، ولا سيما تلك المتعلقة بترك الوظيفة، واستدعاء
المجالس التأديبية للاجتماع عند الاقتضاء، قصد النظر في هذه الحالات.
وأشار البلاغ إلى أنه سيتم بناء على ذلك إنزال عقوبة العزل على كل من
ثبت أنه متخل عن عمله، أو تارك لوظيفته، بدون موجب قانوني. كما أكد
رئيس الحكومة أن "مختلف الأجهزة الإدارية المعنية ستعمل على تتبع هذه
العملية عن كثب، وعلى الاستمرار في ضبط مثل هذه الحالات وزجرها".
وفتح ملف ما أصبح يعرف في المغرب بـ"الموظفين الأشباح" منذ عشر سنوات
من قبل الصحافة المحلية، ومن قبل بعض الأحزاب. ومع وصول حكومة
الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي عام 1998 إلى الحكم، صار مصطلح "الموظفون
الأشباح" معروفا حتى لدى رجل الشارع البسيط، بسبب كثرة تداوله، وتعهد
حكومة التناوب، التي قادها اليوسفي، بطرد عشرات الآلاف من الأشباح،
الذين استوطنوا في مرافقها العمومية، بسبب استشراء الفسا.
لكن كل المحاولات باءت بالفشل، وكل التعاويذ التي سمعها الرأي العام
المحلي لم تفلح مع الأشباح، الذين يستقر أغلبهم داخل وزارة التربية
الوطنية، حيث قدرت الإحصائيات وجود حوالي 20 ألف موظف شبح داخل
الوزارة.
ويعزي المراقبون عجز الحكومات المتوالية عن وضع حد لهذه الظاهرة
الغربية، إلى كون أغلب هؤلاء "الأشباح" يكونون "مسنودين" من قبل جهات
نافدة، إذ إن أقارب بعض المديرين السابقين أو المسؤولين كانوا يحصلون
على رواتب من الإدارة المغربية، رغم تواجدهم في بعض الأحيان خارج
التراب المغربي، على اعتبار أنهم موظفون في سلك الوظيفة العمومية.
كما أثارت الصحف خلال حكومة اليوسفي وجود عدد من الخادمات اللواتي كن
مسجلات على أنهن موظفات لدى الدولة، في حين أنهن يعملن في بيوت بعض
المتورطين في قضايا الفساد، التي فتح العديد منها في السنوات القليلة
الماضية. ونفس القاعدة تنطبق على العديد من الفراشين والسعاة، الذين
يتقاضون رواتب من الدولة، ويعملون داخل بيوت بعض المسؤولين.
ولا يقتصر الأمر على المراتب الوظيفية الدنيا، بل شمل انتشارهم كل
المراتب الإدارية، التي يتوزع عليها "الأشباح"، الذين يطالبهم اليوم
الوزير الأول المغربي بالمغادرة الطوعية، أو انتظار تعقبهم وقطع
رواتبهم، أو الالتحاق بمقرات عملهم.
ومن الحلول التي تقترحها الحكومة المغربية على 80 ألف موظف شبح أن
يقدموا طلب المغادرة الطوعية من الوظيفة العمومية، مقابل حصولهم على
تعويضات مالية عن "سنوات الخدمة"، التي يفترض أنهم قضوها داخل الإدارة،
مما يؤكد عجز الحكومة عن اتخاذ إجراءات صارمة تصل حد المتابعة القضائية
في حق هذه الفئة من "الأشباح".
كما أنها تسعى للخروج بأقل ضرر، عبر تخفيف كاهل الإدارة العمومية من
كتلة أجور لا تستفيد منها في شيء، وطرد "الأشباح"خارجها، وفي نفس الوقت
تأمين عدم إثارة أية عواصف قد تحركها المتابعات القضائية، خصوصا أن
المتورطين أو الوسطاء غالبا ما يكونون في مناصب حساسة.
التعليقات (0)