8 مارس!!!
لست عبثا هنا أحاول الكتابة، لكنها قريحتي الرافضة للوضع والمتمردة على الشعارات التي انتهت صلاحيتها منذ عقود عديدة. فها هو ذا الثامن من مارس مر من هنا مستغربا، فكانت الندوات والأمسيات و.....والوضع لا زال على ما هو عليه. فبعيدا عن التزمير الإعلامي والتسويق المخزني ، فإن المرأة المغربية – المنتمية للطبقة الغير محظوظة في دولة الحظ ولحس الأحذية- تواصل دفع ضريبة لعنة التفقير والتهميش التي ولدت معها منذ أول يوم صرخت معلنة انتماءها لهذا الوطن الموؤود في جيب جشع السلطة. فكم من النساء أرهقهن التحدي لهذا الدجال الأعور –الفقر- الذي يضرب بيوت المغاربة ويضع المرأة في وضع يجعل من أنوثتها لحما طريا للفرم، ومن كرامتها لحما مرغوبا فيه للجزر فوق طاولة اللئام، مرضى النفوس الشاذة. فخلف أضواء المدن الكبرى ترقد الكثير من المعاناة والألم. أجور هزيلة، عمل طيلة النهار مع الإهانات والشتم في معامل لا تؤمن إلا بارتفاع الإنتاجية ومضاعفة الأرباح. وأخريات في قرى معزولة، محرومات من حقهن في الاستفادة من كل هذه الانجازات التي حققتها البشرية. فلا كهرباء ولا ماء ولا غطاء كاف لمواجهة البرد وضحاياه من مرضى وموتى. إنهم شهداء المغرب الحديث، مغرب يدلل نساءه وأطفاله على الآخر!! ومنهن من يحالفها الحظ لتدخل عالم المدينة كخادمة في البيوت، لترى وتسمع ما لم يخطر ببالها يوما، ولتكون عرضة لكل أنواع التعذيب وتعيش ضحية لثقافة الاستعباد التي تربينا عليها في دولة السلالم. فإن كان سلمك 6 وخادمك لا سلم له فعليك أن تقهر خادمك وتمارس سلطويتك كما ينبغي وإلا فلن تكون قد استوعبت دروس التربية المواطنة وستكون جهود وزارة التعليم قد ذهبت أدراج الرياح. ونساء كان قدرهن أن يرتبطن بوحوش آدميين لا يعرفون غير الشتم والألفاظ النابية وممارسة العنف عليهن بشكل يومي، أزواج لا أخلاق لهم ، وآخرون لم تسعفهم ذكورتهم على توجيه اللوم تجاه أسيادهم. ومن كل أنحاء المغرب تحج النساء أفواجا إلى مليلية ، يسرعن من المدن نحو بوابة الخلاص!! يختلفن في الأعمار وفي الأشكال ويوحدهن البؤس الاجتماعي والانتماء إلى نساء التهميش والمعاناة الداكنة. يتحملن الذل والإهانة ويتحملن ثقل السلع المهربة، وثقل الجراح التي يهدأ أنينها. ولعل المرأة الريفية تدرك ربما أكثر من غيرها قسوة دولتها الحداثية، فهي ذاقت مرارة التهميش لعقود وذاقت في زلزال الحسيمة ما يعجز الحديد عن تحمله، تجرعت الصدمة والألم، عاشت الهلع والتشرد والوحدة وأصيبت بالذهول حيال تلك الوحشية واللإنسانية التي أبداها بعض المسئولين والذين سرقوا ما جاد به تضامن المخلصين للإنسانية. ونساء ونساء و...نساء أخريات قبلن أن يكن الخضرة السابعة فوق الكسكس البرلماني ليبدو أكثر لذة في أعين الخارج. اخترن أن يكن مجرد ديكور لتزيين الواجهة الديمقراطية و أبين بجلابيبهن البيضاء إلا أن يكرسن بجانب أحزابهن قرونا أخرى من التبعية والتهريج . وهاقد مر الثامن من مارس الحالي ونحن لا زلنا على ما نحن عليه. نتجاهل معاناة الملايين من النساء ونكرم خمسة محظوظات لكل سنة بخميسة ذهبية وسهرة من رقص وغناء وتفاهات...فيا نساء المغرب صبرا وصبرا ، وعذرا فلن أعدكن بمستقبل أفضل في هذه الدولة القاسية ولكن واصلن الكفاح من أجل الحياة ، من اجل زراعة الأمل، فلربما تحلوا الحياة يوما فوق هذه الأرض الطيبة.
التعليقات (0)