کلما تمرّ بنا الأيام نقترب من ظهور إمامنا المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف). إن هذه الأيام هي أيام آخر الزمان وكأن أحداثها مراسم استقبال لظهور المهدي. منذ أن هبط آدم إلى الأرض كان دور الأنبياء الوحيد هو التمهيد لظهور المصلح الأخير، أما كلما يقترب حين الظهور، يضطرب قلب العالم وتشتدّ توالى الأحداث الممهدة بسرعة.
إن الاستعداد لظهور الفرج ليس بالأمر الهيّن، والدليل على ذلك هو أنه قد مرّ على زمن الغيبة أكثر من ألف سنة ولم تستعد الأمة الإسلامية للظهور، ولم يرضى الله بكشف الستار عن وجه المهدي، وما زلنا نعيش زمن الغيبة.
لكن بدأت تختلف أحداث العالم في العشرات الأخيرة وأخذت منحى آخر في تأثيرها على حركة التاريخ، حيث انتهت أغلبها وما تنطوي على أحداث حلوة ومرة لصالح الإسلام وكلها كانت توطئ لظهور الفرج. وفي مقدمة هذه الأحداث هو انتصار الثورة الإسلامية في إيران التي ما زالت تهزّ وتزعزع أركان الأنظمة الاستكبارية.
وكأن الله رأى أن مادام الناس لم يذوقوا طعم نظام إسلامي صغير، لن يعشقوا النظام المهدوي العالمي ولن ينتظروه بكل وجودهم… فانتصرت الثورة. وكان يعلم الله أن مادام الناس لم يتعاملوا مع وليّ إلهي ظاهر، لن يفهموا معنى الولاية. إن طريق الولاية بعد الظهور طريق صعب مستصعب لا يثبت عليه إلا المتمرّن قبل الظهور، فلا بد من وجود ساحة تمرين للتدريب على الولاية… ولهذا ارتدى إمامنا الحبيب رداء الولاية وطرح أسلوبا جديدا في الحكم وإدارة البلاد، وما أحلى هذا الرداء على خلفه الصالح الإمام الخامنئي.
إن المهدي المنتظر سوف لا يقوم بالورد والحلوى، بل إنه يقوم بالسيف. إذ ليس عدد المفسدين والمحاربين والمنافقين قليلا في العالم ولا مناص من قتل الجميع. ولا شك في أنه لا يمكن أن يدخل أحد في زمرة أنصار الإمام الحجة بدون ثقافة الجهاد والشهادة. فلا بد لهذه الأمة من تمرين الجهاد والشهادة قبل الظهور. وهكذا انفتحت دورات التمرين على أوسع أبوابها في إيران ولبنان وفلسطين ومناطق أخرى ليسجل المجاهدون مواقف مشرقة في الحرب السنوات الثماني وحرب الوعد الصادق وحرب غزة والحروب الأخرى. فكل هذه الحروب كانت دورات تمهيدية لترقى بالأمة الإسلامية إلى مستوى تحمل أعباء ما بعد الظهور.
يجب على الأمة أن تعرف النفاق والمنافقين قبل الظهور. لا ينبغي بعد مرور مئات السنين أن تنخدع الأمة بالشعارات الجذابة والوجوه اللامعة والكلمات الحلوة. سوف يتصدى الإمام لمواجهة المنافقين وقتلهم فإن لم تعرف الأمة ماهية النفاق والمنافقين، تعجز عن مواكبة حركة الإمام وتتخلى عنه كما فعل أهل الكوفة بأمير المؤمنين (ع). بهذه النظرة يتضح دور فتنة عام 88ش في توعية الأمة وتبيين حقيقة المنافقين ومدى خطرهم.
الشعب الجبان غير لائق لنصرة إمام الزمان. يجب أن تصل الأمة إلى شجاعة وأبهة تغنيها عن شنّ الكثير من الحروب بعد الظهور، بل يجب أن تهزم الكفار وتطيح بعروش الفراعنة بالرعب من دون حاجة إلى شن الحروب. إن الشعب الإيراني قد سبق الآخرين في كسب هذه الشجاعة ونشاهد اليوم أن العرب أيضا قد تحرروا من قيود الخوف والرعب من الطواغيت وباتوا يحاربون الفراعنة بكل شجاعة. هناك رواية تبدأ بذكر مجموعة من علائم الظهور ثم تقول: "…وَ خَلَعَتِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا" الکافي8: 224 ونحن الیوم نشاهد هذه المرحلة من سلسلة الدورات التمهيدية للظهور.
التعليقات (0)