كما يختلف ثمن الصلوات والعبادات من فرد إلى فرد، كذلك ليست كل انتفاضات الشعوب سواء في القيمة والثمن.
لا شك في أن الشعب إذا أراد شيئا وسعى له سعيه وجاهد دونه بالشكل الصحيح، سوف يناله أيا ما كان. هذه قاعدة أثبتها التاريخ والواقع، ولها جذور في السنن الإلهية التي تتحكم في حركة التاريخ. حيث قال الله سبحانه: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" [الرعد: 11]
لكن المهم هو الهدف الذي يجاهد الشعب دونه والقيم التي ينطلق من وحيها. فإذا جعل الشعب الخبز هدفا له وانتفض من أجله وأراد إسقاط النظام ليحصل على خبز أوفر وعيش أرغد، سوف لا تثمن انتفاضته بأثمن من الخبز. وقد تخمد نار الانتفاضة بوعود خبزية أجنبية فيطرب لها الشعب ويخدر وينشغل بخبزته عن حقيقة الظلم والطغيان الذي يمارسه فرعون بلده والخطط التي أعدّها العدوّ الأجنبي له.
أما إن أصبح الهدف هو الإسلام وانطلق الشعب من مفاهيم إسلامية قرآنية كالجهاد والكفر بالطاغوت وقتال أئمة الكفر، سوف يكون للثورة ثمن وأثر آخر يختلف عن باقي النهضات والثورات.
وهذا ما يجب أن يعيه الشعب المصري والتونسي وجميع شعوب المنطقة، وهو أنه لا يمكن أن تحصل الشعوب على السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة إلا بكفرهم بالطاغوت وخضوعهم لحاكمية الله والإسلام. ولا يمكن رفض حاكمية الطاغوت ورفض سلطة الأجانب على البلاد إلا برفع راية الإسلام وإقامة حكومة الله.
وقد وعى هذه الحقيقة الإسرائيليون جيدا حيث لم يخافوا من زيادة الرواتب وترخيص الأسعار ورفع المستوى المعيشي للناس في مصر أو تونس، بل خافوا وصرحوا بأننا نخاف من تكرار ما جرى في إيران قبل ثلاثين سنة.
وما جرى في إيران ليس إلا انتفاضة شعبية يقودها عالم رباني وانطلقت من مبادئ إسلامية فلم تهدأ إلا بعد إسقاط الطاغوت وإقامة حكومة الإسلام.
التعليقات (0)