مواضيع اليوم

15 يناير ذكرى ميلاد جمال عبد الناصر

علي جبار عطية

2010-01-14 14:03:52

0

يحتفل كل الأحرار والشرفاء فى العالم بالذكرى الثانية والتسعين لميلاد الزعيم العربى جمال عبد الناصر .
بمقاييس الزمن عاش عبد الناصر حياة قصيرة فقد رحل عن 52 عاما و 8 أشهر و 13 يوما ، ظهر فيها على مسرح التاريخ لمدة 18 عاما مثلت فصلا إستثنائيا فى التاريخ العربى كله .
رحل عبد الناصر ولم تكتمل رسالته وبعد وفاته انقضت قوى الإستعمار العالمى متحالفة مع ذيولها من قوى الثورة المضادة والرجعية العربية على وطننا العربى لبتر تجربته والقضاء على نتائجها و تشويه ذكرى البطل الخالد
الذى تركنا و نحن فى أشد الحاجة إلى صموده وصلابته وبعد نظره فى مواجهة قوى الهيمنة العالمية التى لا ترى الوطن العربى إلا كمصدر للبترول وسوق لتصدير منتجاتها .
رفض عبد الناصر أن يكون وكيلا للمصالح الامبريالية الامريكية و لم يبادر أمريكا بعداء بل كان كل حلمه أن يضمن استقلال وتنمية الوطن العربى من أجل مصالح الشعوب العربية وليس لصالح الاستراتيجية الأمريكية العالمية ،
ونبعت خطورة مشروع وتجربة عبد الناصر من وجوده فى مصر أكبر و أهم قطر عربى يستطيع التأثير فى مصير الوطن العربى والعالم الثالث والعالم كله لذا شنت القوى الإستعمارية حروب ضارية ضد عبد الناصر و مشروعه وأفكاره فى حياته وبعد وفاته وحتى الآن .
كان وجود عبد الناصر يمثل رادعا لكل الخونة والعملاء واللصوص والفاسدين .
وبعد رحيله أصبحت الخيانة حكمة والاستسلام للأعداء بعد نظر وواقعية ، والنهب والسرقة وبيع ممتلكات البلاد و تبديد ثرواتها موائمة لروح العصر وإستثمار لا يدركه الناصريون و الوطنيون .
وتعمقت القطرية البغيضة فى الوطن العربى وسادت الخلافات البيزنطية بين أبناء الدم الواحد و الدين الواحد و اللغة الواحدة والتاريخ المشترك .
أثبت عبد الناصر أهمية دور الفرد فى التاريخ كما لم يثبته فردا قبله .
فبعد وفاته أكتسبت الأمة العربية مصادر قوة جديدة أهمها الارتفاع الخرافى فى سعر البترول عقب حرب 1973 ، ولكنها فقدت فرد واحد هو ( عبد الناصر ) فتغيرت صورتها على هذا النحو المأساوى الذى نعيشه الأن .
ظل عبد الناصر حتى رحيله طموحا وحالما لم يتوقف عن الحلم حتى لحظة وفاته ، فبعد تحقيقه لاستقلال مصر بعد 74 عاما من الإحتلال البريطانى وبعد قيادته مصر للنصر المدوى فى حرب السويس والذى تحول لنموذج لكل الشعوب والأمم المقهورة وكرس له مكانا بين عظماء الساسة فى العالم وضمن له مجد تاريخى لا يطاوله مجد لم يركن للراحة ، بل دخل فى معارك التنمية والتصنيع واسترداد الاقتصاد المصرى من الاجانب واليهود والطبقة

 

المصرية العميلة للإستعمار
وبدأ معركة بناء السد العالى وفى نفس الوقت كان يساند كل ثورات التحرير فى العالم العربى وفى أفريقيا و أسيا و على امتداد العالم الثالث .
وفى عام 1958 يحقق أول تجربة وحدة اندماجية فى التاريخ العربى الحديث ويتصدى بصلابة للاستعمار الامريكى الجديد الطامع فى المنطقة .
وفى عهده تحقق مصر معدلات نمو اقتصادية غير مسبوقة ، وغير ملحوقة حتى الأن وبدون ديون .
وتبنى السد العالى أعظم مشروع هندسى و تنموى فى القرن العشرين
وتبنى أكبر قاعدة صناعية فى العالم الثالث إنجازات مهولة كانت تبدو مستحيلة قبل عبد الناصر
وأصبحت حلما بعيد المنال بعد وفاته المفاجئة .
تمتع عبد الناصر فى حياته وبعد وفاته بشعبية جارفة على امتداد الوطن العربى والعالم الثالث لم تحدث قبله ، ولا بعده لزعيم أخر.
أحب العرب فيه روح التحدى والصمود والقدرة على المواجهة ورد الظلم والقهر الذى عانوا منه مئات السنين ، أحبوا فيه قدرته على التعبير عن مصالحهم وحقوقهم السليبة منذ قرون من الغياب التاريخى عن الأحداث .
مع عبد الناصر دخل العرب التاريخ و بوفاته والإنقضاض على تجربته بدأ خروجهم من التاريخ والذى يكاد الآن يصبح نوعا من الانتحار التاريخى وليس مجرد خروج مؤقت .
عاش عبد الناصر زاهدا فى متع الحياة كان البيت الذى يسكن فيه بيت مدير مدرسة الأشغال العسكرية قبل ثورة يوليو 1952 .
وكانت كل قطع الأثاث والأجهزة فى البيت عهدة لمدرسة الأشغال العسكرية وكان يفخر أن ملابسه وملابس أسرته صناعة مصرية.
لم يمتلك عبد الناصر شيئا ولم يكن يريد شيئا سوى مصالح الأمة العربية ولم يورث أبناؤه أموال كغيره من الحكام فى العالم الثالث . وإن كان قد ترك لهم حب الملايين له ولنضاله ولمشروعه .
ظل عبد الناصر حتى أخر يوم فى حياته مخلصا لطبقته وللفقراء الذين ثار من أجلهم وعاش ومات مدافعا عنهم يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل أن هناك خمس مقولات أساسية فى الناصرية صالحة لكل زمان هى :
1 – أمة عربية واحدة ينبغى أن تتوحد
2 – استقلال سياسى كامل لهذه الأمة
3 – استقلال اقتصادى كامل لهذه الأمة
4 – توازن اجتماعى بين طبقات الأمة
5- مشاركة حرة فعالة من الأمة العربية فى قضايا العالم
هذه المقولات التى حاول عبد الناصر تحقيقها والتعبير عنها لن تموت لأنها السبيل لخلاص الأمة العربية مما تعانيه من تبعية وهزيمة حضارية الأن .
جاء عبد الناصر تعبيرا عن حاجة الأمة إلى بطل حاول ، نجح ، و أخفق ، أصاب ، وأخطأ
لكنه فى محاولاته كان وطنيا مخلصا لقضايا أمته أستطاع عبد الناصر أن يضع مصر فى قلب العالم العربى و أن يضع العالم العربى فى قلب العالم .
لم يسعى خلف مصالح شخصية ضيقة بل عاش ومات شهيدا فى سبيل حرية و تقدم العرب .
وبعد وفاته ورغم الحملات المضادة عليه ومحاولات تشويهه التى لا تنتهى مازال حيا فى قلوب الأحرار كرمز للنضال والتحرر والوحدة .
عبد الناصر هو الزعيم العربى الوحيد الذى مازالت صوره ترفع فى كل مظاهرات الغضب العربى من المحيط إلى الخليج .
هو الزعيم العربى الوحيد الذى يوجد له محبين فى كل الأقطار العربية و الأفريقية والأسيوية.
بل مازال مشروعه قادرا على الإلهام ووصل أثر أفكاره إلى أمريكا الجنوبية ، فالرئيس الفنزويلى هوجو تشافيز صرح مرارا أنه ناصرى ويطالب العرب دائما بإستلهام تجربة عبد الناصر .
والزعيم الأسطورى نيلسون مانديلا يفتخر بأنه من تلاميذ عبد الناصر وعندما زار مصر سنة 1995 قال أنه يريد رؤية ثلاثة أماكن فى مصر
الأهرامات ، نهر النيل ،و ضريح عبد الناصر
وقال لقد كان لدى موعد مع الرئيس عبد الناصر ، ولكنه تأخر ربع قرن .
وعندما كانت مصر تتنافس مع جنوب أفريقيا على شرف إستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2010 .
وفازت جنوب أفريقيا بغالبية الأصوات وحصلت مصر على الصفر الشهير .
صرح مانديلا الذى كان حاضرا فعاليات التصويت فى المؤتمر الصحفى العالمى عقب فوز بلاده :
( لو كان جمال عبد الناصر على قيد الحياة ودخلت مصر المنافسة أمام جنوب أفريقيا على شرف إستضافة كأس العالم لكرة القدم 2010 لأنسحبت جنوب أفريقيا على الفور من الوقوف أمام مصر
ولكن الظروف تغيرت الأن ومصر لم تعد مصر عبد الناصر . )
رحل عبد الناصر تاركا لمصر أرصدة ثمينة فى أفريقيا ، و أسيا ، وأمريكا الجنوبية ، تم تبديدها بغباء منقطع النظير ، وبطريقة مشبوهة منذ عام 1974 فى سبيل تبعية للولايات المتحدة الأمريكية تبدو حتى الآن غير مفهومة ولم تجر علينا إلا الكوارث .
توفى عبد الناصر شابا ولم تكتمل تجربته لسوء حظنا وليس سوء حظه فهو بما قدمه لأمته ضمن مكانه الخالد فى التاريخ البشرى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
فكل مصيبة من مصائب الحياة يقل تأثيرها مع مرور الأيام إلا مصيبتنا كعرب بفقدان جمال عبد الناصر
وعلى الرغم من مرور كل هذه الأعوام على رحيل جمال عبد الناصر فى 28 سبتمبر 1970 الا إنه يبدو وكأنه غادرنا بالأمس .
فصورته تحضر إلى العقل الجمعى العربى كلما واجهت الأمة العربية مشكلة.
يبدو عبد الناصر الرمز عصيا على الموت والغياب
ونحن نحتفل بذكرى ميلاده العطرة نقول له ( كل عام وأنت بخير أيها القائد و المعلم و الرمز )، ونتمنى آلا تتحول الذكرى إلى موسم للبكاء عليه وعلى أمجاده فقط
نعم يستحق عبد الناصر منا الدموع وينطبق عليه قول الشاعر :
ما ضيع الباكى عليك دموعه
إن الدموع على سواك تضيع
ولكن الدموع وحدها لا تكفى فخير احتفال بذكرى ميلاد الزعيم الخالد هو تحويلها إلى ميلاد جديد للتيار الناصرى ولنبدأ بالوحدة أولا
كيف نحمل شرف رسالة و مبادئ عبد الناصر ونحن منقسمين إلى شيع و أحزاب وزعامات مختلفة ومتناحرة ؟
يجب أن ندرك أنه كان هناك عبد الناصر واحد فقط وهو لا يتكرر و لا يستنسخ
ولنتمسك بثوابت أفكار عبد الناصر وكل المفكرين والمنظرين الناصريين
ما يقرب من 40 سنة من الردة على تجربة و عهد عبد الناصر والأمة تنتقل من سيئ إلى أسوأ
ونحن أصحاب الفكر و المشروع الوحيد الذى أنجز أنجح تجربة عروبية فى التاريخ الحديث وتصدى للهجمة الإمبريالية الأمريكية علينا التوحد وبناء المشروع الناصرى الجديد المقاوم لكل محاولات تفتيت وتركيع أمتنا المنكوبة بحكامها .
فى يوم ميلاد عبد الناصر
أقول له :
طبت حيا و ميتا أيها البطل
وكل سنة و أنت طيب

......................
بقلم :عمرو صابح
كاتب عربى من مصر
 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !