مواضيع اليوم

11ـ قراءة في كتاب "علم اللغة العام لفردينان دي سوسير" إستناداً إلى علم الألمنتك

نذير حبش

2013-06-07 15:28:56

0

11ـ قراءة في كتاب "علم اللغة العام لفردينان دي سوسير" إستناداً إلى علم الألمنتك
ـــــــــــ
نذير حبش
07-06-2013

حدث سهو في القراءة السابقة (10) عن قراءة  جذر الكينونة be من زمرتين [ر ق] وعكسه المشهور am من زمرتين [ق ر].
يعطي مثالاً من نوع أظن يصنف بما يعرف بالكلمات المركبة. ومثاله هو اللفظ الألماني Dritteil (ثلث)، فقد أصبح في الألمانية الحديثة Drittel. ص 93. فهنا تتجلى ظاهرة الضمور التي تكلمت عنها في جانب الدال. فقد تختفي الـ(i). رغم أنه يقول أن المدلول بقي واحداً فإن الكوكل يترجم اللفظ الجديد بمدلول آخر وهو (ثلثين Drittel) وترجمته في الهولندية أيضاً (ثلثين).  ((بقيت الفكرة في هذا المثال واحدة. ص 93-94)) إستخدم لفظ (مفهوم concept) للتعبير عن (مدلول).
ثم يقول أن العلاقة تغيرت في ناحيتين، في الهيئة المادية للدال، كما قلت ضمور الكسرة (i) في لفظ <<جزء>> (teil)، والثانية في صيغته النحوية فأصبح اللفظ الجديد (Drittel) كلمة واحدة. وإذا كان الكوكل صحيح فهنالك تغيير ثالث في المدلول أيضاً ، (ثلث) أصبح (ثلثين) !
وسأكتفي هنا في مثاله الأخير الذي تظهر فيه ظاهرتي الضمور والإستحداث وقاعدة الحياد في الألمنتك. في الأنكلوسكسونية لفظ (fot) في عصر ما قبل الكتابة عنت بها (قدم). وتغير جمعها (fóti) وأصبح (fét) و (feet) في الإنكليزية الحديثة. ص94.
ظاهرة الضمور إختفاء الـ(i).
قاعدة الحياد: تحول (ó) إلى (é) كلاهما من زمرة القاف.
ظاهرة الإستحداث أصبحت مكرر (ee).


يعيد سوسير سبب هذا التغيير في العلاقة بين الدال والمدلول إلى إعتباطية الإشارة، ((فاللغة لا حول لها في الدفاع عن نفسها في مواجهة القوى التي تغير من لحظة الى اخرى العلاقة بين المدلول والدال. وهذه احدى نتائج الطبيعة الاعتباطية للاشارة. ص 94)). وإيمانه عميق بفكرة الإعتباطية إذ يقول ((اراد وتلي ان يؤكد ان اللغة نظام حقيقي فركز بحق على الطبيعة الاعباطية للاشارات: وبذلك وضع علم اللغة على أسس صحيحة. ص 94)).


يتضح من هكذا كلام أن سوسير ليس ضعيفاً في علم الجذر والدلالة فقط، بل في علم الصوت أيضاً ! فالتغيير هنا لا علاقة له بالطبيعة الإعتباطية للإشارة، بل كما أظهرها لنا الألمنتك بوضوع أنها عائدة لخصائص جهازنا الصوتي البشري اللا ـ إرادية. هذا الجانب مهم جداً، أي الجهاز الصوتي الذي لا غنى عن التفكير فيه عندما يخص موضوع الصوت نفسه، ولا يفترض بمن يشتغل في اللغة أن لا يعير إهتمامه الكافي لهذا الجانب. فقوى التغيير لدى سوسير تهمل هذا الجانب وخصوصاً تغير الصورة الصوتية. يعد لنا قوى المؤثرة على اللغة منها القوى الإجتماعية والزمن من غير أن يذكر ـ حتى الآن على الأقل ـ أي شيء عن ميكانيزيمية جهازنا الصوتي البشري. قد يكون العامل الإجتماعي مؤثراً في جانب المدلول بشكل واضح، ولكن أحد جوانب الدال الصوتي الذي يبقى فيه الصوت ذو طبيعة فيزيائية. وهذا يرتبط إرتباطاً مباشراً بالجهاز الصوتي وما له من خصائص ذاتية وخضوع الصوت له.


يعترف بضعفه في ما يخص تحديد القوى المؤثرة في تغيير الإشارة بعكس الثبوت فيقول ((ماذا يدعم ضرورة التغيير ؟ قد يوجه لي اللوم لأنني لم استطع ان اوضح هذه النقطة بالدرجة التي وضحت بها مبدأ الثبوت. وسبب ذلك لأنني لم أميز بين القوى المختلفة للتغيير.ص 95)). وهذا عائد كما قلت لضعفه في علم الصوت، وإفتقاره لحقيقة علم الجذر والدلالة الحقيقي: الألمنتك. ويتهرب من إبداء رأيه في هذا الموضوع بقوله ((يستطيع المرء ان يلاحظ منذ البداية أسباب الاستمرارية، اما اسباب التغيير في الزمن فهي ليست كذلك. من الافضل اذن ان لا نقدم شرحاً دقيقاً في هذه المرحلة، بل نقتصر في حديثنا على تغيير العلاقات على نحو عام. ان الزمن يغير كل شيء: اذن ليس من سبب يجعل اللغة لا تخضع لهذا القانون العام. ص 95)).


تسيطر على سوسير فكرة الإعتباطية حتى نراه مرة أخرى يصرح بأننا يمكن أن نعبر عن فكرة ما بأية سلسلة صوتية !! ((تختلف النظم البشرية الاخرى كالتقليد والقوانين وغيرهما عن اللغة في انها جميعها تستند بدرجات مختلفة الى العلاقات الطبيعية للاشياء. اما اللغة فلا يقيدها شيء في اختيار الوسائل، إذ لا يوجد شيء على ما يبدو يمنع قيام ارتباط بين فكرة ما وتسلسل صوتي. ص 94)). ويذهب أبعد من ذلك فيقول ((اذا تركنا التعريف العقيم للكلمات. ص 95)).


لقد حدد علم الألمنتك التغيير إن كان فيما يخص جانب الدال أو المدلول بدقة حسب قوانين علمية موضوعية معروفة، لا بل حساب التغييرات الممكنة منطقياً مقدماً. منها ما يخص الجهاز الصوتي البشري وخضوع طبيعة الصوت له، ومنها الجانب الإجتماعي وما يطرأ عليه من تقلبات فكرية عبر التاريخ. أليوم أٌقرأ دراسة إستبيانية عن الإلحاد والإيمان في دول العالم. فلفظ إلحاد الرافديني بالشكل العربي (لحد) هو في حقيقة الأمر أن معنى اللفظ في ذاته بعد تفكيكه ألمنتيكياً كأحد إحتمالات المنطقية  للتفكيك ـ لأن يوجد تفكيك آخر ل/قح) ـ هو من ينفي وجود الإلهة/الإله (قت). (لحد => ل/ ح د => ل/ ق د => ل قت). أللام عنصر النفي من زمرة الراء. قت: عنصر النار أشير به إلى الإلهة/الإله الشمس.
إذن كيف تحول العنصر (قت) الذي تجلت فيه فكرة النار لأول مرة في التاريخ إلى (مدلول) (الله) ؟ لقد شرحت ذلك سابقاً. فالعامل الإجتماعي وتطوره عبر التاريخ هو سبب هذا التغيير. وإذا أردنا ان نتفلسف أكثر فأن مدلول (الله) في جوهره (كبنية أساسية) في الفكر لم يتغير إنما الذي تغير هو (أركان هذه الفكرة ونظرتنا لها). كحقيقة أن الشمس تضيء كوكبنا وتغيّر فكرتنا لسبب هذه الظاهرة اليوم عما كانت قبل عشرة آلاف سنة قبل الميلاد. إذن سنحصل على حقيقتين حقيقة الفكر كلغة وهي (فكرة الله) وحقيقة الفكر أو الوعي نفسه وقبوله لهذه الفكرة أو رفضها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !