زعماء أحزاب ومستقلون من كل التيارات في حوارات مفتوحة للصباح ـ 105 أحزاب حصلت على الترخيص القانوني وأخرى تنتظر.. ـ تونس ـ الصباح ـ عشرات القائمات المستقلة بصدد الاعداد لتقدم ترشحاتها مطلع سبتمبر.. بعضها يقودها مستقلون عن كل الاحزاب والبعض الاخر تضم شخصيات من تيارات حزبية وسياسية مختلفة لكنها اختارت-أو دفعت الى المشاركة تحت الاطار القانوني للقائمات المستقلة..
في الاثناء برزت محاولات تشكيل تحالفات وائتلافات انتخابية.. بينما تسببت بوادر التحالف في تصدع بعض الأحزاب داخليا.. مثلما سجل داخل التيار القومي العربي وبعض فصائل اليسار.. كما تشكلت بين الاحزاب ذات الميولات الاسلامية قائمات منافسة لحزب النهضة بعضها شكل تحالفا حزبيا والبعض الاخر سيقدم قائمات حزبية والبقية في شكل قائمات مستقلة يتزعم أهمها الاستاذ عبد الفتاح مورو وشخصيات وطنية علمانية وليبيرالية..
وضمن عشرات الأحزاب التي أسستها شخصيات دستورية تبرز كذلك تناقضات وصراعات وعمليات استقطاب فيما برزت زعامات من أهمها محمد جغام وكمال مرجان ومحمد الصحبي البصلي وعبد المجيد شاكر.
وسنتابع فتح حوار مع رموز بقية الاحزا ب والقائمات المستقلة في ملف لاحق.
ملف من اعداد كمال بن يونس
عبد الرزاق الهمامي رئيس حزب العمل الوطني الديمقراطي
تعويم البلاد بكم هائل من الاحزاب خطر على الديمقراطية
الدكتور عبد الرزاق الهمامي رئيس حزب العمل الوطني الديمقراطي الذي يضم شخصيات حقوقية ونقابية لعبت دورا مميزا في النقابات والهيئات الحقوقية قبل الثورة. وهو من بين المؤسسين لجبهتي 14 جانفي وأعضاء الهيئة العليا لحماية الثورة.
هل من الوارد أن يتوصل حزبكم والطبقة السياسية الى قائمات ائتلافية وطنية تضع حدا لتشرذم الاحزاب والقائمات التي توشك ان تدخل الناخبين العاديين في مرحلة ذهول وحيرة؟
نعتقد ان المرحلة دقيقة وتستدعي قدرا كبيرا من النظر بموضوعية للاوضاع.. ان قدرا ادنى من الوفاق السياسي ضروري جدا ولا بديل سياسي عنه حاليا.. لان ركيزة المرحلة الانتقالية هي التوافق قبل مشروعية الانتخابات.. لكن القائمات الانتخابية الوفاقية الوطنية مستبعدة حاليا لان المشهد السياسي تشكل بنمط يفرض التنوع الحزبي والسياسي.. والأمر طبيعي في كل الديمقراطيات الناشئة هو التنافس بين القائمات الحزبية.. ونحن نعتقد أن المشهد السياسي ينشا وفق قانون التعدد والتنافس المفتوح.. في المقابل نسجل أن الالتقاءات الانتخابية واردة.. وقد بدانا نستعد لها كحزب بقدراتنا الذاتية ونسعى الى تشكيل جبهة وطنية ديمقراطية مع القوى التي نتقاطع معها سياسيا حول محاور البناء الوطني الديمقراطي واستقلالية القرار الوطني واولوية البناء الديمقراطي على اساس الاحتكام الى الشعب وتكريس العدالة الاجتماعية والانحياز الى الطبقة الشعبية والى التمشي المدني والتقدمي والمكاسب الحداثية والانتصار لقضايا العدل والحرية عربيا وعالميا..
جبهة 14 جانفي
ما هي أهم القوى التي قد تتحالفون معها وفق هذه الاولويات؟
مباحثاتنا تشمل كل قوى الطيف الوطني الديمقراطي وحزبي الطليعة والشعب والقوى اليسارية التي نلتقي معها في جبهة 14 جانفي يسارييين ومستقلين عن الحزب قريبة في اولوياتها من احزاب الطيف الديمقراطي التي نلتقي معها..
لكن موعد عرض القائمات في الاسبوع الاول من سبتمبر على الابواب. ماذا اذا فشل تشكيل التحالف؟
اذا وصل موعد تقديم القائمات الانتخابية دون توصلنا الى تشكيل ائتلاف انتخابي فاننا اعددنا قائمات حزبية ملامحها واضحة.. وحسب ما نصت عليه تقارير الحزب فاننا سنترشح في كل الحالات في اغلب الدوائرالانتخابية لوحدنا. ونحن نستعد للانتخابات وكاننا نترشح لها لوحدنا مع سعينا للوفاق والائتلافات والعمل الجماعي..
تعويم مقصود للحياة السياسية؟
لكن هل تعتقدون ان الناخب سينجح بسهولة في الاختيار بين مرشحي اكثر من مائة حزب وقائمة مستقلة؟
تضخم عدد الاحزاب مفهوم وهو رد فعل على الكبت الذي دام عقودا.. لكن هناك جانبا مفتعلا وفيه تعويم مقصود للحياة السياسية والحزبية..
لقد اسندت مؤخرا تاشيرات لاحزاب تكاد تكون بنفس الاسماء وهو مرفوض.. كما استنكرنا تعويم الساحة باحزاب لا علاقة لها بالحياة السياسية وكانه توجد رغبة من قبل البعض لتنفير الناس من العمل السياسي وجعل الشعب لايثق في الساسة دون تمييز بينها..
نحن مع حق الجميع في التنظم لان الاختلاف مطلوب، دون اغراق البلاد في الفوضى والعقم السياسي..
مسؤولية النقابات والاحزاب عن الفوضى
ألا تعتقدون أن الفوضى والاضطرابات العشوائية توشك ان تهدد السير العادي للعملية الانتخابية؟
نعتقد ان الثورة قامت اساسا حول مطالب اجتماعية واقتصادية، ولما لم تجد تلك المطالب جهات تلبيها وتستجيب لها حصل ما حصل. ونحن مع مواصلة النضال من اجل تحقيق تلك المطالب المشروعة.. لكن هناك من يستغل لاحداث الارباك الامني وتعطيل المرفق العام والاضرار بمصالح الاقتصاد الوطني الى حد قطع الطرق والاضرار بالاملاك العمومية والخاصة، وكثيرا ما راينا جيوب الردة السياسية وشبكات المفسدين تقف وراء هذه الاعمال.. على الحكومة ان تبذل ما في وسعها لتلبية المطالب.. ودور النقابات والاحزاب ان تساهم في التاطير ومنع التخريب والفلتان الامني..
اخر شهداء الثورة التونسية محمود التومي الذي قتل بطلق ناري في ظهر يوم 9ماي وكان يمارس واجب التصدي لعملية التخريب وحماية مكتسبات الثورة في اطار مهامه في مجلس حماية الثورة في سليمان.. بالمناسبة نطالب بانصاف ذكراه وعائلته وانصاف كل عائلات الشهداء..
الاحزا ب "التجمعية"
وما هو رأيكم في الاستبيانات واستطلاعات الراي التي قللت من حظوظ الاحزاب العلمانية واليسارية في الفوزمقابل ترجيح كفة الاحزاب التجمعية ـ التي تحوم حسب بعض التقديرات حوالي الـ40 ـ والاحزاب ذات الميولات الاسلامية؟
أولا نحن نطرح نقاط استفهام حول الاستبيانات ونشكك فيها ونعتبر ان بعض الجهات تحاول التاثير في الراي العام من خلالها..
ثانيا نحن ننتقد الاعتراف بالاحزا ب المتناسلة من التجمع.. غالبا اسندت التراخيص لاحزاب ما كان يمكن ان تسند لها لانها ستعيد انتاج التجمع في أشكال جديدة بعد ان لفظه الشعب..
عشرات الاحزاب التي تدعي الوسطية احزاب تريد ان ترث النظام المنهار وتتمادى بجوهر الموقف السلبي تجاه الثورة.. الخطير انها وفيرة العدد وتستند الى الموارد البشرية للحزب المنحل والى مال سياسي مشبوه من الداخل والخارج.. في نفس الوقت نسجل أن هناك احزابا هي اقرب الى الظواهر الاعلامية وتعتمد على مواردها المالية لا اكثر.. وهنا تبرزمعضلة المال السياسي بمصادره المحلية والخارجية التي تعرف الف لون ولون للتحايل..
الإنصاف والمصالحة
ألا تعتبر أن من بين المخاطر التي تهدد الديمقراطية والانتخابات في تونس الخلط بين المحاسبة والتشفي وانه ينبغي اقرار الية للانصاف والمصالحة؟
لا استقرار حقيقي في البلد دون تفكيك الاحتقان، والتسوية ممكنة.. لكن المحاسبة ضرورية قبل المصالحة.. حاليا الخلل فادح في اداء القضاء والمصالحة تعني وجود اطراف بينها قضايا خلافية حسمت قضائيا سواء كانت تعديات على الحريات والاموال والممتلكات. وحسم القضاء ضروري على ان تكون المحاكمة عادلة في اطار عدالة منصفة وقانونية.. بعد ذلك لا بد من المصالحة مع ضمان حصول كل ذي حق على حقوقه لكن الانصاف والمصالحة يعنيان اختزال عدد المتهمين وتجنب الانتقام والخروقات والتجاوزات..
حمة الهمامي الامين العام للحزب العمالي الشيوعي
تفعيل جبهة قوى 18 اكتوبر للتصدي لخطر التجمعيين وحلفائهم
لا نستبعد اندلاع احتجاجات اجتماعية كبرى قبل الانتخابات
يعتبر حزب العمال الشيوعي ان الحكومة الحالية فشلت في معالجة اهم التحديات التي تواجه المجتمع والبلاد عشية الانتخابات ودعا معارضي الدكتاتورية والفساد الى التوحد مجددا حول منهج 18 اكتوبر التوافقي والاستعداد لمرحلة جديدة في تونس ستبرز فيها 4 تكتلات كبرى: تكتل يساري تقدمي وتكتل للاسلاميين وتكتل لليبيراليين وتكتل للتجمعيين السابقين.
ماهي خطة حزب العمال الشيوعي بالنسبة للمشاركة في انتخابات 23 اكتوبر؟
ننوي المشاركة في الانتخابات في كل الدوائر ولنا نقاشات مع قوى ديمقراطية اخرى منها ما هو منظم ومنها مستقلون لاننا نعتبر ان توحيد القوى من شانه ان يساعد على توحيد الشعب ايضا..
وفي كل الحالات فان قائماتنا ستكون جاهزة في نهاية شهر اوت اي بعد حوالي اسبوع.. وفي الاثناء سنواصل النضال من اجل ان تكون ظروف الانتخابات سليمة اكثر ما يمكن.. لاننا نخشى ان يقع افسادها عن طريق المال السياسي والاعلام الموجه وبعض القضاة المورطين في الفساد وفي المحاكمات الجائرة في العهد البائد والامن الجائر.
هناك من يعتبركم من بين الاحزاب النخبوية في بعض الاوساط في المدن دون حضور في المناطق الداخلية والارياف..
نحن نولي اهمية كبيرة للمناطق الداخلية والارياف بالنظر الى الاوضاع الصعبة التي تعيشها هذه المناطق وكذلك بالنظرالى دورها الحاسم في الثورة..
وعلى هذا الاساس فان فرقا من مناضلي الحزب ومناضلاته تقوم بجولات في القرى والارياف للتعريف ببرنامجنا ومقترحاتنا لحل مشاكل البلاد وتكريس اهداف الثورة وما لاحظناه هو تجاوب الناس معنا بعد ان كان البعض يحمل فكرة مشوهة عن حزبنا..
وقد لمسنا في بعض المناطق انتهاكات مفزعة من بينها عمال يتقاضون رواتب منفخضة جدا تتراوح بين 20 و40 دينارا شهريا (عين جفال بسيدي بوزيد مثلا)..
قنابل موقوتة
ألا تعتبرون أن "القنابل الموقوتة" مثل معضلات البطالة وتهميش الشباب والجهات الشعبية والداخلية يمكن ان تتسبب في انفجارات اجتماعية قبل الانتخابات وتفسد العرس الانتخابي؟
نسجل بوادر انكماش في الراي العام وهو ما لاحظناه في ضعف نسب الاقبال على الترسيم في القائمات الانتخابية بما يعكس تزايد عدم الثقة في الحكومة المؤقتة وفي جديتها في الاعداد لانتخابات حرة ونزيهة كما يعكس هذا الانكماش تحفظا نسبيا على معظم الاحزاب لان معظمها لا يقدم برامج واضحة للشعب.. ولكن من واجبنا ان نتصدى لهذا الانكماش وان نعمل في صفوف الشعب لتوعيته باهمية مواصلة النضال من اجل استكمال مهام الثورة.. وفي اطارهذا النضال يجري الاعداد لانتخاب المجلس الوطني التاسيسي الذي يمكن ان يشكل لحظة مهمة في تكريس اهداف الثورة..
عضوية المجلس القادم دون رواتب
وماذا عن دور المجلس المنتخب هل يكون مجرد لجنة لصياغة الدستور ام برلمانا مؤقتا كامل الصلاحيات بما في ذلك تشكيل حكومة جديدة؟
ينبغي ان يكون المجلس المنتخب سيد نفسه فيتولى تكوين الحكومة وفي نفس الوقت صياغة الدستور الجديد في فترة معقولة لا تتجاوز العام تنظم بعدها انتخابات جديدة وفقا للنظام السياسي الذي سيقره التاسيسي سواء كان برلمانيا او رئاسيا.. ونحن نقترح اجراء استفتاء على الدستور بعد صياغته لتاكيد مصداقيته كما نقترح ان يكون عمل اعضاء المجلس الوطني تطوعيا فلا يتقاضون رواتب..
مخاطر تهدد الانتخابات
ألا ترون ان المشاكل السياسية والاقتصادية والامنية المتراكمة يمكن ان تتسبب في ازمات تؤثر سلبا في الانتخابات؟
نحن نعتبر ان الحكومة المؤقتة لم تتحمل مسوؤليتها الى حد الان في توفيرالظروف المناسبة للانتخابات فهي تعرقل الاصلاحات السياسية الضرورية مثل اصلاح الاعلام والقضاء والادارة والجهاز الامني ولا تواجه الانفلاتات الامنية وليست جادة في محاسبة رموز الفساد والاستبداد.
من جهة اخرى فالحكومة لا تتخذ الاجراءات اللازمة لحل المشاكل الاجتماعية المستعجلة او التخفيف من حدتها على غرار البطالة وغلاء الاسعار والحالة المتردية للمناطق الداخلية وهو ما من شانه ان ينعكس سلبا على الاعداد للانتخابات. ونحن لا نستبعد قيام حركات احتجاجية كبرى قبل الانتخابات فاوضاع الشعب وخاصة الفئات الكادحة منها تتدهورباستمرار ولا تجد العلاج المناسب والعاجل من الحكومة.
إحياء جبهة 18 أكتوبر
كنتم من أبرز مؤسسي جبهة 18 اكتوبر 2005 ضد النظام السابق. هل من الوارد احياء هذه المبادرة الوفاقية بين القوى التي كافحت الديكتاتورية لمكافحة التشرذم السياسي والحزبي؟
التحالفات مطلوبة اليوم ونحن نرى ان ارضية هذه التحالفات تتمثل في استكمال مهام الثورة اي في القضاء على بقايا الدكتاتورية ووضع الاسس لجمهورية ديمقراطية شعبية وعصرية وحزبنا كما قلت يناقش ويتحاور مع عدة اطراف حول هذه المسالة. هذا من جهة ومن جهة اخرى فنحن نعتبر انه حتى في ظل عدم التوافق حول مثل هذه الارضية فلا بد من ايجاد حد ادنى بين مختلف الفرقاء السياسيين غير قابل للتصرف وهو يمكن استلهامه من مكاسب حركة 18 اكتوبروهو احترام حرية الناس وحقوقهم ومبادئ الادارة الديمقراطية للمجتمع.. وهذا من شانه ان يخلق اسس التعايش في مجتمعنا ويوفر الاستقرار لبلادنا.
"الاحزاب التجمعية" خطر على الديمقراطية
هل يمكن لهذه الجبهة ان تتوحد ضد ال 40 حزبا التي تاسست من قبل شخصيات تجمعية وموالية للنظام السابق والمدعومة ماليا بما يؤهلها بالفوز باغلبية المقاعد في الانتخابات؟
الواقع الحالي وامام تراخي الحكومة الانتقالية في حسم عديد الملفات يوفر الفرصة للقوى المعادية للثورة وللقوى الرجعية عامة كي تعود الى السطح من جديد وربما السيطرة على نصيب هام من المجلس الوطني التاسيسي بالنظر الى ما لها من امكانات مادية وخبرة في التلاعب بالانتخابات وفي الارشاء والتاثير في عقول الناس وهو ما يضع القوى الديمقراطية الحقة الراغبة في التغيير امام مسؤولياتها فهي مطالبة بتوحيد صفوفها من جهة وبالتصدي لكل ما من شانه ان يفسد انتخابات المجلس التاسيسي بما في ذلك المال السياسي الذي لا نرى الحكومة المؤقتة جادة في السيطرة عليه.
4 تكتلات سياسية بعد الانتخابات
كيف تتصور الخارطة الحزببة والسياسية بعد انتخابات 23 اكتوبر؟
اعتقد ان لا يمكن من الان التكهن بالمشهد السياسي بعد الانتخابات لان الاوضاع ليست مستقرة بعد ويمكن ان تحدث انفجارات اجتماعية يكون لها تاثير للمشهد السياسي كما يمكن ان تحصل من هنا الى موعد الانتخابات تحالفات وتكتلات جديدة.
وعلى فرض ان الامور ستستمر على ما هي عليه الان فنحن نعتقد ان التكتلات 3او 4 ستتشكل وهي: تكتل قوى اسلامية وتكتل للقوى الليبيرالية وتكتل للقوى اليسارية والتقديمة وربما تكتل لبقايا التجمع ومن المستبعد ان يتمكن اي منها من الهيمنة على الاوضاع في البلاد فالاقرب هو تشكل ائتلافات لادارة شؤون البلاد.
نور الدين البحيري الناطق الرسمي باسم حزب النهضة
على كل الاطراف احترام نتائج الانتخابات
الحكومة تتعثر لكن ليس من مصلحة احد الاطاحة بها الان يشارك حزب النهضة في الانتخابات القادمة مع ائتلاف يضم مجموعة من الاحزاب والمستقلين فيما يتراوح موقف قياداته بين انتقاد الحكومة والهيئة العليا لحماية الثورة والهيئة العليا المستقلة للانتخابات والدعوة الى انقاذ الانتخابات اولا.
كيف تقيمون الوضع عشية بدء تقديم الترشحات للانتخابات؟
كلما اقترب موعد 23 أكتوبر... كلما ثقلت مسؤولية الحكومة المؤقتة التي لم تقدر رغم ما تبذله من جهد على تفادي الإنعكاسات السلبية لما تعانيه البلاد من مظاهر انفلات ومن أزمة إقتصادية وإجتماعية خطيرة بعد ان تدنت نسبة النمو إلى ما تحت الصفر في المائة وارتفع عدد العاطلين عن العمل إلى اكثر من سبعمائة ألف من ضمنهم قرابة المائتي ألف من ذوي الشهائد العليا... وكأن قدر هذه الحكومة التي ولدت في ظروف عسيرة أن "تهز ساق لتغرق ساق" وأن تتجاوز مأزقا لتواجه مأزقا أخطر مما أثر سلبا على أدائها وعلى المناخات العامة في البلاد، ولم يحسم نجاحها في الخروج مما أوقعتها فيه الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات خلال شهر جويلية الفارط في إخراجها من منطقة الزوابع والتجاذبات التي تتقاذفها والتي زادها إضطرابا إقتراب موعد إنتخابات المجلس الوطني التأسيسي واشتداد الحملة الهادفة لعرقلتها ولم لا الرجوع في المسار المؤدي إليها أو على الأقل في التشويش عليها وهو ما التقت حوله مجموعات (بعضها محسوبة على الحكومة وبعض الجهات الداعمة لها) وحّدها تقاطع مصالحها رغم عمق خلافاتها وتعدد خلفياتها وأهدافها... بعضها يطمح إلى إسقاط الحكومة وإحداث فراغ طمعا في السطو على السلطة، وبعضها "كرها في علي لا حبا في معاوية" وآخرون في ممارسة لنوع من الإبتزاز ومحاولة للإستفادة من هشاشة الأوضاع وضعف مؤسسات الدولة وتعزيز مواقعهم في ما يمكن ان يحصل من مفاوضات وترتيبات لتشكيل المجلس المراد إنتخابه وما سيولد من رحمه من مؤسسات حكم. فالداعون للعودة إلى دستور 1959 ولإجراء استفتاء حول مهام المجلس الوطني التأسيسي إذا ما تعذر مراجعة المسار والعودة إلى المربع الاول بتنظيم انتخابات رئاسية هو أول من يعلم إستحالة تحقيق ما يدعون له وعبثتيه (مع احترامي لهم) لأنه لا احد يملك اليوم حق العودة إلى دستور 1959 ولا الدعوة لاستفتاء اللهم ان يكونوا من دعاة الإنقلاب على العملية السياسية التي عرفتها بلادنا بعد فرار المخلوع والتي جاءت بالرئيس المؤقت وبالمرسوم المنظم للسلطة العمومية الذي تدار بموجبه البلاد؟؟
مخاطر.. مخاطر
لكن البعض يحذر الحكومة من مخاطر بعض القوى على المسار الديمقراطي ومن بينها حركتكم ومجموعات سلفية متشددة برزت في الشارع مؤخرا؟
إذا كان "لأعداء" الحكومة المؤقتة والسيد الباجي قائد السبسي ما يكفي من المبررات للإنخراط في جوقة "الإرباك" و"التخويف" و"التشكيك" فإن مشاركة بعض المحسوبين على "الحكومة وأصدقائها" عصيّ عن الفهم حتى أصبح حضورهم ونشاطهم عبئا ثقيلا على الحكومة المؤقتة ومصدر إزعاج لها.
الثابت أن الباجي قائد السبسي كان يراهن على عنصر الزمن وتطور الاوضاع لتحييد أعدائه ومناوئيه محاولا قدر الإمكان النأي بنفسه عن الجدل المحتدم حول مستقبل العملية السياسية وطبيعة الإنتخابات المقبلة ومهام المجلس المراد إفرازه ومستقبل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة (هيئة بن عاشور...) وغيرها حتى جاءت القطرة التي أفاضت الكأس من "قصر العدالة" بإطلاق سراح بعض وزراء الرئيس المخلوع وتهريب إحدى المقربات لزوجته... لم يكن بعد تصاعد غضب الشارع واحتجاجه امام الحكومة المؤقتة إلاّ واحد من خيارين لا ثالث لهما: رمي المنديل والإستقالة مع ما يعنيه ذلك من مخاطر ومنزلقات لا يعلم احد من البشر مداها، أو مواجهة الشارع ووضع حد لما أحاط بموقفها من غموض وشائعات، وعلى الرغم مما أثاره اكتفاء السيد الوزير الأول بملاقاة 12 حزبا فقط من بين أكثر من مائة حزب معترف بها ومن إصراره على دعم هيئة بن عاشور والإنفاق عليها من ميزانية تعاني من العجز وشح الموارد من ردود أفعال سلبية ومن تحفظات فإن خطابه في قصر المؤتمرات صبيحة يوم 18 أوت الجاري جاء قبل فوات الاوان خاصة بما تضمنه من رفع لما أحاط بموقف الحكومة المؤقتة من الإنتخابات المقبلة من لبس، وكان إيجابيا إعلان تجديد الحكومة المؤقتة إلتزامها بالوفاء بما تعهدت به لأبناء شعبنا عند تسلمها مهامها وإصرارها على انتخاب مجلس وطني تأسيسي في الموعد المتفق عليه وحرصها على توفير الظروف الملائمة لتكون حرة ونزيهة وعلى احترام استقلالية الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات ووضع كل إمكانيات الدولة على ذمتها وقناعتها بأن المجلس المراد إفرازه سيد نفسه وليس لأحد أن يكون وصيا عليه أو مقيدا لصلاحياته وكان من اللافت إعلان السيد الوزير الاول تعهّده والحكومة المؤقتة باحترام نتائج الإنتخابات مهما كان الفائز لأن الشعب التونسي لن يختار إلا الأصلح وتتضاعف أهمية هذا الموقف بما اتسم به من وضوح وصرامة يتوقع أن يساعد على وضع حد للجدل الذي تعرفه البلاد حول هذه المسألة والإنصراف نحو الإعداد لخوض غمار الإنتخابات مستفيدين في ذلك من انشغال الجميع بمواجهة متطلبات هذه المحطة وبداية حسم المعركة في ليبيا لفائدة الثوار بما يخفف الأعباء عن بلادنا ويفتح أمامها آفاقا جديدة إيجابية أمنيا وإقتصاديا وإجتماعيا.
هذه طلباتنا من حكومة السبسي
بماذا تطالبون الحكومة والاطراف السياسية لضمان انجاح الانتخابات ومسارالانتقال الديمقراطي؟
الثابت عندي أن خطاب السيد الوزير الأول الباجي قائد السبسي وجّه رسالة واضحة وصريحة للرأي العام الوطني ولكل الأطراف في الداخل والخارج لتبديد المخاوف حول موقف الحكومة من عدد من القضايا التي تشغل الجميع وثانيا لبعض الأطراف والشخصيات القريبة من الحكومة أن تغلق هذا الملف وتكف عن الإنفاق على حملة لا مصلحة فيها لأحد وثالثا أن قطار إنتخاب المجلس الوطني التأسيسي إنطلق وأنه لا مجال للعودة للوراء ولسان حاله يقول البحر من أمامنا والفوضى من ورائنا.. وليس لنا إلا أن نقطع مع الخوف والتردد والشك ونتجه مباشرة نحو تحقيق أحد أهم أهداف ثورتنا المباركة بما يعيد بناء الشرعية ويصل ببلادنا إلى شاطئ الأمان.. وبقدر مانجح السيد الوزير الأول في طمأنة المعنيين بالشأن العام في موضوع الانتخابات المقبلة فإنه - حسب تقديري لم يوفق في إقناع الرأي العام بموقف الحكومة المؤقتة من مسألتي تحقيق مطالب التونسيين المشروعة ذات الأولوية وضمان إستقلال القضاء ومساءلة وتتبع بقايا العهد البائد، فطبيعة الحكومة الإنتقالية لا تبرر تخليها أو تراخيها في حماية أرواح الناس وأملاكهم وأعراضهم وصون سيادة البلاد ووحدتها وتوفير الحاجيات الأساسية لكل التونسيين بما يضمن حق الجميع في الحياة الكريمة ويخفف من تداعيات وآثار ما عانته بعض الجهات والفئات من تمييز وتهميش مع كل ما يتطلبه ذلك من تسريع في اتخاذ ما يلزم من إجراءات وآليات وتوفير ورصد ماهو ضروري من إعتمادات لتحقيق ذلك كتحمل الحكومة المؤقتة مسؤولياتها كاملة في القطع مع رموز الإستبداد والفساد ومساءلتهم ورد الإعتبار لعائلات الشهداء والضحايا وتكريس العدالة وتحقيقها، كل ذلك على قاعدة الدفاع عن مطالب الثورة وقيمها وأهدافها وشرعية الوفاق والتشارك في إدارة هذه المرحلة وخوض الإنتخابات المقبلة وإنجاز المهام الموكولة للمجلس الوطني التأسيسي المراد إنتخابه لصياغة دستور ديموقراطي حداثي يؤسس لدولة مدنية ونظام جمهوري حقيقيين واختيار حكومة تدير الشأن العام خلال مدة يتفق عليها الجميع، على أن يكون المجلس تعدديا معبرا عن أوسع ألوان الطيف الإيديولوجي والسياسي وممثلا لأوسع الفئات والجهات وحاميا للتنوع ومكرسا لاحترام الحق في الإختلاف في أفق تصعيد حكومة كفاءات وطنية لا تقصي ولا تستثني أحدا على أساس إنتماء جهوي أو إيديولوجي والعبرة بالكفاءة وبالإستعداد للعطاء والتضحية والمصداقية وخدمة الصالح العام.
احمد الخصخوصي الامين العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين
الاعلام والمال السياسي خطر على التعددية حاليا
يتزعم حركة الديمقراطيين الاشتراكيين منذ الثورة تياران الاول بزعامة احمد الخصخوصي ـ ويعلن ولاءه لخط احمد المستيري ـ والثاني بزعامة الطيب المحسني وهو امتداد للمجموعة التي تقود الحركة منذ 1995 بقيادة اسماعيل السحباني. في هذا اللقاء حوار مع الخصخوصي:
ماذا تنتظر حركتكم ـ التي لعبت دورا مهما في دعم التعددية منذ اكثر من 30 عاما ـ من انتخابات 23 اكتوبر القادم؟
حركتنا ـ حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ـ لا تنظر إلى الانتخابات باعتبارها غاية في حدّ ذاتها، والحركة بصفتها تنظيما وطنيّا لا تعتبر أنّ الانتخابات رهان إلاّ بقدر ما هو امتحان للاختيار الحرّ الذي سيمارسه الشعب التونسي بصفته صاحب السيادة ومصدر الشرعيّة. والمهمّ هو نجاح تونس في أن يمسك أبناؤها بزمام الأمور في جميع مجالات الحياة وأن تتجسّم المشاركة الشعبيّة التي هي أساس النجاح وسبيل الخلاص من كلّ المكبّلات وتجاوز جميع المصاعب، فالشعب إذا اطمأنّ إلى أنّه معنيّ بالشأن العام وأيقن أنّه محترم في اختياراته ومساهماته قادر على تقاسم التضحيات إن لزم الأمر قدرته على تحقيق المعجزات حتّى في أصعب الظروف.
وعلى الرغم من أن المكاسب الفئويّة والنجاحات الحزبيّة تعتبر بالنسبة إلينا ثانويّة إن لم تكن هامشيّة فإنّ هذه الانتخابات التي تقدم عليها تونس تكتسي أهمّيّة بالغة أولا لأنّها الأولى من نوعها في تاريخ البلاد كلّه فهي تأتي بعد ثورة الشعب المباركة وبعد التضحيّات الجسيمة التي قدّمها بسخاء شهداؤنا الأبرار وشبّاننا البواسل، ثانيا ـ وهذا الأمر في غاية الأهميّة ـ لأنّ هذه الانتخابات تأسيسيّة في طابعها ووظيفتها وهي التي ستنحت مستقبل البلاد وتقدّم تصورا لنمط الحكم الذي يرتضيه الوطن بكلّ مكوّناته على مدى أجيال. لذلك سنعمل من جهتنا على أن يكون للمترشحين لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي مواصفات دقيقة كالمعرفة والإلمام والخبرة في مختلف المجالات وكذلك صفات أخرى تتعلّق بالتجربة السياسيّة التي لا تقدّر بثمن.
نظام نصف رئاسي
ما هو تصوّر الحركة لنظام الحكم في تونس بعد الانتخابات؟
تصوّرنا لطبيعة النظام هو أن لا يكون رئاسيّا تتجمّع فيه صلاحيات كبيرة خطيرة بيد شخص واحد لأنّ ذلك كان المدخل الذي تسرّب منه داء الدكتاتوريّة واستفحل فانتقل من الرئاسي إلى الرئاسوي ومن الرئاسوي إلى عصابة فساد ومافيا لا تبقي ولا تذر وهذا ما جرّبناه ولا يجوز للمناضل الجدير بهذه التسمية أن يلدغ من جحر مرّتين، كذلك بيّنت التجارب أنّ النظام البرلماني بصيغته المطلقة لا يناسب إلاّ الديمقراطيّات العريقة أمّا بالنسبة إلينا فإنّه سيكون مصدرا لعدم الاستقرار ومدخلا لهزّات لا طاقة للبلاد بها.
وفي الواقع لا يوجد نظام حكم مثالي لكنّنا نتصوّر أنّ الأنسب لبلادنا هو النظام البرلماني الرئاسي أو ما يسمّى الرئاسي المعدّل أو نصف الرئاسي حيث تكون للرئيس صلاحيات محدّدة وتكون الحكومة مسؤولة أمام البرلمان بحيث تجري العلاقة بين هذه الأطراف على أساس المراقبة المتبادلة فلا تنفرد جهة بسلطة القرار. وإلى جانب ذلك ينبغي لمؤسسات الدولة أن تكون ذات علويّة واستمراريّة بحيث تتعالى في هيكلتها ووظائفها على الاعتبارات الظرفيّة والحكومات مهما تعددت وتعاقبت.
والمهمّ هو أن يكون هناك تفريق بين السّلط وتوازن بينها يضمن استمرار الحياة الديمقراطية وخاصّة استقلال السلطة القضائية إلى جانب إعلام حرّ مستقل كلّ ذلك على قاعدة المشاركة الشعبية في كلّ المجالات والمستويات عبر منظّمات أهليّة تمثّل السلطة المضادة باعتبارها الضمانة الأساسيّة لسيادة الشعب وللتنمية الشاملة المستدامة. ومجموع هذه الأمور تستلزم إعادة النظر في هيكلة الدّولة ليست الغاية منه التحكّم في مصائر الجماعات والأفراد بل تحرير طاقاتهم في ما ينفع عن طواعيّة واختيار حرّ يسمح ـ في إطار لا مركزي ـ بتنمية متوازنة محلّيّا وجهويّا.
المال السياسي خلط الاوراق
البلاد تمرّ بمرحلة دقيقة لأنّ المحيط الجغرافي السياسي غير موات وفيه الكثير من التعقيدات العسكرية والأمنية والسياسيّة، والمرحلة الانتقاليّة بطبيعتها صعبة لأنّ فيها محاذير ومزالق. يضاف إلى ذلك المال السياسي الذي يجول دون حصر أو إمكانيّة مراقبة بما يجعل التنافس لا يكون بين برامج ورؤى بل بين مراكز نفوذ مالي واقتصادي لا أحد من أصحابها «يصطاد لربّي».
كيف تقيمون دور الاعلام عشية الانتخابات وبعد اكثر من 7 اشهر عن الثورة؟
الإعلام الحالي ليس في مستوى تطلعاتنا تطلعات الشعب للتعددية والاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الشامل وهو إجمالا في هيكلته وأدائه وعقيدته موال لمنظومة الاستبداد والفساد ويقوم بدور في غاية السّلبيّة إمّا بالتعتيم وإمّا بالتلاعب بالعقول وافتعال استقطابات إيديولوجيّة وعقائديّة وسياسيّة واجتماعيّة في وقت المجموعة الوطنية أحوج ما تكون إلى وفاق وطني يقوي مناعة الوطن ويبعث على تقاسم التضحيات بدلا من التكالب على الغنائم. باختصار ما هو تصوركم لدورالمجلس الوطني التأسيسي المنتخب هل يكون مجرد لجنة لصياغة الدستور ام برلمانا كامل المهام؟
أمّا تصوّرنا لوظيفة المجلس الوطني التأسيسي الأساسيّة فهو أن يؤسس لمرحلة جديدة تقطع نهائيّا مع منظومة العهد البائد ومع ترسانته الدستوريّة والسياسيّة والتشريعيّة، وتبعا لذلك ينبغي أن يكون ذا سيادة له صلاحيات كاملة خاصّة أنّه تتوفّر فيه مقوّمات التمثيليّة والشرعيّة المستمدّة من الإرادة الشعبيّة.
(المصدر: جريدة "الصباح" (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 أوت 2011)
التعليقات (0)