من أهم الواجبات في ديننا، هي البراءة من أعداء النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)؛ أي البراءة من أعداء الإسلام. وقد جاء التأكيد عليها في كثير من آيات القرآن وروايات المعصومين (عليهم السلام). حيث قال الله سبحانه وتعالى في القرآن: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء) [الممتحنة: 1] وقال سبحانه: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ) "آل عمران: 28". وفي الروايات أيضا هناك عدد كبير من الروايات تصب في هذا المجال، حيث نجد أكثر زيارات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تنطوي على هذا المضمون. ومن خلال بعض هذه الزيارات نفهم أن التبري من أعداء أهل البيت (عليهم السلام) هو طريق مقرب إلى الله ورسوله وأهل البيت (عليهم الصلاة والسلام): (يا أبا عبد الله إني أتقرب إلى الله وإلى رسوله وإلى أمير المؤمنين وإلى فاطمة وإلى الحسن وإليك صلى الله عليك وعليهم بموالاتك والبراءة من أعدائك وممن قاتلك ونصب لك الحرب ...) [كامل الزيارات: 229]
عندما نلاحظ أهمية هذا الواجب وموقعه في الإسلام ومدى تأثيره على مصير الإنسان إلى الأبد، هنا لا بد من أن ينتقل ذهننا إلى طرق وأساليب الشيطان في منعنا عن هذا العمل. إذ من الواضح أن دور الشيطان هو الإغواء وصدنا عن التقرب إلى الله و رسوله (صلى الله عليه وآله)، فكلما كان العمل أقوى وأهم وأفضل، يأتي الشيطان بجنود أكثر وخطط وأساليب أعمق. هذا أصل مهم بجب أن يلتفت إليه كل سائر على الطريق نحو الصواب.
أنا أعتقد أن أسلوب الشيطان في صدنا عن التبري من أعداء أهل البيت (عليهم السلام) ليس أن يأتي ويوسوس في قلوبنا ليمنعنا من بغض قاتليهم، ولا أظن أن الشيطان يحاول الآن ليجعلنا نحب أشخاصا كعمرو بن عبد ود أو أبي جهل أو ابن ملجم أو معاوية و يزيد.
إن خطّة الشيطان في منعنا من التبري الصحيح، هو أن يجعل التبري في إطار زمن محدود يبعد عنا ألف سنة. هو لم يحاول أن نحب المأمون العباسي أو هارون الرشيد، ولكن حاول أن يضيق مفهوم أعداء أهل البيت وأعداء الإسلام في التاريخ فقط.
فجعلنا نشعر أن الكلام حول قابيل، أو فرعون أو نمرود أو أبي جهل أو يزيد وأمثالهم كلام ديني إلهي متناسب مع خط القرآن ونهج الإسلام و من مصاديق التبري من أعداء الله، ولكن الكلام حول نماذج من أمثال بوش و أوباما و باراك و صدام و طواغيت عصرنا الذين هم الآن أعداء الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ليس إلا سياسة، ولا علاقة بين الدين والسياسة!
التعليقات (0)