و ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ...؟
الله عز وجل لم ينزل "أفكارا أو تشريعا معينا و محددا .." بل أنزل "أنوارا" و "ضياءا" و "بصائر" و "كتاب مبين" موضح و "تبيانا" لمحدثات الحياة و حوادثها المتجددة في كل آن و حين ...
فما كشفته هذه الأنوار و البصائر للبشرية في عهود سابقة يستحيل أن يكون هو نفسه ما قد تكشفه لنا في عصورنا الحاضرة أو اللاحقة ، و ما تكشفه لك قبل ساعة / برهة قد يختلف جذريا عما تكشفه لك بعد ساعة /برهة ..
و لهذا كانت كلمات الله هي كلمات يستحيل على الجن أو الانس الإتيان بمثلها وهي كلمات ولودة فـ"لو كان البحر مدادا" لها "لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي" ، فهي (كلمات ربي ) شجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها العزيز الجبار لكل من آمن بربوبية الله و ألوهيته دون شريك ..... أو مثيل ....؟
الله عز وجل قد زودنا بعقول / نفخ فينا من روحه)
و تأتي بصائر ربي /الآيات البينات لتهب المؤمن بها القدرة الكاملة على تخير ما يصلح له معيشته و يقيم وأده و يكسي عريه و يسهل له حياته و يقوده نحو الرفاهية و الأمن و السلام و التعارف بين القبائل و الشعوب ...
(إمتلاك المعايير و الموازين السليمة للحياة الانسانية الحقة - ما يؤهله لأن يكون شهيدا دون بقية الخلق – على الناس ؟
جميع رغباتنا و ميولاتنا و حوائجنا و تطلعاتنا ... قد فطرنا الله عليها ، فحتى مفهوم التوحيد قد فطرنا عليه و خلقنا به ... وهو ما نلاحظه في بقية العوالم ، فالنحلة قد فطرت على اتخاذ الجبال ...بيوتا و الرعي في الغابات لتنتج العسل لبقية المخلوقات ..وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)
النحل خلق من خلق الله، وكل خلق لله أودع الله فيه وفي غرائزه ما يقيم مصالحه، يشرح ذلك قوله تعالى:
الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3)
(سورة الأعلى)
أي: خلق هذه كذا، وهذه كذا حسب ما يتناسب مع طبيعته؛ ولذلك تجد ما دون الإنسان يسير على منهج لا يختلف .. فالإنسان مثلاً قد يأكل فوق طاقته، وقد يصل إلى حد التخمة، ثم بعد ذلك يشتكي مرضاً ويطلب له الدواء.
أما الحيوان فإذا ما أكل وجبته، وأخذ ما يكفيه فلا يزيد عليه أبداً، وإن أجبرته على الأكل؛ ذلك لأنه محكوم بالغريزة الميكانيكية، وليس له عقل يختار به.= إن ما يتميز به الانسان من قدرة على اختيار منهج حياته "اذ يستطيع مثلا أن يترك الأنثى ليمارس غريزته الجنسية مع رجل و ليس كما فطره الله من ميل لممارسة الجنس مع الأنثى ..و هذا ما يجعله مسؤولا أمام الله للمحاسبة في الدنيا و الآخرة على عكس بقية المخلوقات التي تسير في الحياة طبقا لما أوحاه الله إليها /فطرها عليه ..؟
التعليقات (0)