مواضيع اليوم

...من صفحات مواطن صالح !

mohamed abdalalim

2012-01-28 22:51:43

0

أب لـ طفل معاق , و شابّة جامعيّة تخرّجت و لم تجد وظيفة , لم يكن حزينا ً جداً لـ ابنته
لأنه يعلم أنّها في قائمة لا تعد و لا تحصى من " المعطّلين " عن العمل !
راتبه بـ الكاد يغطّي حوائج بيته , زوجته تصنع مالذ و طاب من الأطعمة و تبيعها في الغالب
على من صار البذخ في احتفالاتهم بروتوكولاً يسار عليه !
كان كل شيء يتعايشون معه بالفطرة التي جُبِلُوا عليها , سوى ذلك المعارق الذي يتراوح
عمره في الثانية عشر سنة !
فلا الأرض مهّدت له الطريق , و لا السماء أذِنَت لـ روحه بالصعود ! هكذا يفكّر و هكذا يعيش
و لـ شيء من بعض هذا كلّه افتقد الحياة مبكّراً !

/

والده حاول كثيراً في سبيل علاجه , أو على الأقل التخفيف من معاناته !
حينما يسأله النّاس عن ماذا قدّمت وزارة الصحّة بمرافقها المترامية الأطراف لـ حالة ابنه ؟!
يبتسم ثم يحمد الله , و يدعو للملك ,و يجيب بأن وزارة الصحة قبلت علاج ابنه ... !
نعم قبلت بعد أربعة أشهر يجب عليّ مراجعتهم لاستكمال الأوراق !
يا الله ما أصبرك أربعة اشهر من الألم , و القهر , و الحزن , و قليل من الفرح بـ الخبر !

/

ابنته تطلق عليها الحكومة " عاطلة " و والدها يطلق عليها " متعطّلة "
و أمّها تظن أنها " محسودة " ...!
و لم يسأل أحد ما في هذه الأرض البنت عن ماذا تظن نفسها ؟
البكالوريوس الذي تحمله لم يعد كافياً على مقاومة فساد الحكومة !
و عمرها الذي طاف الخامسة و الثلاثين لم يعد بوسع إعانة الحكومة تغطيته !
نظرات المجتمع غريبة ! مريبة ! فـ قليل من ينظر إليها بالطموحة التي لم يحالفها الوطن!
...أو عفواً لم يحالفها الحظ !
و كثيرٌ توزّعت نظراتهم ما بين العنوسة القامتة !
و تهمة الإنحراف الظالم ! و لعنة عقوق الوالدين !
الكل قرأ الفتاة كما يحب !
و لم يجرؤ أحدٌ أيضاً أن يفتح هذا الكتاب و يقرؤه بشكل أفضل !

/

خطبها ذات يوم إمام المسجد و كان تاجراً أيضاً , لا يهم ! المهم أنّـه إمام مسجد !
كلّم والدها فرح والدها و استبشر خيراً و طمأنينة !
لكن كل ذلك زال بمجرّد أن همس الإمام في أذن هذا الأب قائلا :
" لكنني أريدها مسيار لا أحد يعلم عنها شيء أبداً " !
سحقا ً لم يتوقّع ذلك , بالطبع رفض !
و عاد لـ يمارس دوّامة مشاكله في الحياة من جديد !

/

استمرّت الحياة , و استمرّت كل تفاصيل الألم , فكل شيء ظل كما هو !
حتى الأربعة أشهر نمت إلى ستة أشهر قادمة ! و يستمر العذاب !
خرج الاب من صمته , بل و خرج من عباءة خوفه , انطلق صارخاً في الشوارع
في الحارات , خلف الأسواق و العمارات يصرخ بكل صوته :
لقد تعبت .. تعبت .. أنقذوا أولادي و اتركوني في ألمي فأنا قادر على حمل همّي!
أنقذوهم ! ... مضت الساعات لم يجبه أحد و لم يمر عليه
سوى سيارة صدحت بأعلى صوتها : الصلاة .. الصلاة يا عباد الله !

/

استعاذ بالله من الشيطان الرجيم , و ذهب لـ يتوضّأ و يصلّي
و هي في قمّة يأسه و غضبه !
كان المسجد المقبل عليه مليئا ً بالناس من حوله
استغرب أيضاً الوجود الأمني المكثّف .. لكنه لم يعبأ به ..!
قال في نفسه : الأمن يتواجد في كل مكان في البلد..
سحقا ً هم مسلمون مثلنا سوف يصلّون أيضا ً !

حينما هم بالدخول إلى دورات المياه
وجدها ممتلئة جداً فلا يستطيع حتى الدخول إليها !
ضاق ذرعا ً بهذا الزحام , و هو المخنوق ممّا فيه !
قال " بغضب " لمن يقفون عند الباب :
ابتعدوا لـ نتوضّأ لما هذا الزحام ؟ ابتعدوا !
رد عليه أحدهم بأسلوب شديد و لغة وعيد :
اسكت , إنّه النظام يا أبله !
اشتطّ غضبا ً عليه الأب فرد عليه بأسلوب قوي جدأً :
(( إذا هذا هو النظام .. فـ ليسقط النظام ! ))

/

لم يتغيّر بيت هذا الرجل , و لم يهدم أو يسرق..
طفل معاق , فتاة " عاطلة " أو " متعطّلة " كما كان يناديها
و زوجة ازدادت صبراً و ألماً عن ذي قبل !
و أب ٌ "كان" معهم , قبع معتقلا ً سنوات بـ تهمة محاولة قلب النظام !
حوكم بعد تلك السنوات التي قضاها دون محاكمة
... حوكِمَ بالسجن خمسة عشر سنة ! مع منع السفر !
وكأنه كان يمتلك حق ما يأكله حتى يسافر !

/

كل ما بقي ...
طفلٌ معاق , فتاة " عاطلة " أو " متعطّلة " كما كان يناديها
زوجة ازدادت صبراً و ألماً !
... و طـن ٌ أصبح أكثر نفاقا ً !




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !