.. وتتوالى الكوارث "من أجلك أنت"!

لم يكن حادث الجاموسة أول حوادث القطارات في مصر ولن يكون الأخير، فقد تعودنا منذ سنوات ليست بالقليلة على اصطدام الحديد بالحديد لتنفجر نافورة دماء الأبرياء، مؤكدة أن الحكومة تحاول حل مشكلة زيادة السكان بأي طريقة، ومنها الكوارث التي تزهق أرواح بعض المواطنين فترتاح الحكومة منهم ومن همومهم إلى الأبد.
توالت حوادث القطارات، ولم تعد مفاجأة أن يقع حادث جديد، فغير العادي أن يمر عام كامل دون أن يقع حادث ولو صغير، ويذكرنا تقرير لموقع "بي بي سي" بحوادث القطارات في السنوات الأخيرة، وأبرزها أكبر حوادث القطارات في التاريخ المصري، حادث عام 2002 "عندما شب حريق في قطار مكتظ أثناء سيره مما أسفر عن مقتل زهاء 361 شخصا معظمهم احترقوا بعد أن فشلوا في الخروج من العربات المشتعلة".
ويشير التقرير إلى أنه في يوليو 2008 قتل 44 شخصا على الاقل عندما اصطدم قطار بحافلة ركاب بالقرب من مدينة مرسى مطروح. وفي أغسطس 2006 قتل 58 شخصا على الاقل وأصيب 144 في اصطدام قطارين كانا يسيران على السكة نفسها.
ويذكر التقرير أنه "يعود سبب معظم الحوادث في العادة إلى ضعف صيانة العربات والقاطرات واستمرار الاعتماد على العنصري البشري في مراقبة حركة التسيير".
ويأتي حادث العياط الأخير "حادث الجاموسة" قبل المؤتمر السادس للحزب الوطني الذي رفع شعار "من أجلك أنت"، ويقصد الحزب بـ"أنت" المواطن البسيط، ومن الغريب أن يتذكر الحزب الوطني المواطن الفقير، رغم أنه لا تبدو أمارة واحدة على اهتمامه به، فكل تركيزه على أصحاب المليارات والثروات المتضخمة، أما الفقراء فهم خارج حسابات الحزب الحاكم.
الحزب الوطني عندما رفع شعاره الجديد لم يخبرنا ما الذي سيحدث "من أجلك أنت"؟، هل هو خير أم شر؟ لم ينبئنا أحد. وأعتقد أننا نجد الإجابة في الواقع المعاش، وحادثة الجاموسة جاءت قبل المؤتمر مباشرة لتقول لنا: من أجلك أنت –أيها المواطن البسيط- تتوالى الكوارث، من أجلك أنت.. اصطدم القطاران في العياط، من أجلك أنت.. راحت أرواح المئات في حوادث القطارات في السنوات الأخيرة، من أجلك أنت.. مات 8 آلاف شخص في حوادث مرورية خلال عام 2008 فقط، من أجلك أنت.. أصيب الناس بالتيفود في قرية البرادعة بعد أن شربوا مياه الشرب مخلوطة بالمجاري، من أجلك أنت.. يشرب المصريون الماء ملوثا ليصابوا بأمراض تفتك بالآلاف منهم، من أجلك أنت.. يأكل المواطنون الخضراوات والفواكه المروية بماء المجاري لتعتل صحتهم وينقص عددهم، من أجلك أنت.. انهارت الصخور على سكان الدويقة لنريحهم من الكد والتعب بحثا عن لقمة العيش، من أجلك أنت.. انتشرت تلال القمامة في جميع الأحياء لكي نبني أهراما جديدة لكنها من الزبالة، من أجلك أنت.. انهار التعليم وصارت الدروس الخصوصية صاحبة الكلمة العليا، من أجلك أنت.. صار العلاج بالمجان أمرا مستحيلا، من أجلك أنت.. انتشر فيروس الكبد الوبائي والسرطان وهيأنا لهما المبيدات المسرطنة، من أجلك أنت.. نشرنا البلطجة في كل مكان في مصر، من أجلك أنت.. أصبح قضاء مصالحك والحصول على حقوقك بتفتيح المخ ووضع الإتاوة في الدرج، من أجلك أنت.. رفعنا الأسعار ونسعى –بكل جهدنا- إلى رفع الدعم، من أجلك أنت.. نفكر كل يوم فيما لم يتم بيعه من ممتلكات الشعب لنبيعه ونتخلص منه، وإذا لم نجد شيئا نبيعه سنبيعك أنت.. من أجلك أنت!.
إبراهيم عبدالمعطي
iabdelmoaty@gmail.com
(نشر في جريدة الوفد المصرية يوم السبت 31 أكتوبر 2009)