مواضيع اليوم

..كلمة في تجمع نحوتشكيل ( تيار وطني قومي تقدمي )

حسن الطوالبة

2011-12-16 20:20:58

0

     بسم الله الرحمن الرحيم

 

..كلمة في تجمع نحوتشكيل ( تيار وطني قومي تقدمي )

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

نجتمع اليوم في ظروف صعبة وشائكة , تمر بها الامة العربية , ونحن في الاردن جزء منها نعاني من التحديات ذاتها . ولابد ان نعترف انه لاتوجد امة في العالم  عانت مثلما عانت الامة العربية , حيث تعرضت للغزو والاحتلال من الشرق ومن الغرب , وكانت تنهض من تحت الرماد بهمة ابنائها وعقولهم النيرة . وكان الغرب الراسمالي الراصد بعيونه الحاقدة يتامر على الامة وعلى خيراتها , وبالذات عندما تم اكتشاف النفط في ثلاثينات القرن العشرين . ولم يكتف الغرب بالنهب بل عمد الى تقسيم المشرق العربي وفق اتفاقية ( سايكس ـ بيكو ) , ومنح اليهود ( وعد بلفور ) الذي تم بموجبه زرع  الكيان الصهيوني , وصار خنجرا في قلب الوطن العربي .

عانى الاردن من مؤامرة التقسيم والانتداب , وتأخر مع المتاخرين في الوطن العربي ,بسبب السيطرة الحكومية وتسلطها على القوى والاحزاب الاردنية ومنعها من العمل بين الجماهير , الامر الذي جعلها محكومة بالعقلية العشائرية طيلة العقود الماضية .

ايها الرفاق : من نحن ؟ ماذا نريد ؟ هل نريد ان نشكل حزبا سياسيا ؟ ام نريد تشكيل جبهة قومية عريضة ؟ هل نحن تيار ؟

اعتقد اننا غير كل ذلك . لن نختلف على التسمية , ومهما كانت التسمية سنظل جزءا من نسيج المجتمع الاردني , عانينا مع الشعب كل معاناته خلال العقود الماضية , نالنا من الظلم الكثير على يد الاجهزة الامنية , فمنا من سجن او هجر او طرد من وظيفتة , او حرم من الوظائف العليا . وهذا الواقع المر حال دون ان تنهض الاحزاب القومية وتكسب المزيد من الانصار من ابناء الشعب .ولابد ان نعترف ان خمول الاحزاب القومية وانحسارها في حدود ضيقة من النشاط والكسب , كان سببه ايضا القيادات التي قلدت الحكام في الاحتفاظ بمقعد الزعامة الحزبية زمنا طويلا , وقد جسدت نموذج الحكام الذين صار طموحهم ان يكونوا مثل الملوك يورثون الحكم لابنائهم . مما حال دون صعود الشباب الى مراكز القيادة الحزبية . ومن هذا الواقع علينا ان لا نقع في المرض الذي وقعت فيه الاحزاب , اي ان تكون المواقع القيادية لمن لديه الاستعداد للعمل والتضحية , سواء من الكهول او من الشباب .

اننا افراد ننتمي الى التيار القومي قد يجمعنا اطار تنظيمي فضفاض لا يتقيد بقيود الانظمة الداخلية للاحزاب , ومهما تكون التسمية فانها تظل جزءا من الحركة النضالية العربية , وتفتح ابوابها امام كل القوميين المؤمنين بالفكر القومي دون تمييز على اساس الدين او القومية او الطائفة او الجنس . اننا نستمد فكرنا النضالي من روح العقيدة الاسلامية والتراث القومي . ونستمد اصالتنا من التاريخ العربي الانساني المجيد . وعلينا ان نقر ان الظروف المرحلية والواقعية تفرض توحيد ادوات العمل من اجل تحقيق اهداف امتنا وشعبنا الاردني .

وعلى الصعيد القومي فاننا جزء من الحركة النضالية العربية التي تجاهدمن اجل تحرير فلسطين , وهذا الهدف يحتم علينا ان نقيم علاقات كفاحية مميزة مع كل القوى والفصائل المجاهدة لدعم كفاح الشعب الفلسطيني من اجل تحرير ارضه من الاحتلال الصهيوني .في ضؤ هذه المبادئ نقف بشدة ضد كل الحلول السلمية التي تفرط بالارض , وبحق العودة , واستعادة القدس الشرقية بكل المقدسات السماوية الثلاث . ومن اجل ضمان الاستقلالية علينا ان لا نرتبط بأي نظام عربي او ندافع عنه , بل نتبنى الدفاع عن حق المواطنين العرب في نيل الحرية والكرامة والعدل والمساواة .والدفاع عن القضايا المصيرية التي فيها مساس بوحدة الارض العربية , ومساس بالمبادئ والقيم العليا .

وفي الاطار الديمقراطي نؤمن بالتعددية السياسية سبيلا لاقامة حكم مدني قائم على الفصل بين السلطات . والعمل مع القوى السياسية في الساحة الاردنية التي تؤمن بالمبادئ التي نؤمن بها , ومنها القوى الاسلامية , وممارسة كل اشكال النضال الشعبي السياسي الاعلامي والجماهيري , واقامة علاقات وثيقة مع مؤسسات المجتمع المحلي في كل المحافظات , ومع النقابات والاتحادات المهنية والروابط الثقافية والاجتماعية , ونؤمن بضرورة الحوار مع القوى الوطنية في الاردن التي تؤمن بالحوار الحضاري , والاعتراف بالاخر وقبول راية بعيدا عن افكار الاقصاء او الاحتواء ومصادرة الافكار , ونقف بالضد من العقلية العشائرية التي اعتمد عليها النظام طيلة العقود الماضية  .

ايها الرفاق : ارى من الضروري ان نتوقف عند بعض القضايا العربية والمحلية لتكون ارضية للنقاش والحوار بيننا اليوم وغدا مع رفاق اخرين على مستوى المحافظة والوطن كله .

اولا : الموقف من النظام في الاردن ..   نقر بالدستور الاردني حكما بين المواطنيين والسلطة , ونقر بالحكم الملكي الوراثي , وبفصل السلطات , وبالتعددية السياسية وتداول السلطة من خلال انتخابات نزيهة وشفافة بعيدة عن المحاصصة المناطقية . ونؤمن بالعمل الديمقراطي والسعي لاخذ دورنا في الحكم من خلال مجلس الامة بفرعيه النواب والاعيان .

ثانيا : الانتفاضات العربية ..هذه التسمية هي الاقرب الى ما يجري في الاقطار العربية , فالربيع العربي مستوحاة من ( ربيع براغ ) , كما ان كلمة ثورة لا تنطبق على الحراك الشعبي العربي , لان الثورة لها قيادة واهداف والية عمل قبل الثورة وبعد نجاحها .

نحن مع الانتفاضات العربية لاننا نقف في صف الجماهير لاحداث التغيير على قاعدة الخيار الوطني والقومي والديمقراطي . ونرفض اسلوب الحل الامني في معالجة الازمات السياسية , ونقف ضد عسكرة الانتفاضات الشعبية لحساب المخططات الاجنبية للحؤول دون تشويه الوجه الديمقراطي للحراك الشعبي , وقطع الطريق على اية محاولات للتدخل الاجنبي , وعدم الانزلاق الى اتون الصراعات المذهبية والطائفية , والحفاظ على وحدة كل قطر عربي في وجه مؤامرات التقسيم والتفتيت.

ثالثا : التدخل الخارجي ..ما زالت اثار الغزو الاجنبي للعراق ماثلة للعيان , وندرك انه لولا الدعم العربي الرسمي  وتوفيره مستلزمات الغزو في البر والبحر والجو لما تمكن الغزاة ان يطؤوا ارض العراق , ولولا تعاون القوى العراقية المعارضة لنظام الشهيد صدام حسين  مع الاستخبارات الاجنبية , وتقديم المعلومات المضللة والكاذبة وتعاون نظام ملالي ايران مع الغزاة بالسكوت عليهم , لما تمكن الغرب من تحريض الدول للتكتل مع قوات الغزو وشن العدوان على العراق .

لقد خلق الغزو والاحتلال الامريكي واقعا مأساويا في العراق , فساد القتل على الهوية الدينية والطائفية , وتوسعت دائرة الارهاب , وصارت ساحة العراق مسرحا لاجهزة الاستخبارات الاجنبية . ونشهد اليوم ابشع صور التقسيم من خلال الدستور الذي وضع اسسه بريمر وجون بايدن ,واقر مسالة الفيدراليات , وعادت شركات النفط الاجنبية الى العراق لسرقة ثروة الشعب العراقي .تلك الثروة التي اممها صدام حسين عام 1972 .وفي مقابل هذه الصورة الماساوية هناك صورة زاهية مشرقة هي صورة المقاومة العراقية التي بدات يوم التاسع من نيسان في معركتي الاعظمية والكرادة اللتين قادهما الشهيد صدام حسين بنفسه , وتعززت المقاومة بانشاء ( جيش محمد ) من خيرة المناضلين والضباط المحترفين . المقاومة التي مرغت انف القوات الامريكية في التراب , اجبرت الادارة الامريكية على اتخاذ قرار سحب القوات مع نهاية العام الجاري .

في ضؤ ما حصل في العراق , ندين قرار جامعة الدول العربية الذي منح الغرب فرصة التدخل في الازمة الليبية من خلال ( حلف الناتو ) .وقد تسير ليبيا الجديدة باتجاه الاحتراب بعد ان تخلص الليبيون من معمر القذافي ونظامه الاسري المستبد .

رابعا : الازمة السورية .. في ضؤ ما وقع للعراق وليبيا , ننظر للازمة السورية من منظار واقعي عقلاني .ويكمن اهتمامنا بهذه الازمة لاننا دولة مجاورة نتأثر بما يجري فيها , ولان لنا علاقات اجتماعية وسكانية وتاريخية عميقة في التاريخ مع السوريين . نرى ان عناصر الازمة السورية تنحصر في النظام اولا والمعارضة ثانيا . ومثل هذه الحالة لابد من طرف ثالث , وهذا الطرف هو جامعة الدول العربية  التي هي صورة للنظام العربي الرسمي , ومع ذلك فقد قدمت الجامعة مبادرة سميت المبادرة العربية فيها عناصر ايجابية لحل الازمة اذا توفرت النية الصادقة والحرص على سلامة سوريا ارضا وشعبا .

خلقت الازمة اصطفافات محلية سورية بين موال للنظام ومعارض له . وتطورت الازمة واحدثت انشقاقا في الصف السوري الرسمي على مستوى الجيش والشعب .كما خلقت مواقف اقليمية , فتركيا ضد النظام ومع المعارضة , وايران مع النظام وضد المعارضة . ومواقف دولية فروسيا والصين مع سوريا سياسيا واعلاميا , وهذا الموقف ليس كله حبا بالنظام السوري , بل هو خطوة باتجاه خلق نظام متعدد الاقطاب , ويقابله موقف دول الغرب التي ركبت موجة الانتفاضات العربية لتحقيق مصالحها .

النظام السوري يعتمد الحل الامني معتمدا على حلفاءه الاقليميين والدوليين ,ومع مرور الوقت تتعقد الازمة وتدخل فيها عناصر جديدة , وقد تصل الى مرحلة التدويل , ولاسيما ان هناك من يدفع بهذا الاتجاه من الدول العربية والاقليمية والدولية , فما هو الحل ؟

ان الرؤية العملية والعقلانية تقضي السير في خطوات عملية كالاتي : على النظام ان يستجيب للمبادرة العربية رغم قناعته انها تدخل في سيادته واستقلاله , للحفاظ على وحدة سوريا ارضا وشعبا , والاقتناع ان التنازل امام الشعب فضيلة , والتنازل امام الاجنبي نقيصة , تذمها الاجيال اللاحقة . وعلى النظام ان يعترف بالمعارضة لان عناصرها هم من ابناء سوريا وليسوا غرباء, ومن حقهم العيش في بلدهم والاشتراك في حكمه ,وبالمقابل ان تقر المعارضةان النظام جزء من الحل , ويصعب تجاوزه ما دام يملك القوة الامنية التي تطيل عمرة وتعقد الازمة , وعلى المعارضة ان تتخلى عن مطالبتها او مطالبة قوى منها الاستعانة بالقوى الاجنبية لاسقاط النظام . وعلى الطرفين ان يستجيبا للحوار تحت قبة الجامعة العربية بنية صادقة , ويكون الحوار من اجل الحل وليس من اجل الخداع واطالة زمن الازمه , وعلى اطراف الجامعة العربية التزام الحياد والعمل بنية صادقة ايضا , واستبعاد فكرة الاستعانة بقوى خارجية .

ايها الرفاق .. ما قدمته قد تتفقون عليه وقد تختلفون عليه , ولكنه كما اعتقد يشكل ارضية للحوار بيننا اليوم وغدا , مع حرصي ان لا نلزم انفسنا بدستور او وثيقة تقيدنا في المستقبل ,

اشكر اصغائكم واعتذر عن الاطالة والسلام عليكم .

                               11/12/2011    

  

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !