ونحن نتحدث عن مسار "اركانة" الذي انحرف عن الطريق السوي، ووجد أصحابه انفسهم مجبرين على إرسال نداء الاستغاثة، بعد غرق العبارة التي انطلقت و على متنها 21 مستشارا لم يتبقى منهم سوى قلة من المستشارين لازالوا يَمُنون النفس بحدوث معجزة الباخرة القادمة من المياه الدولية لعلها تنقذهم من غرقهم المحقق، خرج علينا البطل المغوار ، شريف زمانه، مدافعا ومنافحا عن أصله وفصله متوهما أننا قدِمنا للتو الى هذه المدينة السعيدة وأننا نجهل من هو وابن من ومِن أين اتى وكيف كان وماذا يريد.
واذا كان يعتقد أن بمقدوره خدش صورتي بأنامله المعاقة، فليطمئن بأن عنوانه هو أخر مكان يمكنني أن اقصده إن أنا تعِبت في الحصول على شهادة حسن السيرة والسلوك.
فشمس الحقيقة التي لن يستطيع إخفاءها بغرباله المثقوب عن أخره، هي التي تحول دون قدرته على قراءة موضوعية للأمور، وما عليه إلا أن يستعد لعَدِ كؤوس النقد التي اختار بمحض إرادته تجرع مرارتها جراء عطشه الحاد و اللامحدود للنيل من سمعتي والتي يحلم بان يتمتع بجزء يسير منها . أما العبد الضعيف، محرر هذه الاسطر، فلست سوى قارئ لتجربة التسيير الجماعي، التي لا أنكر انني جزء منها حتى انقلبت علي حُفنة من المتآمرين والكذابين، الذين جيشوا بعضا من "المستعارين" و"المستعارات" لنفث سمومهم في أحياء المدينة التي تفطنت لمغزى رسائلهم الملغومة، والتي كانت غالبا تنفجر حتى قبل أن تصل الى أهدافها المرسومة بعناية، أضف الى ذلك أني اكتب كل يوم، دون عقدة أو خجل، عن أرائي الحرة حولها، تماما كما أكتب حول ما يقع هنا وفي أي مكان أخر من هذا العالم على عمود على مجلة "مشاهد"، يملك الجميع الحق في التعليق عليه ما يشاء من تعليقات.
ولو أن صاحبنا علق على الخبر المقدس لاحترمنا رأيه الحر، إلا أنه بدل أن يتحدث عن واقع التسيير الجماعي و يعترف باحتلال ذوي القربى للكتابة الاقليمية للحزب الاشتراكي ومنتدى "افني آيت باعمران" ، تذكر رياضة أجداده، وبدأ بالقفز على الحقائق بقفزاته البهلوانية المعروفة، التي كنا نتابع عروضهم المشوقة في "الحلقة" أيام كان سيدي افني يئن تحت سلطة الباشوات الذين كانوا يحركون البعض كالدمى التي تؤنس وتنشط لياليهم الماجنة.
إلا أن ممارسة أخرى اكتسبها، بعد وصول العائلة المحترمة إلى هذه المدينة الساحلية، في سبعينيات القرن الماضي و طور مؤهلاته فيها، إنها رياضة "ركوب الامواج". ولهذا فبمجرد أن تلوح في الافق أي فرصة تعِد بالوصول الى شاطئ الاستعراض والظهور، فهو لا يرى حرجا من أن يلغي فضائل الأخرين و ينسِب لنفسه إنجازات غيره.
لقد كانت سياسة الكذب والاشاعة هي الرأسمال الذي ملأ رصيد هؤلاء الهؤلاء منذ أن عرفناهم في هذه المدينة، إلا أن مشكلتهم الحقيقية ليست هذه بالضبط وانما تكمن في عيشهم في سجن الوهم الكبير والذي يعتقدون من داخله أنهم قادرون دوما على خداع الاخرين.
فثقل الماضي الاسود الذي يجرونه وراءهم يحرمهم من تلك الرغبة في الالتفات الى الوراء خشية اكتشاف الحقائق المخجلة، ويفضلون بالمقابل الهروب إلى الامام و رفع الصوت على أسيادهم في محاولة يائسة لتحريف النقاش عن مساره الصحيح، وفي هذا النزاع الداخلي بالضبط ينتج ما يمكن تسميته بحالة انفصام شخصي مزمن يستحيل معه التعايش مع شخصيتين متناقضتين تهددان باستمرار نظامهم الداخلي المهترئ.
واذا كان هناك من منبوذ على هذه الارض فهم هؤلاء الذين استباحوا كرامة المواطن وداسوا عليها حتى قبل أن نعرف نحن أحداث السبت الأسود بسنين طويلة!
أما أنا والحمد لله على نعمته التي منحني إياها، فالأحزاب السياسية، التي يتحدث عنها، بما فيها حزبه اللاديمقراطي، هي التي منحتني شرف الحديث باسمها، وفي اكثر من مناسبة، بالرغم من اختلافي معها، وهو الشرف الذي لن تحظى به هذه النكرات مهما طال بها المقام هنا.
لنكن واضحين، فتجربة "اركانة" لم تعد تتمتع لا بالمصداقية ولا الشعبية في الشارع المحلي، والسبب وراء ذلك كله هو سلوك مسؤوليها المنافي لكل الوعود والتعهدات التي لم تهتدي الى طريق الممارسة، لغياب قيادة حكيمة و متبصرة ومرشدة، فتفرقت بهم السبل و تاهوا في خضم الاكاذيب وتصفية الحسابات الشخصية وضيعوا بذلك الجهود في بحث عبثي عن أضواء للخروج من نفق الكولسة. واتحدى، اليوم، أيا كان من هؤلاء الذين لم ولن يتوقفوا عن تمجيد تجربة "اركانة" المفلسة من موقع الحزب ـ العائلة، أن يخرجوا من جحورهم ويتحدثوا الى المواطنين عن انجازاتهم الباهرة.
أنا اعترف بأن الانجاز الكبير الذي حققه مشروع "اركانة"، لحد الان، هو ان هذه الاخيرة قلبت الطاولة على الجميع فاختلطت بذلك كل الاوراق المتناثرة، و أسهمت في تفتيت وحدة الجماهير التي دعمت تجربة التسيير الجماعي و كرست الى جانب ذلك كله حضور ذوي القربى في كل المواقع وزرعت رياح الخذلان و اللا ثِقة في حقل السياسة الملغوم و الذي لن تحصد منه في الفصول القادمة سوى عاصفة الغضب.
التعليقات (0)