التوصيات التي خرجت بها لجنة الاتصال الدولية حول ليبيا في جولتها الثانية بالعاصمة القطرية الدوحة تحمل الكثير من الخطورة في طياتها واستمرارا للانتهاكات الدائمة للقرارات الدولية من طرف القوى الكبرى و مصادرة ارادة المجتمع الدولي الحر الباحث عن الاستقرار و السلم، من بين هذه القرارات اعتبار الدول المجتمعة في لجنة الاتصال ان المجلس الانتقالي الذي يقود تمردا عسكريا ضد السلطة الشرعية بمثابة الجهة الشرعية الوحيدة للشعب الليبي علما ان مدينة طرابلس لوحدها التي ترفع الرايات الخضراء و صور العقيد بها نصف الشعب ناهيك عن سرت و سبها و صبراتة و زوارة و الزاوية و غيرها من المدن و هذا سيكون سابقة للتدخل في الكثير من البلدان التي لا تتوافق و المشاريع و الوصاية الغربية.
حينما امر الرئيس السابق جورج بوش الابن في 2007 بتأسيس القيادة الامريكية لإفريقيا " افريكوم " و قد كنا نتابع التدخل الامريكي في العراق و صور التدمير و الاشلاء و الدماء و انتهاك الاعراض و ترويع الاطفال و النساء و الشيوخ و التهجير و القتل على الهوية و المذهبية ادركنا ان القارة الافريقية ستكون مع هجمة عدوانية تحت ستارات متعددة كحقوق الانسان و التدخل الانساني و احلال الحرية و الديمقراطية و بالتأكيد فان الدول العربية في شمال افريقيا ستكون في صلب هذه العناوين من اجل تقديم المزيد من التنازلات اما التي ستسعى الى الحفاظ على سيادتها و مصالحها الوطنية فسوف تتعرض الى هزات عنيفة تحت ذرائع شتى كحركات اجتماعية احتجاجية او ازمة شرعية و لعل الرابط الذي يجمع بين مبارك و القذافي و بن علي رفضهم المطلق لإقامة القواعد العسكرية الامريكية التي تقتضيها عملية افريكوم، لهذا عبرنا عن تحفظنا و شكوكنا في الانتفاضات التي جرت في مصر و تونس و ليبيا منذ بدايتها بخلاف ما يجري من ثورة حقيقية في بعض دول المشرق العربي كسوريا و تحركات شعبية في العراق و لبنان و فلسطين ومنطقة الاحواز العربية في ايران.
حتى الان اظهرت الحملة الجوية التي يقودها حلف الناتو على ليبيا عقمها و عدم جدواها في الدفع بالشرعية التاريخية الى التنحي و الرضوخ و احداث واقع ميداني " للمدنيين " المسلحين بكل الترسانات العسكرية !!! يكون قادرا على الاطاحة بحكومة طرابلس من الداخل رغم الدعم الاستخباراتي و الامني و التوجيهي الامريكي الفرنسي البريطاني الذي يلقاه " المدنيون " ليبقى حل التدخل البري هو القادر على حسم معركة الانقلاب على الشرعية الليبية و هذا يعني اننا سنكون امام نفس السيناريو الذي جرى في العراق و لكن باسم التدخل الانساني و قد بدت ملامح الغزو البري تظهر في اعلان الولايات المتحدة إنشاء لجنة اعمار ليبيا و عدم تسليح المتمردين بدعوى وجود القاعدة و عزم الناتو القيام بإنزال بحري و جوي لإغاثة " المدنييين " المسلحين في ميناء مصراته التي تعد ثالث اهم المدن الليبية و ذات الموقع الاستراتيجي بين سرت و طرابلس و سقوطها في ايدي الناتو سيشطر القوات الحكومية الشرعية الى جزئين جزء سرت - البريقة و جزء طرابلس و ضواحيها مما سيسهل الدخول الى العاصمة الليبية وفق الخطة البرية للناتو.
اذن و نحن في ذكرى عدوان ابريل 1986 سيكون ميناء مصراته هو الفيصل في حسم الصراع بين الشرعية و اغتصاب الشرعية و سيكون الشعب الليبي و قيادته التاريخية حجر الرحى في معركة المصير و الوجود في ظل الانقسام الدولي حول العملية العسكرية للناتو اخرها قمة رؤساء الدول الناشئة التي تضم روسيا، الهند، الصين، البرازيل، و جنوب افريقيا التي رفضت استخدام القوة العسكرية و أكدت على الحرص على وحدة و استقلال وسيادة ليبيا.
التعليقات (0)