و نحن نشاهد احرار ليبيا و هم في طريقهم لتطهير بن جواد و الزاوية و راس لانوف و البريقة و زوارة و اجدابيا من الثيران و ليس الثوار نظرا لحجم الدمار الهائل الذي يخلفونه كلما حلوا بمنطقة ما، كنا نتمنى ان نرى وجه كوندليزا رايس قناة الجزيرة وضاح خنفر الذي بشرنا بعالم عربي جديد على شاكلة الشرق الاوسط الكبير الذي اعلنته وزيرة الخارجية الامريكية في فترة غير المأسوف على رحيله جورج بوش غداة عدوان تموز على لبنان.
اخر الدعابات البائسة لكوندي الجزيرة العمل على اقحام اسرائيل في لعبة التفتيت التي يبشر بها كلما توقف مشروعه و حلمه حتى غدت فكرة ربط تل ابيب بالأنظمة في قمع شعوبها داخل كتيبته و بين اتباعه و تسويقها اعلاميا نوعا من الترويح على انفسنا التي تشاهد صور التدمير و التخريب التي يلحقها ثوار اخر الزمن او ثيران العولمة.
الاكيد ان كوندي الجزيرة لا يعرف و لا يقرأ التاريخ و التجارب السابقة و اعتقد انه من خلال تغطية اعلامية تضليلية تستغل ثقة الشعوب في قناته يستطيع ان يقيم ثورات و يسقط انظمة و يوزع شهادات الكرامة و الوطنية و العمالة و الخيانة من مكتبه الذي يطل على بحر من جنود المارينز الذي يحمي ولي نعمته ،لذا نطلب منه هو و فريق عمله ان يرحل الان و فورا جريا على اللازمة الشهيرة التي استعملها براك اوباما حين سمح لنفسه بكل عنجهية و صفاقة ان يتدخل في شؤوننا الداخلية.
ان المحنة و المؤامرة التي تتعرض لها ليبيا رغم قوتها وبشاعتها و تحالفاتها و تشابكاتها سمحت لنا ان نتعرف الى شعب عظيم و اعلام صادق و رجال دين حقيقيين و زعيم هو فعلا ملكية عامة و مرجعية في حب الارض و التراب و العرض و الشرف و الكرامة و الشموخ و العزة و الانفة و الكبرياء و كل قواميس المجد و النخوة........شعب و اعلام و رجال دين و زعيم اسقطوا مشاريع التقسيم التي تنتظر كل المنطقة تحت اسم التونسة و صنعوا تاريخا جديدا اسمه الليبنة او حين يكون نداء الوطن اكبر من الاخطاء و يرتفع عن الاهواء و المصالح الذاتية.
لقد كتبت سابقا تعقيبا على الفوضى التونسية اننا نعيش وهما كبيرا اسمه الثورة و كتبت سابقا عن الفوضى المصرية و اعتبرتها زوبعة في فنجان و الهدف هو مصر و دورها الاقليمي و ادخالها في حالة من عدم الاستقرار و فتح الباب للتناقضات الداخلية و هو ما يحصل اليوم و قلت ان شباب الفوضى بوك المتحمس و الذي ينشد الحرية و العدالة سيعمل على احداث المزيد من التقسيم و التفتيت لأنه لا يفهم صفقات الابواب المغلقة و الجغرافيا السياسية و زواريب لعبة الامم و قد امنت بما كنت اعتقده و راهنت كثيرا على المعطيات و الحقائق و اليوم بدا ذلك واضحا حين سقط مشروع الانفصال في ليبيا و حين هرولت دول الخليج و دراعها العسكري لنجدة النظام البحريني من مشروع تقسيم اخر كان ينتظر المنامة رغم استجابته لكثير من المطالب المرفوعة في دوار اللؤلؤة لكن اتباع علي خامنئي و انطلاقا من التقية التي تعد جزءا اساسيا من البنية الفقهية لدى اصحاب العمائم كان لها شيئا و هدفا ليس بالتأكيد استمرار النظام الحالي السني .
من السخرية انه في الوقت الذي نضع ايدينا على قلوبنا و نحن نشاهد ان عالمنا العربي مرشح للتقسيم الى 54 او 56 دويلة انسجاما مع نظرية الفوضى الخلاقة تخرج علينا جثث من زمننا الرديء لتحدثنا عن الشرعية و حقوق الانسان و ارادة الشعوب فجامعة الدول العربية و منظمة المؤتمر الاسلامي و مجلس التعاون الخليجي التي تحمست حماسا منقطع النظير لفرض حظر جوي على ليبيا بل و الانكى من ذلك التوجه الى مجلس الامن لتحقيق هذا المسعى يجعلنا مطالبين بعد مرور هذه السحابة السوداء الى اعادة دفنها و الى الابد دون تقديم عزاء و درف دموع الفراق، من السخافة كذلك ان يكون هكذا خطاب ديني لا يشتم منه الا التحريض على الدماء و القتل و الموت و يغفل عن الرسالة الحقيقية و السامية لنصوص الدين من طرف اشباه الشيوخ الذين نعرفهم واحدا واحدا و الذين سنقيم عليهم حد الحرابة لدعوتهم الى الافساد في الارض و تحليل اعراض الناس بدل ان نكفرهم كما يكفرون من يقول لا اله الا الله.
في انتظار هروب محمد عبد الضليل و علمه الملكي المهترئ الى باريس ستبقى الراية الخضراء خفاقة و عنوانا على التحدي للمشاريع التقسيمية و ارتباطا بالوطن و حب الرموز مهما كانت المطبات.
التعليقات (0)