الفشل الذريع الذي واجهه الإخوان المسلمون في مصر خلال انتخابات مجلس الشعب و قرار الانسحاب من جولة الإعادة بدعوى التزوير و مصادرة الإرادة الشعبية، لا يخرج عن نطاق الخلل الفكري لدى حركات الإسلام السياسي في وطننا العربي في بلورة مشروع مجتمعي حقيقي قادر على الاستجابة للرهانات و الانشغالات المطروحة بعيدا عن الاستغلال المفرط للنص المقدس و التراث.فقراءة سريعة لتجارب الأنظمة التي اتخذت الشريعة الإسلامية مدخلا لبناء الدولة لمحاكاة دولة المدينة تبرز محدودية العامل الديني اليوم في بناء السلطة الدنيوية فالسلطة لا ترتبط بحق الهي يؤسسها و إنما ترتبط بمهارة شخص الأمير و بقوة قدراته الخاصة كما يقول ميكيافليي في كتابه " الأمير ".
كان بوسع المرشد العام للإخوان محمد بديع قبل أن يستل سيف التهديد بالخيارات المفتوحة لتبرير قرار المقاطعة أن يتجه إلى تقييم تجربة الإخوان في خوض المسألة السياسية و دعوة المعارضة ككل إلى المساءلة الذاتية للسلوك و الأداء السياسي و التأطيري و الانتخابي و بدل أن يتحدث عن التزوير و التضييق كان عليه آن يعكف على دراسة و الوقوف مليا أمام نسبة المشاركة الانتخابية المتدنية الحقيقية.
إن النتائج التي حصل عليها الإخوان المسلمون في انتخابات مجلس الشعب 2005 و التي اعتبرها المرشد السابق محمد مهدي عاكف استثمارا للإيمان بالفكرة السياسية الدينية أصبحت تطرح علامات استفهام بعد السقوط المريع في انتخابات 2010 و هذا يعزز فرضية المنة و الإكرامية التي قدمها النظام لترتيب الوضع الداخلي وسط ظروف إقليمية متشنجة آنذاك في العراق و سوريا و لبنان و فلسطين.
لقد شكل شعار " الإسلام هو الحل " عنوانا بارزا و رئيسيا منذ نشأة الجماعة في الإسماعيلية و خاضت به كل صراعاتها و مناكفاتها مع النظام السياسي الحاكم غير أن اليوم لم يعد قادرا على الاستقطاب و التعبئة فذكاء اللجنة العليا الانتخابية و من وراءها النظام في حظر الرموز و الشعارات الدينية خطوة محسوبة لنزع ورقة التوت عن تيار الإسلام السياسي و الذي ظهر عاجزا في ترويج رؤيته الانتخابية.
ولعل من مكر الصدف أن يتزامن تراجع الجماعة الشعبي مع تسريبات موقع ويكيليكس التي تحدثت عن العلاقة بين الإخوان و إيران و الدعم الذي تتلقاه الجماعة و التي شكلت محور اتصالات اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية مع رئيس الاستخبارات الإيرانية و هذا يفسر الخرجات الإعلامية لرموز التيار على الأنظمة العربية الرسمية خصوصا محور دول الاعتدال.
هكذا تظهر الصورة الحقيقية لجماعة الإخوان المسلمين و أجندتها السياسية و الإقليمية و هو انكشاف يطرح سؤالا رئيسيا مفاده هل انتهى الإخوان المسلمون ؟
التعليقات (0)