مواضيع اليوم

ارحـــــــــــــــــــــــــــــل!

حنان بكير

2011-05-01 18:33:13

0

  

يبدو أن وزير الجالية  بالخارج ، محمد عامر،  قرر أن يكون خارج المغرب و في الآن نفسه خارج  التغطية ،  ولهذا لم يكن بمقدوره أن  يتلقف ويفهم  هذا الكم الهائل من  الرسائل التي تبعث بها الجماهير الغاضبة   لحكومته عبر شوارع المملكة، فما كان عليه، إذن، الا  أن يُجبَر على  استقبال سيل غزير من صرخات الاحتجاج والسخرية من لدن الجالية المغربية المقيمة  بإيطاليا،  على الهواء مباشرة،  بمجرد ظهوره على منصة أعدت لحفل فني على هامش معرض بميلانو،  مطالبة إياه  بالمغادرة الاجبارية  ورافضة السماح له بإلقاء كلمته.  

غادر محمد عامر المنصة، دون ان يستطيع القاء كلمته، وتركها للمغني" الستاتي" الذي أفلح في تهدئة  الجمهور الذي حضر خصيصا  للاستماع الى أغانيه

لقد اتضح الان أن سحب الغضب المغربي وصلت الاجواء الاوربية، دون الحاجة الى تأشيرة طبعا، لتخلف مطرا من الكلمات الرافضة للغة الضحك على الذقون التي  ما فتا وزراء الحكومة يتقنون الحديث بها في حضور المواطنين.

 ولهذا وجب على  وزراء الحكومة الحالية أن يفهموا أنهم  أصبحوا ضيوفا غير مرحب بهم حيثما حلوا وارتحلوا، وأن يبادروا الى الرحيل قبل أن تضطره أصوات الغضب  على فعل ذلك مجبرين لا أبطالا.

انه لمن غير المفهوم أن تظل هذه الحكومة الفاشلة تصارع من أجل البقاء أمام هذه الامواج  العارمة من الاحتجاجات التي تطالبها بالرحيل غير آبهة بحجم الخسائر والاخطار التي تتهددنا جميعا من جراء وجودنا على سفينتها المهترئة.  فالمطلوب اليوم قبل الغد هو رحيل الحكومة الحالية و تشكيل حكومة وحدة وطنية، باعتبارها  القنطرة الضرورية و السليمة التي بإمكانها أن  تضمن  مرور وعبور كافة الحساسيات السياسية بسلاسة من أجل المساهمة جنبا الى جنب في  بناء المرحلة القادمة.

فحجم الإنتظارات و أهميتها  تستلزم أن تسهر حكومة جديدة تحظى بثقة عامة الشعب على الاعداد الجيد للاستحقاقات المقبلة،   ولعل أهمها مشروع  دستور جديد سيدخل المغرب مرحلة جديدة  إذا ما حظي بقبول شعبي في محطة الاستفتاء القادمة.

واذا كان الوزير الاول، عباس الفاسي، طالب قبل أسبوع  بتنظيم انتخابات حتى قبل قدوم 2 201 ،وهو الموعد الذي كان مقررا للانتخابات التشريعية، قبل وصول رياح التغيير الى الاجواء المغربية، فكان الاولى أن يبادر باستقالته منذ مدة ويريح المغاربة من عبء الخروج للاحتجاجات وتكاليفها الباهظة  التي تكلف ميزانية الدولة خسائر فادحة وهي التي تعاني اصلا من ثقوب الفساد و من عجز يقدر ب 25 مليار درهم يهدد  سقوط خزينة أثقلتها  الديون.

 فحكومته الفاشلة التي يتراسها حزب الاستقلال   لم تعد تتمتع بما يكفي من هامش للمناورة في مواجهة شارع يبدو أكثر قوة وتنظيم، بل و  أصبحت تعاني تحت ضغط شعبي  متزايد  يضيق  الخناق يوميا على عنقها الذي عجز عن تحمل   الأمانة وحسن تدبيرها.

إن حكومة  البطة العرجاء  هي عنوان أزمة حقيقية تضرب المغرب،  وأصبحت مصدر تهديد حقيقي للاستقرار الاجتماعي، فاستمرارها  في هذه الظروف الصعبة لن يزيد الا من استمرار الاحتقان في الشوارع  المغربية التي تخترقها  الثغرات الواسعة ، في ظل تقصير الاجهزة الامنية، التي تسربت عبرها العناصر الإرهابية و استهدفت مقهى" أركانة" بمدينة مراكش مؤخرا،  ناهيك عن  القوى الخفية والنافذة التي تتحصن خلف متاريس نفوذها القوي و  تستغل هذه الظروف التي لا يبدو أنها تخدم مصالحها المهددة بمشروع الاصلاح الدستوري، ما يدفعها اليوم بالمحاولة وتكرارها، و  بكل الوسائل، لعرقلة عجلة التغيير بإلقاء المزيد من العصي في طريقها.

 

فاذا كان الملك قد اتخذ قرارا شجاعا وتاريخيا شق به منعطفا باتجاه إصلاح دستوري ، و جنب المغرب التعرض لأعراض أكثر قساوة كانت من الممكن أن تتمخض عن  عدوى الثورات التي اجتاحت العالم العربي ،  فانه من اللازم على كل القوى الحية  العمل على حماية هذه الثورة البيضاء من خلال تحييد هذه الحكومة التي تعتبر حجرة عثرة على طريق الاصلاح والتغيير. فالانسياق وراء الحديث عن مغرب ما قبل خطاب التاسع من مارس عوض اللحاق بركب الاصلاحات التي تجاوز به الملك حركة الاحزاب السياسية البطيئة ليعتبر خدمة مجانية   لكل اولئك الواقفين على طول الطريق في انتظار عجلة الاصلاح وعرقلتها في أي فرصة تتاح أمام أذرعهم الطويلة.

          

فالمخاض  الدقيق الذي يجتازه المغرب حاليا يحتاج الى حكومة مؤهلة وقادرة على حماية جنين ديمقراطي سيحتاج هو الاخر، بعد أن يرى النور، الى المزيد  من الرعاية والعناية، بعد ولادة ستكون حتما  قيصرية ، في انتظار أن ينتزع شرعيته عبر استفتاء شعبي حتى لا يجهض في خضم بحثنا التافه عن شكله الذي لم يتشكل بعد




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !