قرأت كلمات (نزار النهرى)حول حرية المعتقد(المزعومة)فى الأسلام ولم أحزن ولم أفاجأ.فالإسلام مستهدف منذ جاء ,وهل هناك رسالة سماوية لم تتعرض للهجوم ؟بل هذا شأن الدعوات الإصلاحية البشرية ,فلا عجب إذن أن يتقول نزار أو غيره على الإسلام بما ليس فيه.
ولكننايجب فى البداية أن نسلم لنزار وأمثاله(ولاأقصد أى إهانة)بحقهم فى أن يقولوا مايريدون ,وحقهم أن نسمعهم ,فهذا هو أدب الإسلام ومنهج القرآن,وأدعو نزاراإلى قراءة مقالى(القرآن والآخر) ليعلم أن القرآن اهتم بآراء المخالفين ورد عليهم ولم يتجاهلهم,وهذا مبثوث فى كثير جدا من آياته بل هو أحد أغراض القرآن,ولو كان الإسلام يدعو لتكميم الأفواه لتجاهل آراء الكافرين بالله ,ولكنه سجلها كما سجل شتائمهم للأنبياء,فهل يمكن أن نسلم لنزار بدعواه أن الإسلام يناكد حرية المعتقد؟أما آية سورة المجادلة التى يحاج بها فليست دعوة إلى القتل كما يزعم وإنما هى إشادة بمن ارتفعت درجة الإيمان فى قلبه على حبه لأبيه وأخيه وذوى قرباه,وأسأل نزارا:ترى لو أن ابنك الذى هو من صلبك فقد صوابه وصوب إليك مسدسا ماذا كنت فاعلا؟ أكنت تفتح صدرك له وأنت تعلم أنه فقد صوابه وقد يفعلها؟أم تبادر إلى كبح جماحه وإنقاذ نفسك ونفسه؟ هذا ما حدث بالضبط من أبى عبيدة بن الجراح رضى الله عنه حين واجه أباه فى غزاة بدرالكبرى وقد أعمل السيف فى المسلمين,وهو يحتمى بحب ابنه المشهور له,إن الرجل -فى هذه الحالة-مخير بين أمرين:أن يدع أباه يقتل أصحاب الحق -كما يراهم-أو أن يكفه عن هذا العدوان ,وقد اختار أبو عبيدة الصواب الذى أثنى عليه الله.إن هناك لحظة فارقة توجب على الإنسان أى إنسان أن يختار ماهو جدير بالاختيار وإن كان مرا.وسؤال آخر لنزار:ترى لو أن أبنك كان إرهابيا فجر كنيسة أو مسجدا أو ملعب كرة قدم وقتل الأبرياء أكنت تحميه يا نزار؟أم تسلمه للعدالة؟ولوحكم عليه القاضى بالإعدام أكنت ترفض هذا الحكم؟ أدعوك بدعاية الإسلام أن تحكم عقلك لاهواك ولاغرامك بمجرد النقد,أما تجاهلك لأسباب نزول بعض الآيات فأنت حر فيما تذهب إليه ولكن لاتزعم أنك وحدك تملك الحقيقة خاصة أنك -كما يبدو من كلامك-أنك لاتملك الأدوات الكافية لفهم النص القرآنى(ومرة أخرى لاأقصد الإهانة).يانزار,إن كل الآيات التى تدعو إلى القتال(وليس إلى القتل)إنما جاءت فى معرض الدفاع عن النفس,وإزاحة الطغيان الذى يقف حائلا ضد إبلاغ كلمة الله إلى الناس,بمعنى أنه إذاسمح الآخر بإبلاغ كلمة الله إلى الناس -كما هو حاصل الآن فى ظل ثورة المعلومات والاتصالات)فلا مجال للقتال .إلا إذا هوجمت بلاد الإسلام فلا مناص وهذا مسلم به,إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو منفذ القرآن خير دليل على أنه"لاإكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى"فقد كان الأقوى فى المدينة فلم يرفع سيفا إلا ردا لعدوان,وأذكر لنزار مثلا رائعا لمنهج الإسلام فى حرية المعتقد:فقد كان بعض الأنصار يدفعون أولادهم إلى يهود المدينة رغبة فى تعليمهم فلما غدر يهود بنو النضير وحكم عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بمغادرة المدينة خرج معهم أبناء الأنصارالذين كانوا فى رعايتهم فهم آباؤهم أن يردوهم فنهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم وتركهم يرحلون. فهل يقال -بعد كل ذلك-أن الإسلام ضد حرية المعتقد يانزار؟اااهداك الله.
التعليقات (0)