خريف العطاء
العطاء من أجمل ما تقدمه النفس البشرية ، وهو عملة أساسية تقوم من خلالها كثيراً من المعاملات الإنسانية .
و الأخذ والعطاء صفة متأصلة فينا جميعاً ، وغالبا ما يكون له فترات مزدهرة وفي أوقات أخرى يتراجع أو ربما تجف ينابيعه .
ويتضح ذلك عندما نتعرف على صديق جديد حيث تكون على الأغلب فترة العطاء الأولى مزدهرة ومنتعشة ومتبادلة أيضاً إلى أن تخمد أو تموت.
ولعل أكبر مثال على ذلك هي الصداقات التي ينفك عراها بعد التخرج حيث يكون العطاء فيها مثمر كفاكهة الصيف وما أن تنتهي الحاجة حتى يصبح خريفا ويتفرق بعدها القوم ويذهب كلا في طريقه بحثا عن فصل آخر في العطاء.
أما علاقات العمل ومعاملات الأقارب فهي تمثل ربيع العطاء ، صحيح أنه جميل وربما دائما لكن الفائدة المادية منه قليلة أو شبه معدومة فغالبا ما يتمثل في مجاملات أو ابتسامات أو كلمات دعم أو تشجيع لا أكثر والأسوأ أنها سريعة الاختفاء تماماً كالربيع!!!!
وحين يحل الشتاء في العطاء فنادراً ما يذوب فكثير من العلاقات نراها تتجمد أمام أعيننا حين تنتهي المصلحة دون رغبة منا ، وحينها لا نملك إلا أن نجمد بقية مشاعرنا تجاه الشخص الذي لم يحتمل شح العطاء, ومهما طالت بعدها السنين وحلت الأيام نعرف أنه لا يمكن أبداً نسيان أن العطاء تجمد مع ذلك الشخص ذات يوم .
ولعل مرورنا بكل تلك الفصول أمر ضروري لحياتنا كي نتمكن من التميز بين نوعيات الأشخاص المختلفة وأي نوع من العطاء يجب أن يحصلون عليه لأن العطاء الحقيقي لا يجب أان يتجمد وحتى لو أصبح خريفاً لا يجب أن نفقد علاقتنا بالشخص فقط لأن عطائه أصبح جافاً لأن العطاء جسر يصل بين الناس لكنه لم يكن الدعامة أبداً.
التعليقات (0)